الصيحة الاكثر دويا ثماني سنوات تكفي ، هيلاري كلينتون تعزف تنويعات مختلفة على (كريشندو) الانتخابات الامريكية

خارج محطة قطارات جراند سنترال وفي امسية دافئة على غير العادة في هذا الموسم, تدخل مجموعة من النسوة بين الركاب المتجهين الى بيوتهم, ترتدي النسوة ملابس انيقة, وهن في منتصف العمر, ويتمتعن بقسط من الجمال ، واللطف ومع انك لن تزعج نفسك, بطريقة او بأخرى في طلب دولار منهن لو كنت شحاذا في الشوارع, الا انهن يبدو وكأنهن يرفضن الفقر بقوة. تدور هاته النسوة في حلقة ضيقة, حاملات لافتات مرتبة مكتوبة بخط اليد, تقول: (هيلاري ليست من أهل نيويورك) و(ارسلوا الغريبة التي يتدخل في السياسة الى موطنها!) و(ثماني سنوات تكفي), وتهتفن بشعار ظريف هو: (لا لهيلاري, لا, لا, لا!) وكأنها حيوان مدلل قفز الى مائدة الطعام. هناك نساء اخريات يقمن بتوزيع كتيبات تحمل عنوان (هيلاري رودهام كلينتون: ما ينبغي على كل امريكي معرفته). ولكن كل شخص يقرأ الكتيب سيدرك انه يعرف كل ما فيه ــ وايت ووتر, بولا, مونيكا, ترافيلجيت, والفضائح الاخرى العديدة لفترتين رئاسيتين حافلتين بالفضائح. وتوضح احدى السيدات التي تقوم بتسليم الكتيب لامرأة ضئيلة الجسم, نحيلة, تبدو عليها ملامح الجدية, موقفها بالقول: (انني لا احتج على حياة زوجها الخاصة, وانما على حقيقة انها تترشح هنا فقط لانها تريد ان تكون الرئيس في يوم من الايام, انها تستغلنا), وتوافقها المرأة ذات الملامح الجدية وتبتعد عن المكان وهي لاتزال تومىء بالموافقة, سألتها: (اذن لن تصوتي لهيلاري؟) فردت المرأة بنبرة مستهجنة قائلة: (انا اكره هيلاري) ثم اندفعت مسرعة لتلحق بقطارها. قد يكون الكره الصريح امرا نادرا, لكن عدم الاستحسان ليس كذلك, وحتى انصار هيلاري يمكن ان يكونوا فاترين تماما من حيث الحماسة, فمنذ بضعة ايام, منحت صحيفة (ديلي نيوز) المشاغبة والنشطة, بين الصفحات التي تنشر عروضا خاصة حول الاثاث والهواتف المتحركة عتيقة الطراز التي لايزال يستخدمها ابناء نيويورك ــ منحت هيلاري تأييدها, ولكنها شدت الانتباه كذلك الى (احساس بأن الحسابات السياسية, وليس المبدأ, هي التي تهيمن على كل جانب من جوانب ترشحها). ومع ذلك فانه في ظل انتخابات رئاسية مملة تثير الشحوب في وجه التشاؤم الصريح, فان حملة هيلاري كلينتون في ولاية نيويورك وفرت عنصر ابهار حقيقيا للجميع: من ناخبي كاليفورنيا, الذين يبدون وفقا لاستطلاع للرأي اهتماما اكبر بما يجري في نيويورك مما يجري في ولايتهم, الى النجوم الغالية أجورهم في أخبار التلفزيونات الأوروبية الذين كانوا يتسكعون حول أماكن فظيعة, مثل بوجكيبسي والمير, محاولين الحصول على مقابلة معها. وحتى خصمها تعين عليه أن يشكرها. وإلا من الذي كان سيسمع بريك لازيو, وهو محام محافظ من لونج آيلاند يبلغ من العمر 42 عاما ويتلخص مخزونه في الدعاية الانتخابية في دعوة أنصاره إلى (وجبة ريجاتوني مع ريك) و(لازينا مع لازيو), والذي سمع, في جو قاعة للطعام في فندق كوينز حافلة بالباستا والمشروب وأثناء عناق له مع سيناتور عن الولاية يدعى سيرافين ماليتز ـ سمع يقول: (أنت واحد منا)؟ كانت هيلاري وسيلة تقدم ريك لازيو. فبعد أربعة أيام من اعلانها عن ترشيح نفسها, زاد مؤيدوه بنسبة 43%. وأعلنت إحدى رسائله المخصصة لجمع التبرعات بتواضع عن ان كل شيء يحتاجون لمعرفته عنه يمكن تلخيصه في العبارة التالية: (أنا أخوض الانتخابات ضد هيلاري رودهام كلينتون). وقام هذا المحامي من أصل ايطالي الذي مارس مهنته لفترة قصيرة وزوجة الرئيس من اركنساس بما يقوم به دائما المرشحون لمجلس الشيوخ عن نيويورك قبيل الانتخابات, وهو محاولة اثبات مدى تأييدهم لاسرائيل. ووصفت بيلا آبزوج, الناشطة القوية في مجال المطالبة بحقوق النساء في نيويورك هذا العمل في أحد الأيام بأنه (محاولة المزايدة على يهودية بعضهم البعض). فقد أجريت مكالمات هاتفية غامضة مع الناخبين اليهود توحي بأن حملة هيلاري تجري تمويلها جزئيا بأموال (ارهابيين) مسلمين (بالفعل قامت حركة إسلامية معتدلة ومحترمة بارسال تبرع لها وقام مسئولو حملتها باعادة هذا التبرع سريعا). ونفى ريك لازيو بسخط أي معرفة له بهذه الحيل القذرة. وقد لعبت هيلاري آخر ورقة في يدها, وهي ورقة ربما فضلت الاحتفاظ بها لنفسها. فقد دعت زوجها, مؤخرا, لحشد ناخبين لها, وقام بالفعل بجولة على بروكلين وبرونكس وهارلم, مذكرا الناس بالرخاء الذي جلبته لهم سنواته الثماني في البيت الأبيض. والفجوة بين هيلاري ولازيو اعتبرت صغيرة جدا لدرجة ان كل شيء اعتمد على قدرتها في انتزاع أصوات السود والطبقة العاملة يوم الثلاثاء. ويبدو ان لازيو قد واجه مشكلات أقل. فهناك كره خاص من جانب الطبقة المتوسطة لهيلاري مبني ليس فقط على وقاحتها, وإنما بطريقة معقدة على رد فعلها حيال خيانة زوجها. ومع ذلك, فإن لدي شعور بأن هيلاري تستحق الفوز بالانتخابات. فنيويورك تستمتع بالاستعراض. ومن الصعب أن يضاهي شعار (ريجاتوني مع ريك) البهار الذي أضافه البيت الأبيض إلى حياة الجميع في الأعوام الثمانية الماضية. عن جون سيمبسون في ديلي تلجراف