اكتشاف عشرات الجثث بجبال تبسة، توقف القصف وبداية مفاوضات لاستسلام 300 إرهابي جزائري

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 11 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 12 مايو 2003 كشفت مصادر جزائرية لـ«البيان» إن مفاوضات انطلقت منذ أسبوع مع قيادات إرهابية من الجماعة السلفية للدعوة والقتال بجبال تبسة في أقصى شرق البلاد، بلغت مرحلة متقدمة قد تنتهي باستسلام نحو 300 من أفراد الجماعة تحاصرهم قوة كبيرة من الجيش منذ أسابيع. وقالت المصادر إن القيادات الارهابية كانت قد عبرت عن استعدادها للاستسلام الفوري على أن يطبق عليها العفو العام المتضمن في قانون الوئام المدني. ولاحظ السكان بالمنطقة في الأيام الأخيرة توقفا تاما للمعارك وغياب المروحيات التي كانت تراقب تلك الجبال. فيما ظلت القوات العسكرية الكبيرة التي تنتشر في محيط الموقع المحصور في مكانها. و كانت مواقع عديدة بجبال «الأبيض» و«الجرف» و«الدكان» و أنوال «قد شهدت خلال الشهرين الأخيرين قصفا مكثفا بالطيران الحربي وبالمدفعية الثقيلة، أوقع عددا غير معلوم من القتلى في صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وأوردت آخر الأخبار أن قوات الجيش عثرت على نحو أربعين جثة منتشرة على سفوح تلك الجبال بلغت درجة متقدمة من التعفن ما يعني أنها سقطت في بداية الهجوم مطلع مارس الماضي. وانطلقت هذه العملية العسكرية التي وصفت لدى الدوائر الأمنية بالكبرى على إثر معلومات أكيدة بدخول مئات من الإرهابيين وقياداتهم المنطقة بغرض عقد مؤتمر لإعادة انتشار كتائب الجماعة في مناطق شرق الجزائر ربما بسبب الحصار الكبير المضروب على مواقعها بمنطقة القبائل وسط البلاد، ودك قواعدها في معظم أماكن تواجدها بالغرب خاصة في الشلف وعين الدفلة وغليزان وسعيدة وسيدي بلعباس. وأوردت المعلومات التي وصلت مصالح الأمن بأن عبد الرزاق البارا أمير منطقة الشرق في الجماعة السلفية وهو ضابط سابق في سلاح المظليين يوجد من بين الوافدين. وبعد حصار دام نحو شهرين وقصف دائم حول تلك الجبال إلى جحيم حقيقي أرسلت القيادات الارهابية إشارات للاستسلام مقابل العفو الذي يقره قانون الوئام المدني. وفي ظل تكتم تام عن حقيقة الموقف جرت الاتصالات على أكثر من صعيد للاجتهاد في هذا الموضوع كون القيادة العسكرية الميدانية غير مخولة باتخاذ القرار، ولا قادرة على القبول أو الرفض. فالمسألة غدت تتصل بقانون كان ساري المفعول وهو قد حدد لنفسه مدة تتيح للمستسلمين الاستفادة من العفو. لكن تلك المدة تجاوزها الوقت اليوم. بيد أن طلب 300 إرهابي من بينهم عشرات من القياديين الاستسلام أمر مهم ويستوجب الاجتهاد لإيجاد مخرج يسمح بتجسيد الصفقة. فالعدد هو نصف تعداد الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسب إحصائيات قدمها جنرالات في الجيش خلال مؤتمر عالمي حول الارهاب عقد بالجزائر الخريف الماضي. ويكون أمر اتخاذ القرار هو الدافع الذي جعل القائد العام للناحية العسكرية الخامسة الكائن مقرها بقسنطينة كبرى مدن شرق البلاد ينزل في نهاية الأسبوع الماضي بمدينة تبسة و بميدان العمليات. ولم يعرف بعد ما إذا كانت السلطات قد أطلقت الضوء الأخضر لاستلام المستسلمين أم لا لكن المتتبعين يعتقدون أن المسألة ستحسم بتبني موقف يتطابق مع مساعي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الرامية إلى ترك باب «التوبة» مفتوحا أمام الإرهابيين للكف عن نشاطهم وإن أدى ذلك إلى الإخلال بالقانون من أجل الصالح العام. وقد تنتهي المسألة خلال هذا الأسبوع، خاصة وأن العملية تأتي متزامنة مع حادثة اختفاء 31 سائحا أوروبيا في الصحراء الجزائرية تضاربت الأقوال حول مصيرهم، ومن بين الاحتمالات التي ترجحها الدوائر الغربية خاصة في ألمانيا والولايات المتحدة أن يكونوا قد وقعوا بين أيدي جماعات إرهابية قريبة من تنظيم القاعدة يعتقد أنها تنشب بالساحل الإفريقي ومنطقة الصحراء الكبرى التي تشغل الجزائر الحيز الأكبر منها. وإذا تم التعامل بنجاح مع استسلام هذا العدد الكبير في تبسة بتوفير ضمان العفو، فإنه من المحتمل أن تكون لها آثار إيجابية على قضية السياح المفقودين إن هم سقطوا فعلا بين أيدي جماعات إرهابية بحيث يعرض الإفراج عن الأسرى مقابل أن ينسحب عليهم قانون العفو، وهذا هو الاتجاه الوحيد الذي يمكن من إنقاذهم دون اللجوء إلى القوة العسكرية كما يريد الألمان والنمساويون وبقية البلدان المعنية بالموضوع. الجزائر ـ مراد الطرابلسي:

Email