المعارك أكثر سخونة على جبهة رامسفيلد ـ الصحاف

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 4 صفر 1424 هـ الموافق 6 ابريل 2003 حتى قبل أن تبدأ الحرب المستعرة الآن في العراق، بدأت لعبة الأكاذيب، والأكاذيب المضادة، ومن ثم التكذيبات المتبادلة، لما يصدر عن الجانبين، فأثناء جولات التفتيش الممتدة على مدى نحو عقد من الزمان، تبادلت واشنطن وبغداد «قصف التصريحات»، لكن مع بدء المعارك العسكرية اتخذ الأمر شكلاً جديداً، ومضموناً مختلفاً، فبينما تضاربت التقارير الواردة من هنا وهناك بدءاً من قصة فرار طارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي الى منطقة الشمال الواقعة تحت سيطرة الاكراد، فقد أشارت تقارير أخرى الى ان عزيز قد يكون قتل فقد اتضج لاحقاً عدم صحة المعلومات من اساسها، وظهر عزيز لاحقاً في لقاء متلفز مع عدة محطات. ورد ذلك في تقرير نشر أمس على موقع «إيلاف» الالكتروني. ولعل المثير في الحكاية أن وكالة الأنباء الالمانية كانت هي أول من بث نبأ فرار طارق عزيز إلى كردستان العراق، ونقلت عن إسماعيل زاير الذي وصفته بأنه رئيس المنبر الديمقراطي العراقي تصريحات عن فرار عزيز، وقالت انه أدلى بها في حديث للتلفزيون البلغاري الخاص، وقال زاير ان اطلاق نار واجه نائب رئيس الوزراء العراقي وقد يكون اصيب، ونفى العراق هذه التقارير وقال عدي الطائي المسئول بوزارة الاعلام ان عزيز يواصل مهام عمله في بغداد، واضاف ان هذا ليس سوى احدث «كذبة» ضمن «اكاذيب» وحملة دعائية ضد العراق. في الجانب الآخر سارع دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي إلى النفي بشدة تسريبات عراقية بأن بغداد رفضت طلباً لواشنطن بإجراء مفاوضات لوقف الحرب، إدراكاً من واشنطن أن مثل هذه الأنباء التي تبثها وسائل الإعلام ويشاهدها الملايين خصوصاً في هذه الأوقات الحرجة والتي تستعد فيها القوات الأميركية لاقتحام بغداد من شأنها أن تضر بالحملة على العراق وتقوضها، فضلاً عما ستتركه من آثار في نفوس ملايين الأميركيين الذين يتابعون الحرب الدائرة بقدر ليس قليلاً من القلق والتوجس. أما محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي، ففي كل مؤتمر صحافي يعقده في بغداد يبدأ بتفنيد انباء أميركية وبريطانية نافياً سقوط أي مدينة ومعتبراً أنها مجرد «أكاذيب وسخافات»، ثم يوجه سيلاً من القذائف المضادة لمعلومات يتضح لاحقاً أن بعضها صحيح بالفعل، وبعضها الآخر ليس فوق مستوى المبالغات، هذا فضلاً عن سلسلة الشتائم التي يمطرها يومياً من قاموسه المتفرد الذي أعاد فيه إلى الذاكرة تعابير مثل «العلوج». وفي معرض ذلك نفى الصحاف اتهامات أميركية لروسيا، عن وجود خبراء اسلحة روس على اراضي العراق ووصف هذه الانباء الاميركية في هذا الشأن بأنها «اكاذيب»، وكان الصحاف يرد بذلك على سؤال حول اتهامات اميركية بوجود خبراء روس في العراق لتشغيل اسلحة روسية من بينها اجهزة تشويش على انظمة تحديد المواقع وصواريخ مضادة للدروع، وتعتبر انظمة تحديد المواقع بالاقمار الاصطناعية الشديدة الدقة والدبابات المنتشرة في الصحراء والقوات الخاصة من ابرز عناصر التكنولوجيا الاميركية في هذا النزاع. كما نفى الصحاف أيضاً اتهامات أميركية لسوريا بتزويدها بغداد مناظير رؤية ليلية، وذلك في هجومين علنيين مركزين حذر فيهما كل من وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول دمشق من أنها ستتحمل عواقب سلوكها اثناء الحرب، لكن سوريا نفت اتهامات رامسفيلد بأنها تمد بغداد بأسلحة من بينها معدات للرؤية الليلية فيما وصفه بأنه عمل معاد قد يعرض الجنود الاميركيين للخطر. وعلى الجانب الآخر، وبينما يحرص الأميركيون من جانبهم على ان تكون صورتهم جديرة بالاحترام وعلى ابراز حسن نواياهم وسيطرتهم التامة على الامور فقد ركزوا بياناتهم العسكرية على الجوانب الفنية لسير العمليات الحربية في العراق واستغل الجنرال تومي فرانكس فرصة المؤتمرات الصحافية التي يعقدها دوما لاستعراض التقدم الذي تحرزه قواته ودقة الاهداف التي يتم قصفها من خلال عرض صور ملتقطة بالاقمارالصناعية لاتقنع سوى الخبراء القادرين على تحليلها وبيان صحتها من عدمه. الجانب العراقي يحرص هو الآخر على التركيز على حجم الضحايا المدنيين لعمليات القصف التي تستهدف الاحياء السكنية من خلال دعوة الصحافيين والمراسلين الاجانب الى تفقد مواقع القصف على الطبيعة. ومما لا شك فيه أن الصورة تلعب هنا دورا كبيرا لتأكيد بيانات ارتفاع اعداد الضحايا سواء من القتلى أو الجرحى من المدنيين لحرب حاولت أميركا تصويرها على أنها حرب تحرير في حين انه يصعب عليها ادارتها مثلما تتسبب زيادة اعداد ضحايا النيران الصديقة والاخطاء الفنية في اثارة مشاعرعائلات جنود قوات التحالف والرأي العام. ويرى الخبراء ان التحكم في بث مثل هذه الصورة والانباء الخاصة بضحايا النيران الصديقة يبدو شديد الصعوبة في وقت اختار فيه الأميركيون تطبيق استراتيجية اعلامية تقضي باصطحاب عدد من المراسلين الصحافيين ضمن الوحدات المقاتلة، وقد تحول هؤلاء مع التطورات الجارية في ساحات القتال الى شهود عيان على الاخطاء وعلى ضحايا النيران الصديقة وهو مايجعل التنظيم الاميركي للتغطية الاعلامية للحرب الذي كان يفترض قيامه بتقديم جرعة اعلامية محسوبة مابين التحكم في الانباء وحرية الحصول عليها يبدو في حيرة بالغة. وفي اللعبة هذه أيضاً فقد نقلت وكالة (فرانس برس) عن افراد من موكب الدروع البشرية الذي وصل الى عمان قادما من العراق قولهم ان الموكب لم يتعرض لهجوم من طائرة عسكرية اميركية خلافا لما كان اعلن عنه وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف. وقام 14 اميركيا وبريطانيا وكنديا وايرلنديا وكوريا بالرحلة بين بغداد وعمان على متن ثلاثة باصات صغيرة ولم يتعرضوا لأي هجوم، حسب ما قال الاميركي سكوت كير أحد اعضاء الوفد لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال كير المتحدر من شيكاغو والبالغ من العمر 27 عاما «لقد شاهدنا حطام سيارات محروقة على بعد نحو مئة كيلو متر قبل الحدود الاردنية غير اننا لم نشهد اي عمليات قصف. من الجانب الآخر كذب المراسل العسكري لشبكة «سي ان ان» الاخبارية الأميركية ما سبق ان ذكرته التقارير الصحافية والتي افادت بقيام فدائيو صدام باستخدام مسجد الامام على في النجف لشن هجمات من داخله على القوات الأميركية. إيلاف

Email