الملف السياسي ـ بسام أبو شريف مستشار الرئيس الفلسطيني لـ «الملف»: الهبة الجماهيرية دعمت عرفات واربكت خطط شارون

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 27 رجب 1423 هـ الموافق 4 أكتوبر 2002 توقع بسام أبو شريف مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أن يرحل ارييل شارون عن الحكومة الاسرائيلية بعد ان فشل في تحقيق مخططاته تجاه الشعب والقيادة الفلسطينية وتنامي شعور الاسرائيليين بعبثية حملته العسكرية وحصار الرئيس عرفات، وحذر أبو شريف في حوار خاص لـ «الملف السياسي» من مخاطر انفجار الشرق الأوسط جراء استمرار محاولات القضاء على عرفات والقيادة الفلسطينية من قبل شارون. وقال لن يرضخ الشعب الفلسطيني وعلى شارون المعادي للسلام ان يرحل. واستعرض أبو شريف صور الانحياز الاميركي الأعمى لاسرائيل ومنها الضغط على مجلس الأمن الدولي في الوقت الذي تسعى ادارة بوش لكسب معركة سياسية ودبلوماسية لاستصدار قرار ضد العراق وحتى لا يخطف موضوع حصار عرفات الاضواء الدولية عن هذا الحدث. هذا وغيره في الحوار التالي: قال بسام أبو شريف: لقد بدأ العد العكسي لشارون وستنهار مخططاته ويهبط تنامي شعور الاسرائيليين بعبثية حملته العسكرية للقضاء على طموح وآمال الفلسطينيين. وأضاف: ان حصار مقر الرئيس عرفات وتهديده بالقتل أو الابعاد فجر الوضع في فلسطين، وقد يفجر أوضاعاً شعبية في بلدان عربية أخرى، وتابع: لكن المؤكد هو ان دعوة مجلس الأمن لمناقشة الوضع الخطير الناشئ عن تدمير مقر الرئيس عرفات ومحاصرته وتهديد حياته سوف يخطف الضوء من محاولات الولايات المتحدة الأميركية لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن حول العراق. وأشار إلى ان هذا الوضع سيسلط الضوء على ما تفعله اسرائيل، وهذا ما لا يريده الرئيس الأميركي جورج بوش موضحاً انه يخوض معركة دبلوماسية في الأمم المتحدة لاصدار هذا القرار ضد العراق ليقوي مركزه في الكونغرس الذي يرفض حتى الآن الانصياع لرغبات الرئيس بوش في ضرب العراق. ونوه أبو شريف إلى ما قاله السيناتور الأميركي بيرد ان الرئيس بوش لم يقدم حتى الآن أي سبب يقنعنا بضرورة شن حرب على العراق، ولذلك تسعى الاجهزة الاميركية ودبلوماسيوها لحل مشكلة ومأزق (مقر الرئيس ياسر عرفات) حتى لا تطغى على موضوع العراق ولانقاذ شارون من المأزق الذي حشر نفسه فيه، واعتبر أبو شريف ان حال شارون هذه الأيام كذلك الذي حاول ابتلاع السكين فعلقت في حلقه، فلا هو قادر على انزالها ولا هو قادر على اخراجها، إذ انها سوف تقتله في الحالتين. وأكد مستشار أبو عمار ان الادارة الاميركية لن تجد طريقاً آخر لحل المسألة إلا الاتصال مع ياسر عرفات وعندها سيتبدد كل الكلام السابق وسيبتلع بوش كلامه حول الرئيس عرفات كما ابتلع كلاماً آخر من قبل موضحاً ان الرئيس الأميركي كان قد طلب من اسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية وعندما لم تستجب اعاد القول وكرر (انني أعني ما أقول) وعندما لم يستجب.. نسي الكلام أو ربما بلعه كما يقال. وأضاف: كذلك بالنسبة لشارون شريك الرئيس بوش فقد أظهرت التطورات ان كافة تقديرات أجهزة أمنه كانت خاطئة فقد ورد خلال الأسبوعين الماضيين خاصة بعد اجتماعات المجلس التشريعي واستقالة الحكومة ان سلطة عرفات انهارت وان الحكومة الاسرائيلية نجحت في عزل عرفات عن الشعب وان الشعب يريد قيادة بديلة وعندها هب الشعب لنصرة قائده ورئيسه المنتخب ودفاعاً عن مشروعه الوطني وأكد أبو شريف (سوف نستمر في النهوض الشعبي المطالب بالحرية والاستقلال). وأضاف: لا شك ان شارون الذي أمر فوراً بارسال تعزيزات من الاحتياط لمدن الضفة وقطاع غزة شعر على الأقل بأن تقارير أجهزة الأمن ورئيس أركانه لا تستند لمعلومات دقيقة وقد قلنا في السابق ان ما يسميه الاسرائيليون انهيار سلطة عرفات ما هي إلا أحلام يقظة. ونبه أبو شريف أنه الآن وبعد ان اكتشف شارون الحقيقة لا نتوقع منه ان يغير منهجه لكن على الاسرائيليين ان يكتشفوا إلى أين جرهم شارون وان يعودوا بسرعة إلى طريق التفاوض والسلام الذي اختاره الفلسطينيون، سيحاول شارون ان يصعد العنف ضد الشعب الفلسطيني لكن النتائج لن تكون متغيرة عن نتائج اليوم: لن يرضخ الشعب الفلسطيني وعلى شارون المعادي للسلام ان يرحل وسيرحل. وتحدث أبو شريف عن سياسة شارون وحكومته التي عملت دوما ضد السلام فقال: منذ اليوم الأول لانتخابه فقد عمل لتحطيم عملية السلام والغاء الاتفاقات المبرمة وشن حرب ارهاب رسمية ومنظمة ضد الشعب الفلسطيني بأسره. وأضاف: لم تكن جريمة الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 إلا منصة جديدة لتصعيد حربه العنصرية ضد الشعب الفلسطيني وحربه الفاشية ضد قوى السلام والديمقراطية في المجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني. وأشار أبو شريف انه لهذه الأسباب تظهر على السطح هشاشة المواقف التي يتخذها الرئيس بوش وتصرفه المهيمن على المجتمع الدولي بأسره ودفعه للعالم إلى حافة الهاوية وتأييده المطلق للممارسات الفاشية العنصرية سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها. وأوضح مستشار عرفات: انه في خطابه في يونيو الماضي طرح بوش رؤيته للحل في الشرق الأوسط مرة أخرى بعد ان أعطى الضوء الأخضر لشارون لاستباحة المناطق الفلسطينية بالاسلحة الاميركية وذكر بان عرفات خيب اماله وامال الشعب الفلسطيني ودعا الفلسطينيين لابراز قيادة جديدة؟ واوضح ابو شريف ان بوش كان في هذا الجانب يعبر عن تمنيات شارون لكن ما جرى ويجري يظهر ان الامر ليس حرصا على الشعب الفلسطيني الذي (يحق له ان تكون له قيادة ناجحة وفاعلة) حسب قول بوش ـ بل رغبة بالتخلص من الرمز والقائد ياسر عرفات فشارون يعتبره عقبة ليس لانه ضد السلام بل لانه مع السلام ويعمل من اجله. واعتبر ابو شريف انه من المضحك في الامر ان الرئيس بوش رئيس الولايات المتحدة التي تتغنى بالديمقراطية يطلب من الفلسطينيين ضرب الاسس الديمقراطية والغاء نتائج الانتخابات الشرعية التي جرت تحت اشراف الرئيس السابق جيمي كارتر وممثلي العالم وانتخب الشعب الفلسطيني حينها ياسر عرفات رئيسا اما شارون الذي يتحدث عن قيادة جديدة ويلتقي بالبعض من القيادة التاريخية لايعني انتخابات ديمقراطية نزيهة تأتي برئيس ينتخبه الشعب بل يعني ان تختار اسرائيل من تريد حسب استعداده للرضوخ لشروطها لكن التطورات التي جرت خلال الاسبوع تثبت ان ارادة الشعب الفلسطيني قوية وعلى الاقل نستطيع القول ان الشعب الفلسطيني رغم كل ما تعرض له وما فرض عليه من حصار ودمار مستمر في الصمود ورفض الخضوع والاصرار على انهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة. واعتقد ان هبة منتصف ليل العشرين من سبتمبر في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة هي اعلان للشعب برفض محاولات الاذلال وتصويت بالثقة لياسر عرفات المحاصر والمهدد بالقتل في اي لحظة. وقال ابو شريف لو ان لدى بوش مستشارين يقدرون الموقف ويفسرون له معاني هبة العشرين من سبتمبر لاوضحوا له بان خطر الانفجار في الشرق الاوسط بات وشيكا ولافهموه ان شارون اوقع نفسه في مأزق لايمكن للرئيس بوش ان يخرجه منه رغم ضغطه على بعض الدول العربية لتضغط بدورها على ياسر عرفات واضاف: ولماذا الضغط على ياسر عرفات اذا كان كل من بوش وشارون يعتقد ان سلطة عرفات انهارت وانهم يريدون التعامل مع قيادة جديدة؟ وشدد ابو شريف: لاشك ان بوش شعر لاول مرة ان قرارات شارون تؤثر على استراتيجيته. واستعرض مستشار عرفات التأثير الاسرائيلي اليهودي على الموقف الاميركي وقال لن ينسى جورج دبليو بوش ان الرئاسة كادت تنتشل من بين فكيه وانه يكاد يحرم من التربع في الغرف البيضاوية من البيت الابيض وانه يحطم حلمه بان يحكم الولايات المتحدة فترة اخرى بعد فترته الاولى ولن ينسى جورج دبليو بوش ان الذين كادوا ان يحرموه من هذا وذاك هم الاميركيون اليهود خاصة في ولاية فلوريدا التي كان يحكمها اثناء الانتخابات وهذا ربما يفسر كل مواقفه على صعيد السياسة الخارجية خاصة في الشرق الاوسط. واضاف ابو شريف لقد بذل الملايين كي لا يفقد فرصته بالتربع على البيت الابيض وحصل ما حصل والجميع يعرفون فقد ساند يهود اميركا ال جور كونه خريج الايباك ومن اكبر مؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة ورغم ان جورج دبليو بوش لم يكن مقصرا في دعم اسرائيل واطلاق الوعود بالمزيد من الدعم الا ان سجل ابيه جورج بوش الذي دعا لاول مرة إلى مؤتمر للسلام واقامة دولة فلسطينية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية في مدريد جعل الجالية اليهودية الاميركية تتخوف من انتخابات جورج دبليوبوش رئيسا لكن الجمهوريين بالتالي ادخلوه البيت الابيض وعندها بدأ هو ومستشاروه بالتفكير بدروس المعركة الانتخابية وبدأ المستشارون يقترحون عليه طرقا ووسائل وتعيينات لنيل ثقة وتأييد يهود اميركا وذلك على الصعيدين: صعيد فترة الرئاسة الحالية ولانتخابه لفترة رئاسية تالية. وذكر ابو شريف: لقد كان لهم دور مهم في التشكيل الوزاري الاميركي وعبر عن هذا في اجتماعات على اعلى مستوى من قادة يهود اميركا ومستشارين من طرف بوش ومع بوش نفسه وكان لهم تأثير كبير على تعيين لجنة في البنتاغون تسمى (لجنة القرار النهائي) وهي التي تتحكم الى حد كبير في قرار السلم والحرب. واعتبر ابو شريف ان يهود اميركا كان لهم دور كبير في تشكيل مجلسي الامن القومي وتعيين كبار المسئولين في الخارجية الاميركية وتأكيد قادة يهود اميركا انهم امسكوا بما يسمى (مفاتيح القرار الاميركي) واضاف وقد عكس ذلك نفسه على كبار المسئولين الاميركيين حتى مستوى الوزراء بحيث اصبحوا يخشون معارضة اي رأي او موقف يطرحه هؤلاء. واشار الى عاملين آخرين مهمين: الاول انتخاب شارون رئيسا للوزراء في اسرائيل والثاني ان انصار اسرائيل في الكونغرس ازدادوا عددا من بين صفوف الديمقراطيين والجمهوريين على السواء. والمح مستشار عرفات ان الرئيس الاميركي حسم امره على ضوء كل العوامل واعتمد سياسة التأييد الاعمى لاسرائيل رغم احتلالها للارض العربية وتهديدها لمصالح الولايات المتحدة مع العالم العربي مشيرا الى تقرير معهد الدراسات الدولية والاعلام وخلاصته ان دعمه لاسرائيل المطلق لن يؤثر مطلقا على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة العربية ولن يحدث اي رد فعل خطير من جانب الشعوب المنطقة العربية. واشار ابو شريف الى ان هذا المعهد بدأ بأموال يهودية ويتحكم بوجهه الخلاصات التي تستنتجها الدراسات اعضاء في مجلس ادارته معروفون بدعمهم المطلق لاسرائيل كائنة من تكون القوة السياسية الحاكمة فيها وقرر بوش ان اسرائيل ستكون اكبر عون له داخل الولايات المتحدة لتحقيق طموحه واحلامه في تمرير مقترحاته في الكونغرس وفي ضمان نجاحه لفترة رئاسية اخرى واسناده في سياسته الخارجية العدوانية من خلال الكونغرس ولذلك كان عليه ان يدفع ثمنه واي ثمن (ارخص) من ان يضحي بشعب من الشعوب في سبيل ان يدخل البيت الابيض مرة اخرى وان تهيمن الولايات المتحدة على نفط العالم. وختم ابو شريف بالقول مع مرور كل يوم منذ ان انتخب رئيسا يزيد من تأييده المطلق لحكومة شارون غير عابئ بمواقف الولايات المتحدة او مصالحها الاستراتيجية في الشرق الاوسط او بمباديء العدالة والشرعية والقرارات الدولية او الاتفاقات الدولية. غزة ـ ماهر ابراهيم:

Email