دافع عن استمرار العلاقات مع اريتريا وانتقد تقليص العامل العربي في التسعينيات، وزير الخارجية السوداني يشرح تحفظاته وأسباب صمته ابان توقيع ماشاكوس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 4 شعبان 1423 هـ الموافق 10 أكتوبر 2002 أعطى مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني اشارة قوية باستئناف المفاوضات في الرابع عشر من اكتوبر بالتوقيع قبيل بدايتها على وقف العدائيات «حتى قبل نصف ساعة أو يوم من بدايتها». وقال عثمان في لقاء مطول بثه الليلة قبل الماضية التلفزيون السوداني انهم فوجئوا باعلان الموعد بواسطة المبعوث الكيني بما يعني موافقة الحركة على مطالب الحكومة لاستئناف المفاوضات، حيث «لا شيء يجعلنا نكذب المبعوث سيبمويا»، وأبان الوزير ان المبعوث كان قد اخطر الحكومة السودانية انه سيلتقي بجون قرنق قائد حركة التمرد واراب موي الرئيس الكيني، يكون بعده تحديد موعد التوقيع على استئناف المفاوضات، ولكن اعلان المبعوث بالموعد الجديد كان سريعاً وبعد عودته مباشرة، ولكن حتى الآن لم يصل أي رد مكتوب للحكومة. وأضاف وزير الخارجية لم نستنكر الاعلان عن موعد استئناف المفاوضات ولكننا تفاجأنا بإعلان الموعد. وعلى هذا السياق ورداً على سؤال حول صمت الوزير مصطفى عثمان في أعقاب اتفاق ماشاكوس لم يخف الوزير تحفظاته على مسار اتفاق ماشاكوس، حيث ذكر في حوار تلفزيوني بالخرطوم انه كان يرى من الأوجب أن يتم التوقيع الجزئي على بعض نقاط القضايا، بدلاً من الانتظار الى حين اكتمال الاتفاق على كل النقاط المطروحة، كما كان يرى ان يتم الاتفاق على وقف اطلاق النار أولاً. وبما يوحي بأنه تفاجأ بالتوقيع على الاتفاق وكذلك علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية قال الوزير انهما كانا في زيارة خارجية ولم تكن هناك توقعات بتوقيع اتفاق بين الحكومة والحركة، في حين رأى الوفد الحكومي بنيروبي مع الأخوة في القيادة بالداخل أن يتم التوقيع على اتفاق ماشاكوس. ونفى الوزير أن تكون وزارة الخارجية بعيدة عن ملفات التفاوض عبر متابعاتها وسفرائها ولكنه قال ان ملف التفاوض من اختصاص مستشار السلام. وشرح الوزير تحفظه الثالث الذي يتضمن عدم حماسته لتقرير المصير الذي ورد في صيغة ماشاكوس بأنه كان يرى أن تتوصل كل الأطراف السودانية الى تراض يؤدي الى الوحدة الطوعية من غير طريق الاستفتاء، ولكن المفاوضات مضت في طريق يجعل الحل يمر عبد الاستفتاء. وأوضح ان هذا الأمر احتاج الى نقلة كبيرة ومراجعة في وزارة الخارجية التي كانت قد بنت كل مواقفها وملفاتها على خيار الحل السياسي الشامل من غير حاجة للاستفتاء على تقرير المصير. وأضاف الوزير ان هذا العمل ربما كان من بين أسباب الصمت الذي لوحظ عليه بعد توقيع ماشاكوس. وفي انتقاد لافت لسياسات الانقاذ خلال سنواتها السابقة قال الوزير ان ما أضر السودان خلال التسعينيات هو تقليص العامل العربي والاهتمام بالجانب الافريقي الذي جاءت منه فيما بعد كل العداوات والغزوات، مثلما حدث من أوغندا واريتريا. وامتدح الوزير الحل العربي لشموله كل الأطراف وعدم ذكره لتقرير المصير في اشارة للمبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة التي قال انها جاءت بحل شامل وبمشاركة لكل الأطراف، في حين اقتصرت الايغاد على الحكومة وحركة التمرد وحدهما. وكشف الوزير ان هاري جونستون المبعوث الأميركي السابق في ادارة كلينتون أخبره بأن «المشتركة» لا فرصة ولا مكان لها وان جون قرنق أبلغه بأنه قبل بها تكتيكاً لتحييد مصر وليبيا والحفاظ على مظلة المعارضة الشمالية حتى يستطيع نقل الحرب الى الشمال ولمنع العنصر العربي من أن يتحول الى داعم للحكومة، وهو لذلك ـ أي قرنق ـ لن يمضي في اجراءات عملية لانفاذ المبادرة على أرض الواقع. وأبدى الوزير استغرابه لنقد الحركة للموقف العربي في حين انها وافقت عى المبادرة المشتركة رغم خلوها من تقرير المصير وكنا وقتها لم نتوقع موافقة حركة التمرد على المشتركة، إلا ان قرنق وافق على المبادرة. وقال الوزير انه لا حكومة رشيدة تفرط في وحدة السودان ومهمة وزارة الخارجية هي الحفاظ على وحدة التراب. ودعا الوزير الى ضرورة الموازنة بين العامل العربي والافريقي. وقال الوزير على صعيد آخر ان الادارة الأميركية رفضت طلباً للحكومة الايتيرية لفتح جبهة عسكرية ضد السودان وأبلغتها بأنها ان فعلت ذلك فعليها أن تتحمل النتائج والتبعات. وحول معارك شرق السودان قال مصطفى عثمان ان العدوان جاء في وقت حرج كانت القوات الحكومية فيه تركز على قطاع توريت ولكن جون قرنق ذهب الى أسمرا وطلب فتح جبهة في الشرق بعد أن تلقى ضربات موجعة في توريت والنيل الأزرق. وعلى صعيد آخر ذكر وزير الخارجية انه التقى بمحمد عثمان الميرغني زعيم التجمع الوطني ونقل اليه ان الحكومة ليس لديها مشكلة في اشراك القوى السياسية والمفاوضات بماشاكوس، ولكن هناك عقبة رئيسية حيث تنص مبادرة الايغاد على حصر المفاوضات بين الحكومة والحركة ولا حل إلا بتغيير مبادرة ايغاد وهذه مسئولية الوسطاء والراعين لا مسئولية الحكومة. وقال انه قال للميرغني أنت معارضة مسلحة وحليف لقرنق وينبغي أن تبحث معه كيف تشاركون في اطار المبادرة، حيث لا يمكن للميرغني أن يأتي ضمن وفد الحكومة ولكن اذا وافق الطرف الآخر فيمكن وضع لافتة التجمع في وفد الحركة. وقال الوزير ان التحدي هو كيفية اشراك المعارضة الداخلية وهو تحد «لنا وللأحزاب» ونحن لسنا مع عزل أي جهة والحل المثالي كما أكرر هو أن يتم الحل الشامل بموافقة الجميع. وأضاف الوزير «لافتتنا يمكن أن تسع المعارضة الداخلية». وكشف الوزير من جهة أخرى عن مشاركة فعلية لجنود اريتريين في العمليات التي جرت بشرق السودان «وسيتم عرضهم من خلال أجهزة الاعلام». ورفض الوزير خيار قطع العلاقات الدبلوماسية مع اريتريا وأكد على ضرورة وجود قنوات مفتوحة لتبادل الرسائل والمعلومات باعتبار ان قطع العلاقات خيار يأتي في خاتمة المطاف، ونفى أن تكون كسلا مهددة بالاحتلال. الخرطوم ـ «البيان»:

Email