تقرير إخباري ، 4 سنوات عجاف بانتظار الساكن الجديد للبيت الأبيض

تواجه الساكن الجديد للبيت الأبيض بعد انتهاء فترة المنازعات القانونية وحملة التشكيك المتبادل في نتائج الانتخابات أربع سنوات عجاف هي مدة فترته الرئاسية يكتنفها خليط من الأزمات الاقتصادية، وعدم استقرار المناخ السياسي, بما يعني استنفاد فرص إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية, ليصبح الشعار المطروح أمام الساكن الجديد لن يعمر طويلا. وسواء كان الذي يخرج منتصرا من المستنقع الانتخابي في فلوريدا ويعلن نفسه رئيسا للبلاد هو جورج دبليو. بوش أو آل جور فإنه لا يمكن لاي من الرجلين أن يتوقع التمتع بشهر عسل بعد انتهاء الانتخابات من جانب الكونجرس والامر المرجح هو أن روح العداء السافر من جانب النواب تتوقف على حالة الخصومة الشديدة التي أصبح عليها الجانبان في خضم المناورات الجارية بعد انتهاء الانتخابات. فالرئيس الذي يدخل البيت الابيض وليس معه تفويضا انتخابيا من الشعب قد يجد أن الازمات السياسية التي تنتظره قد لا تمثل شيئا بالنسبة للازمات الاخرى. فالتصدي للتراجع الاقتصادي من هذا الموقع ليس بالامر السهل المنال تقريبا كما أن أي رئيس توجه إليه السهام من الجبهتين قد لا تتاح له فرصة تذكر في انتخابه لفترة ولاية ثانية. ويتوقع المحللون الاقتصاديون مواجهة الاقتصاد الامريكي لعوامل خطر متعددة تلوح في الافق عشية بدء الاعوام الاولى من عهد الادارة القادمة. وربما يكون من السهل, بعد ثماني سنوات من النمو الاقتصادي الامريكي الهائل, أن يتوقع حدوث تراجع اقتصادي في ضوء السحب القاتمة التي تخيم الان في الافق. فمنذ شهر أغسطس الماضي والخوف يعتري المتعاملون في وول ستريت حيث يستبد بهم القلق إزاء التوقعات بتقلص مكاسبهم في العام المقبل. وكانت أسهم التكنولوجيا على وجه الخصوص من أكثر الاسهم تأثرا بهذا الوضع مما جعل مؤشر ناسداك ينخفض بمقدار 20 في المئة تقريبا خلال الشهور الثلاثة الماضية بعد ظهور أرقام الايرادات والارباح المتشائمة. كما تواجه الشركات أيضا الان أزمات طاحنة من جراء تضييق الاعتمادات من جانب البنوك الكبرى التي تعمل الان على وقف منح قروضها كإجراء احتياطي في ظل الاحوال الاقتصادية الغامضة التي تلوح في الافق. فقد أظهر مسح شمل كبار مسئولي القروض قام به بنك الاحتياطي الأمريكي ان 44% من البنوك الأمريكية و 80 من البنوك الأمريكية في الخارج تعمل على تشديد المعايير الخاصة بمنح القروض. وجاء في بيان صدر مع مسح بنك الاحتياطي الامريكي أن أسباب هذا الحذر تعود إلى التوقعات الاقتصادية الاقل مواتاة أو الاكثر غموضا وتفاقم المشاكل التي تواجه قطاع الصناعة وعدم الاستعداد للمجازفة. وسوف تؤدي سياسة تضييق الاعتمادات إلى تفاقم التراجع الاقتصادي المتوقع حدوثه في الولايات المتحدة خلال الدورة المالية , فقد انخفض معدل النمو الاقتصادي من 6.1 في المئة خلال العام المنتهي في يونيو الماضي إلى 2.7 في المئة خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر . ويسعى بنك الاحتياطي الامريكي إلى تأمين الاقتصاد بحيث يعود النمو إلى 3 في المئة بدون انزلاق البلاد إلى دائرة الركود أو العودة إلى حقبة الركود المقترن بالتضخم الذي ساد السبعينيات. وتتمثل التوقعات بالنسبة للعام في تحقيق معدل نمو يتراوح بين 3.4 في المئة وأقل من 2 في المئة, الامر الذي قد لا يدفع البلاد إلى الانزلاق في مستنقع الركود, ولكنه يولد صورة فترة كساد مصحوبة بزيادة عدد حالات الاستغناء عن العاملين, وذلك بعد حيوية معدلات النمو والانخفاض القياسي في البطالة خلال الاعوام الاخيرة. وجاء في تقرير أخير أعده محلل اقتصادي بارز من وجهة نظري نواجه الان وضعا صعباً .. الاخبار السيئة ترد الان متسارعة. فحتى إذا تم تفادي الركود, يتوقع معظم المحللين حدوث موجة من إخفاق دوائر الاعمال والاستغناء عن العاملين, ولا سيما في قطاع الانترنت الذي يشهد انكماشا الان بعد عامين من النمو الرهيب. وحذر أحد المحللين المستثمرين من توخي أقصى درجة من الحذر استعدادا لمصاعب اقتصادية صعبة في العالم في النصف الاول من عام 2001. وقد يواجه الرئيس القادم صعوبة في التغلب على عوامل الخطر الاخرى والتي تشمل ارتفاع أسعار البترول والطاقة, إذ ظهر خلال اجتماع عقد في نهاية الاسبوع الماضي في السعودية أن أسعار البترول سوف تظل على ارتفاعها على الارجح في المستقبل المنظور بسبب ارتفاع الطلب على البترول في آسيا وزيادة الاعتماد على بترول الشرق الاوسط. هذا ناهيك عن حدوث أزمة دولية كبرى مثل امتداد الصراع الناشب حاليا بين الاسرائيليين والفلسطينيين إلى المنطقة بأسرها, واحتمال حدوث تراجع سريع للاقتصاد العالمي بصورة قد تجب أي جهود يقوم بها بنك الاحتياطي الامريكي أو وزارة الخزانة للسيطرة على الموقف. غير أن في وسع ساكن البيت الابيض أن يجد سلواه في عاملين وقد يركن عليهما بشدة. أولهما استمرار ألن جرينسبان في منصبه كرئيس لبنك الاحتياطي الامريكي بعد إعادة تعيينه في عام 1999 لفترة ثالثة تمتد أربعة أعوام. إذ يعتقد على نطاق واسع أنه قاد الاقتصاد إلى أطول فترة توسع في تاريخه. والعامل الثاني الذي يبعث على الطمأنينة هو الوضع الايجابي الهائل للميزانية. فالرئيس ينعم بفائض متوقع في الميزانية يقترب من تريليون دولار على مدى الاعوام القليلة المقبلة وهي أموال يمكن إنفاقها على ضخ الانتعاش الاقتصادي إذا ما ساءت الامور. د.ب.ا