العاصمة السودانية تحولت لسرادق عزاء كبير، 100 قتيل وجريح حصيلة عاصفة الخرطوم الرعدية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 22 رجب 1423 هـ الموافق 29 سبتمبر 2002 تحولت العاصمة السودانية الخرطوم الليلة قبل الماضية إلى سرادق عزاء كبير وانتصبت خيم العزاء في معظم ارجائها لتأبين عشرات الضحايا لأعنف عاصفة هوائية مصحوبة بالامطار في تاريخها الحديث ادت إلى سقوط ما لا يقل عن 100 شخص بين قتيل وجريح إلى جانب اقتلاع عدد كبير من الاشجار وسقوط ابراج الكهرباء وانهيار اسقف المنازل. وعاشت العاصمة ليلة من الظلام الدامس حيث انقطع التيار الكهربائي عن معظم احيائها فيما قضت عشرات الاسر الليل في العويل والبكاء على قتلاها. وقضى معظم الضحايا في حادثتين هما الاكبر كنتاج للعاصفة. ففي الحادثة الاولى غرقت باخرة نيلية كانت بداخلها اسرة مركز غسيل الكلى بالخرطوم في رحلة احتفالية بمناسبة زواج احد الاطباء العاملين بالمركز راح ضحيتها 16 مواطناً معظمهم من الاطباء اخصائيي الكلى في مقدمتهم مديرة مستشفى الكلى التخصصي بروفيسر سلمى محمد سليمان وابنتها الطالبة في السنة الخامسة بكلية الطب جامعة الخرطوم داليا حاتم اضافة الى د. يوسف عبدالرحيم ود. وليم عازر ود. آمنة هائم احمد ود. عصام الدين وتوفيت في الحادث العروس المحتفى بها جيهان قاسم بينما نجا زوجها الرشيد وتوفى من اسر الاطباء كل من لليان دوفائيل وحسب الرسول محمد وميرغني قاسم حسن وامل عابدين ونايلة مكين والزاكي احمد ولا يزال خمسة مواطنين في عداد المفقودين بينما نجا من الحادث عن طريق السباحة د. الرشيد مختار، د. عثمان احمد، لؤي فيصل، الطيب حسن، ربا فيصل، نانسي زوجة وليام عازر وطفلها، رانيا يوسف واحمد يوسف. وكانت الباخرة النيلية التابعة لاحدى المطاعم السياحية قد تحركت إلى داخل النيل في تمام الساعة الخامسة والنصف مساءاً اي قبيل قيام العاصفة بدقائق معدودة حيث حاول ملاحو الباخرة الرسو بها في جزيرة صغيرة تقع تحت كبري ام درمان القديم تسمى جزيرة «ود مكين» غير ان العاصفة الشديدة التي لم تستمر لأكثر من خمس دقائق فقط ادت إلى انقلاب الباخرة التي كانت تقل 23 شخصاً. تمكن بعض الركاب اضافة إلى طاقم الملاحة من النجاة. وتزامنت حادثة غرق الباخرة مع ارتجاج احدى العاب منتزه المقرن العائلي «الساقية» وسقوط من كانوا على متنها خصوصاً من الأطفال حيث توفي 17 شخصاً وهم غادة فضل الله فرج الله، رفا فتح الرحمن محمد «10 سنوات» وداد محمد الحسن عبدالقادر، موزة فتح الرحمن محمد، محمد نور الدائم حسن، ماجدة عبدالله احمد، صالحة مصطفى الجاك، شموم عبدالرحمن عمر، علي خليفة الطيب، عزيزة سعيد محمد نور، عادل حسن دياب، أميرة الشيخ، سامية هجو، عبدالرحمن مصطفى، سجود عبدالرحمن «7 سنوات»، مأمون عمر محمد نوين مهندس بالشركة السودانية للاتصالات، او اب مأمون ماسون عمر محمد «4 سنوات». وذكر شهود عيان من الناجين في حادث المنتزه، من بين الموتى خمسة افراد من منطقة العيلفون و4 ازواج فيهما اثنان حضرا قبل يومين فقط من مدينة ابوظبي بالامارات العربية المتحدة. ومن بين المصابين اخلاص ابراهيم «مدينة ام بده» لمياء بابكر «مدني»، عصام عبدالقادر «اركويت»، ايوب حاتم، حنان ادريس، وفاء الفاتح، عبدالرحمن مصطفى، ناجي عبدالعزيز، الجيلي محمد، احمد حمدي محمد، هاجر محمد نور الدائم، وعبدالرحمن الحسن دياب، سجود عبدالرحمن. فيما اصيب ما لا يقل عن 70 شخصاً بجروح متفاوتة في الحادثتين وحوادث سير اخرى نتجت عن العواصف الهوجاء التي ادت أيضاً إلى سقوط برج الارسال الرئيسي بالتلفزيون القومي بأم درمان غير انه لم يصب احد بأذى جراء سقوط البرج الذي يبلغ وزنه وفقاً لتقديرات اختصاصيين نحو 100 طن من الحديد الصلب. وقال اللواء سيد الحسين عبدالكريم الناطق الرسمي باسم الشرطة لـ «البيان» ان بلاغات فتحت بالحادثتين وان التحري لا يزال حولهما مستمراً مؤكداً ان عدد الوفيات المسجلة بلغ حتى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية 30 حالة. وقال الحسين انه في حوالي الخامسة والنصف هبت عاصفة رعدية عنيفة ادت إلى انهيارات في عدد من المنازل واقتلاع اعداد من الاشجار الضخمة اضافة إلى اختلال لعبة الساقية بمنتزه المقرن وغرق العبارة النيلية الفلك وخف الى موقع الحادثة عدد من كبار المسئولين من وزارة الداخلية ولاية الخرطوم وظلت عمليات الانقاذ مستمرة حتى الساعات الاولى من صباح أمس. من جانبه قال مصدر مسئول بإدارة الارصاد الجوية في تصريح لـ «البيان» ان العاصفة التي تسببت في كارثة الخرطوم امس الاول تعود للسحب الرعدية التي ظهرت يومها في مناطق متعددة من الخرطوم والتي تتميز بالتيارات الهابطة والصاعدة، واضاف ان هذه التيارات تكون قوية وتصحبها دائماً رياح قوية وامطار. مشيراً إلى ان سرعة هذه الرياح تراوحت ما بين «45 ـ 50» عقدة في الساعة اي ان سرعة الرياح كانت اكثر من 90 كم في الساعة، وهذا يفسر لنا الخسائر التي تمثلت في اقتلاع الاشجار والاتربة التي ادت بدورها إلى انقلاب العبارة. وقد كان من الملاحظ لسكان العاصمة القومية ان هذه الدوامة الرعدية انحصرت في دائرة محدودة مركزها التقاء النيلين عند المقرن بين ام درمان والخرطوم في حين لم يتعد قطرها منطقة كازينو المقرن العائلي ومنطقة المطاعم والكافيتريات السياحية على ساحل النيل المجاور للمقرن وبساحل النيل الشرقي بأم درمان حيث مباني التلفزيون والاذاعة والجروف الزراعية الخالية من السكان وجامعة القرآن الكريم ومبنى البرلمان. وقد زاد من عدد ضحايا هذه الزوبعة الرعدية ان صادفت الوقت النموذجي من حيث اليوم والساعة لاكتظاظ هذه المواقع بالمواطنين اذ كانت العاصفة الرعدية في حوالي الساعة الخامسة من مساء الجمعة الذي يمثل يوم العطلة الامثل للرحلات النيلية وساعة الذروة بالنسبة لكازينو المقرن العائلي التي يؤمه اعداد غفيرة من الأسر والأطفال وتقام بداخله يوم الجمعة الاحتفالات الخاصة بالزيجات الحديثة والمناسبات الاجتماعية غلبة من سكان المناطق الريفية القريبة من العاصمة وكذلك المناطق الطرفية. وفي الخرطوم حظى الحادثان باهتمام ومتابعة لصيقة منذ الدقائق الأولى حيث انتشر الخبر مع اختلاف في التفاصيل والمعلومات وزاد من الاسى ان غرق المركب يمثل هزة قوية لتطبيب مرضى الكلى بالسودان الذي يعاني من اختناق وتزايد ملحوظ لمرضى الفشل الكلوي حيث ابتلع النهر نخبة من اطباء الكلى على رأسهم د. سلمى التي تعد المرجعية الأساسية لهذا التخصص في السودان. وقد عمت العاصمة يوم أمس ومساء امس الأول موجة من الهلع والحزن العميق من ابناء الوفيات والاصابات لضحايا القارب السياحي وساقية الالعاب بالمقرن وانتشرت جموع المواطنين في مقاطعات الطرق للوفاء بواجب العزاء بين السرادقات في مختلف مناطق واحياء العاصمة القومية بين الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري وشرق النيل. الخرطوم ـ عثمان فضل الله:

Email