أكبر مجمع صناعي بالخرطوم ، (جياد) مدينة للسيارات تلبي طموحات السودانيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثلما فرح السودانيون لتدفق البترول بأرضهم وتصدير اول شحنة منه في الثلاثين من اغسطس من العام الماضي وتمزيق فاتورة استيراده عبر منتجات مصفاة الخرطوم بالجيلي التي افتتحت قبل اربعة اشهر طغت، فرحتهم الخميس قبل الماضي بافتتاح مدينة جياد الصناعية التي تعتبر اكبر مجمع صناعي بالبلاد وصفه الفريق البشير بصوت متهدج خنقته (عبرة الفرح) بانه يمثل ردا على دعاة ومحاصرة وكبت السودان. ومثلما تطلع الناس الى ان يساهم البترول في تحويل جحيم العقد الاخير من الالفية الثانية الذي شهد انواعا من المعاناة تجددت مع الحرمان على مر الايام لدرجة اعترف فيها ولاة الأمر ان التشعب السوداني صبر على الانقاذ لدرجة غير مسبوقة مع اي نظام قبلها .. هذا الصبر كان نتاجه ان شهد المواطن انخفاضا في الغاز الذي يشهد انتاجه فائضا استقبلته الاسواق الخارجية منذ مدة الا انه لم يكن يتوقع ان يكون التخفيض في اسعار البترول اقل من طموحاته ومع ذلك وجد العذر للمعنيين بالامر بان هناك دينا يجب سداده (للكونسورتيوم) الذي نفذ المشروع بجانب الحاجة الماسة الى اعمار مشاريع البنية التحتية للبلاد. وبالنسبة لجياد فالأمل معقود ان تلبي هذه المدينة الوليدة على اعتاب الحصار, نسبة معقولة من طموحات المواطن بامتلاك ما صنعته ايادي بنيه من شاحنات وحافلات وتراكتورات وغيرها من المعدات باسعار الفارق بينها وما يستورده حافزا للعض على منتجاتها بالنواجز ذلك ان الحكمة تقول ليس الفاعلية فيما ينتج من صناعات وانما الفاعلية في مدى استهلاكه. اذن من هنا ينبع المحك والتحدي امام منتجات جياد على اختلافها فاما ان ينتشر امام المستهلك المحلي وبالطبع وفق جودة عالية من المواصفات والا فالمستورد امامه في وقت الغت فيه الدولة التعريفة الجمركية امام تدفق السلع على المستوى الافريقي والذي سيلحق به المستوى العالمي عند الانضمام لمنظمة التجارة الدولية. هذا هو وضع جياد التي تبلغ طاقتها الانتاجية اربعة عشر الف قطعة من السيارات والشاحنات والتراكتورات بجانب اربعة آلاف ونصف طن من اسلاك الكوابل الكهربائية وقطاعات الالمونيوم وثلاثة الاف طن من كوابل النحاس والقضبان ومئة وخمسين الف طن من الحديد والصلب سنويا هذه المدينة بلغت تكلفتها 450 مليون دولار وهي مملوكة لشركة سودان مساترتكنولوجي التي اسست عام 93 شراكة بين القطاعين العام والخاص وتقع في مساحة 15 كليومترا مربعا على بعد 50 كيلومترا جنوب الخرطوم بمنطقة (اشقلة عوج الدرب) بمحافظة الجزيرة. والسؤال الذي يتبادر للاذهان هل سيكون انتاج المدينة بقدر التحدي؟ والاجابة هي هناك من الشواهد مايدعو للاطمئنان انطلاقا من العقود وطلبات الشراء التي اخذت ترد على المدينة. ولعل اعلان الحكومة اقتصار شراء سياراتها على جياد ما يبعث على الاطمئنان وفي هذا الشأن اوضح وكيل وزارة المالية ان مركبات جياد تتميز بجودتها وانخفاض اسعارها مقارنة بالمستورد مشيرا الى ان انتاجها سيزيد من مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الاجمالي بصورة مقدرة. وفي هذا الشأن كان نائب مدير شركة جياد محمد الحسن قد اكد ان اسعار منتجات الشركة ستكون اقل من المنتجات المشابهة المستوردة مشيرا الى اسعار المتحركات من العربات والباصات واسعار الحديد المسلح والزوي والخوص ستكون اقل من المنتجات المستوردة بنسبة تصل الى 25% وكذا الحال بالنسبة لاسعار الالمونيوم والكوابل. نذكر في هذا الاتجاه ان شركة البحر الاحمر للملاحة كان لها سبق توقيع اول عقد مع جياد بقيمة 5.5 ملايين دولار لشراء شاحنات ماركة (رينو) يكتمل بعد عشر شاحنات كدفعة اولى خلال الشهور المقبلة. ادارة مشروع الجزيرة لم تتخلف عن الركب فقد تم الاتفاق مبدئيا بينها وجياد على صفقة تجارية بمبلغ 5.5 مليارات دينار لشراء 40 تراكتور و 75 عربة بوكس في خطوة لاحلال الصناعة المحلية بالمشروع وتشجيعها لها. الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل) التي اكد عدد من فنييها جودة كوابل جياد ذكرت على لسان مديرها عبدالعزيز عثمان ان صناعة جياد ستكون نواة لصناعة الاتصالات في السودان قائلا ان سوداتيل تستورد من الكوابل سنويا ما قيمته 15 مليون دولار. وما يدعو للاطمئنان بصورة اكبر هو انه ما ان تم افتتاح المدينة الصناعية حتي كشف مدير الشركة السودانية للثقافة التي تملك المدينة المهندس جمال محمد حسن عن دراسات تجرى لبناء مجمع (الصافات) الفضائي التي يتوقع ان ينتهي هذا العام بينما يتم الفراغ من تشييد المجمع خلال ثلاث سنوات بتكلفة تصل الى 500 مليون دولار. المهندس جمال لم يغمط حقوق الآخرين ومساهماتهم في جياد فذكر ان دولا عديدة ساهمت في مجمع جياد اذ تشترك في المجمع الامارات العربية المتحدة وفرنسا والمانيا وتركيا والصين. وفصل خطة الشركة المستقبلية بانها تشمل فتح اربعة مكاتب خارجية عام 2001 لتصل جملة الفروع والمكاتب بنهاية عام 2003 الى 20 فرعا. الى جانب الورش تحوي مدينة جياد اربع وحدات متعددة الطوابق لمكاتب الادارة والابحاث وتنمية المشاريع كما يوجد بينها فندق بسعة 72 غرفة ومبنى كبير لعرض المنتجات ووزعت الكافتريات والمساجد على اطراف المجمع خدمة للعاملين الذين وفرت لهم الشركة 1200 منزل للأسر و 100 وحدة للعزاب الى جانب مستشفى بسعة 72 سريرا وثلاث مدارس ومجموعة حدائق واسواق. وهناك محطة مياه طاقتها 40 الف متر مكعب في الساعة ومحطة كهرباء بطاقة 70 ميجاواط اضافة الى شبكة طرق اسفلتية طولها 64 كلم بالمدينة التي اكتملت بنيتها الاساسية تماما لتفتح ابوابها امام المستثمرين. تحدث الكثيرون عن جياد التي طاف عدد من شاحناتها وسياراتها وتراكتوراتها الجمعة قبل الماضي انحاء واسعة من العاصمة الخرطوم وام درمان وبحرى وجد الترحاب من جمهور المواطنين على الطرقات والشوارع. تحدثوا عن جياد التي برزت الى الوجود بعد عامين من العمل المتواصل في صمت وتركزت احاديثهم وعلى رأسهم الفريق البشير على انها كانت من القرارات الصعبة في الزمن الصعب وانها جاءت خطوة في بناء دولة السودان الحديثة بتشكيلها قاعدة لبناء صناعة ضخمة وانها حافز للقطاع الخاص لولوج مجال الصناعات الثقيلة المتقدمة وفوق ذلك قالوا ان اهميتها تكمن في تمكين الشباب السوداني من التقنية والخبرات التي تنقلها. وتبقى اضافة هي ان فاعلية جياد الحقيقية تكمن في مدى استهلاك منتجاتها ولن يتأتى ذلك الا بتيسيرها وتوفيرها باسعار متهاودة للمستهلك الذي قطعا لا تسعه الفرحة حينما يمتلك تراكتورا او شاحنة او صالونا مكتوب عليها (صنع في السودان). من هنا على جياد ان تفرض بجودة منتجاتها واسعارها المتهاودة على المواطن المستهلك الانحياز اليها, لتزرع بذلك ثقة ظلت مفقودة وغائبة طيلة العقود الماضية في جودة المنتج المحلي ومن ثم تتلألأ نجمة الانجاز التي منحها الفريق البشير لمجلس ادارتها ومديرها العام.

Email