مشاركة بوتفليقة في قمة الفرانكوفونية تجدد جدل الجزائريين حول الهوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 11 شعبان 1423 هـ الموافق 17 أكتوبر 2002 أحيت المشاركة المحتملة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قمة الفرنكوفونية التي ستعقد في بيروت ليكون اول رئيس جزائري يحضر مؤتمرا من هذا النوع، جدلا قديما في الجزائر بين مؤيدي اللغة الفرنسية ومعارضيها في هذا البلد. وتشكل الفرنسية التي يعتبرها البعض «لغة القوة المحتلة» ويرى فيها آخرون «لغة العلوم والانفتاح على العالم» ويتكلمها معظم الجزائريين، محور الجدل الحاد الذي يدور في هذه المناسبة. وجاءت مسألة مشاركة بوتفليقة في قمة الفرنكوفونية التي اعلن عنها في بيروت ولم تؤكد رسميا في الجزائر حيث جرى الحديث عن دعوة تلقاها الرئيس الجزائري، بعد قرار بتعليم اللغة الفرنسية اعتبارا من السنة الثانية في المدارس. وأيقظ ذلك المشاعر القديمة المتعلقة بالهوية الثقافية. ودفع مجرد الاعلان عن الدعوة التي وجهها الرئيس اللبناني اميل لحود الصحف التي تصدر باللغة العربية الى القول ان الجزائر ستنضم الى الفرنكوفونية وان الفرنسية ستتفوق على اللغة العربية. وضاعف المتمسكون بالتعريب وعلى رأسهم وزير التربية الوطنية الاسبق علي بن محمد والاسلاميون التصريحات المناهضة لتعليم اللغة الفرنسية معتبرين ان ذلك يشكل «تنازلا» للقوة الاستعمارية السابقة ولانصار اضفاء الطابع الغربي على الجزائر الذين يطلق عليهم اسم «حزب فرنسا». وجعل الشيخ عبد الله جاب الله زعيم حركة الاصلاح الوطني الذي اصبح خلال اشهر زعيما للتيار المعارض للغة الفرنسية، من رفض الفرنكوفونية احد المحاور الكبرى في الحملة للانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت في مايو واكتوبر الماضيين. وقد فازت في الاقتراعين جبهة التحرير الوطني التي يعتمد القدامى فيها الذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ كبير، وجهة النظر نفسها. ويبرر انصار التعريب مخاوفهم بالتشديد على قانون حول تعميم اللغة العربية اعتمده البرلمان في 1990 ولكنه لم يطبق رغم صدور قانون خاص لدخوله حيز التنفيذ في 1998. وتجاهل الرئيسان محمد بوضياف الذي اغتيل في يونيو 1992 وبوتفليقة بعد انتخابه في ابريل 1998، هذا القانون. ولا يتردد بوتفليقة في «انتهاك احد المحرمات» على حد تعبيره واستخدام اللغة الفرنسية في الحديث علنا وعلى شاشة التلفزيون وفي الاجتماعات حسب الحضور. وترى وسائل الاعلام العامة التي فرض عليها استخدام اللغة العربية في موقف بوتفليقة مؤشرا على ضرورة العودة الى الفرنسية على حساب تيار التعريب. ويتابع الجزائريون الناطقون طوعا باللغة الفرنسية وخصوصا في منطقة القبائل (شرق العاصمة) بشغف محطات التلفزيون الفرنسية والناطقة باللغة الفرنسية التي يشاهدونها بواسطة الاقمار اللاقطة. وتساهم صحف تصدر باللغة الفرنسية من بينها اكثر من عشرين صحيفة يومية في حماية استمرارية اللغة الفرنسية في الجزائر. يذكر ان الجزائر ابتعدت عن الفرنكوفونية منذ استقلالها في1962 بقيادة الحزب الحاكم الوحيد جبهة التحرير الوطني والتيار القومي للرئيس هواري بومدين (1965-1978). وكان بوتفليقة اول رئيس جزائري يحضر اجتماعا مرتبطا بالفرنكوفونية بتوجهه في يناير 2001 الى ياوندي لحضور القمة الفرنسية الافريقية الحادية والعشرين. لكنه عبر في مايو 2000 في اوتاوا عن تحفظات على تحول الفرنكوفونية الى «مؤسسة سياسية». وقال «بالنسبة لنا بدأت الفرنكوفونية مؤسسة ثقافية. لكنها تحولت من مؤسسة ثقافية الى مؤسسة سياسية». أ.ف.ب

Email