نصر دبلوماسي أميركي عشية كلمة بوش «المهمة»: بليكس يؤيد وجهة نظر واشنطن بشأن قرار جديد، بغداد لا تعلق واتجاه داخل مجلس الأمن إلى القبول بقرارين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 29 رجب 1423 هـ الموافق 6 أكتوبر 2002 يلقى الرئيس الأميركى جورج بوش كلمة وصفت بأنها مهمة غداً الاثنين يقدم فيها المزيد من المبررات حول العمل العسكرى المحتمل أن تشنه الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين الرئيس العراقى بزعم ارغام بغداد على نزع أسلحة الدمار الشامل والتقيد بالقرارات الصادرة من الأمم المتحدة. تأتى كلمة بوش المرتقبة، والمنتظر أن تتجاوز العبارات الرنانة التى حفلت بها الكلمات التى يتحدث فيها عن العراق منذ عدة أسابيع، عقب تحقيق الولايات المتحدة تقدما أو نصرا دبلوماسيا جديدا بعد أن اتفق هانز بليكس كبير المفتشين الدوليين مع كبار مسئولى ادارة بوش على تأجيل عودة المفتشين للعراق حتى صدور قرار جديد. ووصف اللقاء الذى جمع بين بليكس من ناحية وكل من كولين باول وزير الخارجية الأميركى وكوندوليزا رايس مستشارة الأمن بول وولفويتز نائب وزير الدفاع الأميركى بأنه بناء للغاية من وجهة النظر الأميركية. وحرص الجانب الأميركى خلال اللقاء على اجراء ما وصفه مسئول أميركى بمناقشات عملية حول وجهة نظر واشنطن بأن يتاح للمفتشين سلطة الدخول الى أى مكان فى أى وقت بالعراق، حيث تبادل بليكس مع الطرف الأميركى الأفكار التى من شأنها تمكين فريق التفتيش من أداء مهمته فى المستقبل بصورة أكبر فاعلية. وكشف المسئول الأميركى الذى طلب عدم ذكر اسمه عن أن اللقاء بين بليكس والادارة الأميركية تناول، من بين بعض الأفكار، امكانية أن يرافق المفتشين قوات أمنية تعمل بتفويض من مجلس الأمن الدولى حتى يحصل المفتشون على الحماية الضرورية. من جانبه قال بليكس فى تصريحات للصحفيين عقب اجتماع عقده فى واشنطن مع باول انه من غير المناسب ان يعود المفتشون الى العراق الان ليجدوا امامهم فيما بعد قرارا جديدا يدعوهم الى تفقد مزيد من المواقع او القيام بمهام مختلفة ويتطلب منهم وضع ترتيبات عملية اخرى. وفى تصريحات مماثلة اكد باول ان الولايات المتحدة ستواصل بالحاح جهودها لاستصدار قرار جديد من مجلس الامن ينطوى على تشديد قواعد التفتيش ويهدد العراق بالعواقب اذا لم يتقيد بنصوصه. وقال «ان الولايات المتحدة لا تزال تعتقد ان حلا يستند الى قرار واحد هو افضل السبل، والسبب فى اننا نرى تحركا من جانب العراقيين خلال الاسابيع الثلاثة الماضية انما يعزى الى الضغط الذى يمارس عليهم». وعلى الرغم من التقدم الذى حققته واشنطن خلال اللقاء مع بليكس، مازالت الخلافات العميقة الولايات المتحدة وبريطانيا من ناحية وكل من فرنسا وروسيا والصين من ناحية أخرى حول مشروع القرار الأميركى ـ البريطانى. كما يوجد تأييد بين أعضاء غير دائمين فى مجلس الأمن الدولى، وتحديدا سوريا وموريشيوس والمكسيك فكرة عودة المفتشين الدوليين الى العراق بأسرع وقت ودون انتظار قرار جديد. وكان وزير الخارجية الأميركى باول قد اعترف بوجود خلافات فى وجهات النظر الأميركية والفرنسية، مشيرا الى أن باريس تفضل صدور قرارين بينما تفضل واشنطن صدور قرار واحد وأن الولايات المتحدة تعمل على تقريب وجهات النظر. وقد تردد فى وسائل الاعلام الأميركية، ربما فى ضوء تصريحات باول، أن الادارة الأميركية خففت من موقفها المتشدد بشأن صدور قرار دولى واحد فى ظل المعارضة المتزايدة من باريس وموسكو وبكين وبعض الأعضاء غير الدائمين فى مجلس الأمن. وتشير تلك المعلومات الى أن واشنطن قد تتجه الى قبول تحرك دولى ضد العراق على مرحلتين كما تقترح فرنسا، ولم تعرض باريس حتى الآن مشروع قرار رسمى لمجلس الأمن الدولى حول حل الأزمة على مرحلتين، وان كانت الفكرة الفرنسية قائمة. وفى حالة قبول واشنطن الأفكار الفرنسية، سوف يتم اصدار قرار أولى يدعو العراق الى الامتثال لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بنزع التسلح، على أن يصدر قرار آخر فى مرحلة تالية يحدد وسيلة التعامل مع العراق اذا فشل فى الانصياع للأمم المتحدة. يشار الى ان القبول بصدور قرارين، وهو الخيار الذى تضعه واشنطن فى الحسبان، سوف يعنى تنازلا كبيرا فى الموقف الأميركى لارضاء فرنسا وروسيا والصين المعارضة لضرب العراق. وكان قد تردد فى الأيام القليلة الماضية أنه يجرى داخل وزارة الخارجية الأميركية اعداد مشروعى قرارين فى حالة الفشل فى الحصول على مساندة لمشروع القرار الأميركى البريطانى الذى يفرض شروطا صارمة ضد العراق من بينها مهلة سبعة أيام لتحديد الموقف العراقى من مسألة التفتيش ومهلة ثلاثين يوما لتقديم العراقيين بيانا شاملا وكاملا ونهائيا عن قدراتهم من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية. وكان بليكس قد أعلن يوم الثلاثاء الماضى التوصل الى اتفاق مع العراق لعودة المفتشين يوم التاسع عشر من الشهر الجاري فى ظل القرارات الدولية الحالية، غير أن الولايات المتحدة أعلنت معارضتها عودة المفتشين قبل صدور قرار جديد وهو ما سانده بليكس فى اللقاء بين مسئولى ادارة بوش الليلة قبل الماضية ومجلس الأمن. ويأتى ذلك فى الوقت الذى تستمر فيه المناقشات الحامية بمجلسى الشيوخ والنواب للخروج بقرار يعطى بوش سلطة شن عمل عسكرى ضد العراق. من جانب آخر ومع ان بغداد لم تعلق على تصريحات بليكس التي أعلن فيها ان مفتشي اللجنة بانتظار اشارة من مجلس الأمن للتوجه الى بغداد وهو ما يعده بعض المراقبين توجهاً جديداً ينسجم مع الجهود الأميركية والبريطانية الحثيثة والرامية الى استصدار قرار جديد من مجلس الأمن، إلا ان صحيفة «الثورة» الرسمية الناطقة بلسان حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم دعت أعضاء مجلس الأمن الى عدم الخضوع للضغوط والابتزاز الأميركي في اشارة الى المساعي الدبلوماسية التي تبذلها هاتان الدولتان لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن يخولهما استخدام القوة ضد العراق وهو ما يلاقي صعوبات من جانب باريس وموسكو حتى الآن. وأطلقت الصحيفة العراقية الرسمية لقب «هتلر أميركا» على الرئيس جورج بوش الذي أطلق فكرة الضربات الوقائية الاستباقية في اشارة الى تشابه هذه النظرية مع نظرية المجال الحيوي لألمانيا النازية.

Email