الحكومة ترحب بحرارة والمعارضة تتوعد بالملاحقة القانونية: نميري حدد 25 مايو موعدا لعودته الى الخرطوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثارت تصريحات للرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري حدد فيها 25 مايو المقبل موعدا لعودته الى البلاد, ردود فعل متباينة تفاوتت ما بين الترحيب الحار من قبل السلطة الحاكمة وبفتور من قبل بعض أحزاب (التوالي) والرفض المطلق المقرون بتهديد بمقاضاته من قبل أحزاب المعارضة الداخلية . وكان المشير نميري حكم السودان ستة عشر عاما (1969 ــ 1985) وأطيح بانتفاضة شعبية عارمة توجت باستيلاء وزير دفاعه المشير عبدالرحمن سوار الدهب على سلطة انتقالية لمدة عام سلم بعدها الحكم لحكومة منتخبة ومنذ الاطاحة به في أبريل ,1985 يعيش نميري لاجئا سياسيا في مصر. وقبل يومين أبلغ نميري صحيفة (أخبار اليوم) السودانية بالهاتف من مقر اقامته في القاهرة انه قرر العودة للخرطوم في 25 مايو المقبل الذي يصادف يوم استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري عام 1969. وأثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة. ففي الوقت الذي رحب بها عدد من قادة النظام الحالي, رفضها عدد كبير من السياسيين المعارضين وطالبوا بمثول جعفر نميري أمام القضاء باعتباره أجرم في حق الشعب السوداني وفي أوساط الاحزاب المسجلة طبقا لقانون (التوالي) رحب الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الهندي بفتور, أما (حزب الأمة الاسلامي) والذي يتزعمه ولي الدين الهادي المهدي نجل الامام الهادي والذي اغتالته قوات نميري على الحدود السودانية الاثيوبية, فقد أعلن انه سيفتح ملف أحداث الجزيرة أبا وودنوباوي فور عودة نميري. وقال ولي الدين لــ (البيان) ان الحزب موقفه الثابت هو ضرورة معاقبة الذين أمروا بضرب الجزيرة أبا. وأضاف: ان تلك الاحداث يجب ألا تنسى ويطوى ملفها. وقال: اننا سنحرك تلك القضايا لانصاف الذين ضرب نميري ديارهم وقتل آباءهم. وأضاف ان مؤتمر الحزب المزمع انعقاده في عطلة عيد الاضحى المقبل سيناقش كيفية تحريك الدعاوى هذه. وفي أوساط المعارضة قال علي محمود حسنين عضو التجمع الوطني المعارض القيادي بالاتحادي الديمقراطي المعارض الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني ان عودة نميري منتصرا ستكون استفزازا للشعب السوداني, وهذا أمر لا يمكن قبوله لأن الشعب قد قال كلمته في (مايو) واسقطها بانتفاضة شعبية عارمة كانت هي حصاد نضال استمر ستة عشر عاما. وأضاف: ان نميري لن يجد أذرعا مفتوحة له الا أذرع نظام الانقاذ الذي يشبه نظامه, حيث قاد كل منهما تآمرا عسكريا ضد الديمقراطية وطبيعي ألا يرى هذا النظام جريمة فيما قام به نميري, ولكن الشعب السوداني الذي يؤمن بالديمقراطية والتعددية لن يغفر لنميري ونظامه ما قاموا به وسيطالب بأن يخضع للملاحقة القانونية. وقال ان حقوق الشعب السوداني على نميري لن يسقطها الزمن, وقد ظلت القوى الديمقراطية تنادي بعودة نميري منذ عام 1985 حتى يواجهه الشعب السوداني بجرائمه التي ارتكبها طيلة فترة حكمه. وفي ذات الاتجاه ذهب محمد المهدي حسن القيادي الناشط بهيئة شؤون الانصار (جناح ودنوباوي) المساند للزعيم المعارض الصادق المهدي رئيس حزب الأمة. وقال: جعفر نميري ارتكب جرائم كبيرة في حق الشعب السوداني عامة وفي حق الانصار بصفة خاصة, وقدم للقضاء الذي قال كلمته فيه, لكن ظل خارج السودان هاربا من العدالة, وعندما جاء النظام الحالي تناسى كل ما حدث وأخرج المحكوم عليهم وهزم بذلك حكم القضاء واستدرك بقوله صحيح انه يحق للسلطة السياسية ان تعفو عن المحكوم عليهم, ولكن في مثل قضايا قادة النظام المايوي كان على النظام ان يتأنى لأنها قضايا تستوجب ان يعفو الشعب السوداني لأنه صاحب الحق في ذلك, وواصل قائلا: نحن لن تصيبنا الدهشة ان يعود نميري في ظل هذا النظام الذي يشبهه تماما. الدكتور أحمد بلال عثمان عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل رحب بفتور بعودة المشير جعفر نميري,وقال: هذه مناسبة ان نقول رأينا في اللغط الدائر وتحميل نميري كل أخطاء النظام المايوي, نحن في الحزب الاتحادي نرى ان التردي السياسي والاقتصادي الذي بدأته مايو لا يتحمله شخص واحد وانما يتحمله الجميع. وقال يجب على نميري ان يغير من فلسفته, لأن تحالف القوى العاملة قد بدأ في المرحلة القديمة قاعديا, ولكن نميري حوله الى تحالف فوقي, لذلك انفصل عن القواعد, وأضاف قائلا: نحن نرحب بنميري وهو قد سجل حزبه وقطعا الشعب السوداني سيقول كلمته فيه من خلال التنافس الحر. وداخل أروقة النظام كان الترحيب أكثر حرارة, حيث قال عثمان خالد مضوي عضو هيئة شورى المؤتمر الوطني (الحاكم) عودة نميري هي عودة رجل كان رجل دولة وحكم السودان لفترة طويلة امتدت لستة عشر عاما وبذلك هو قد اكتسب أهمية خاصة وأضاف قطعا لعلاقات الرجل الخارجية التي بناها ابان حكمه أهمية أخرى. واستطرد عثمان خالد قائلا: نميري كشخصية عامة لابد ان يدور حوله الكثير من اللغط ولكن أعتقد ان كثيرا من السودانيين لا يزالون يحتفظون بأشواقهم القديمة تجاه الرجل, أما وتاريخه وسلوكه السياسي فيبقى أمرا محل خلاف وجدل, واستدرك قائلا: وإن كنت شخصيا على قناعة بأن نميري لم يعد يحتفظ بذات المكانة القديمة في نفوس الشعب السوداني. من جانبه اعتبر محمد الحسن الأمين أمين الدائرة السياسية بالمؤتمر الوطني (الحاكم) عودة نميري تأكيدا على ان قانون (التوالي السياسي) يتيح للجميع حرية العمل السياسي في التنافس على السلطة, وقال: على الرغم من الاختلاف حول الفترة التي أمضاها نميري في الحكم الا ان الأمر متروك للشعب السوداني ليقول كلمته. وأضاف ان نميري كان بإمكانه ان يعود للبلاد منذ فترة طويلة بعد ان اصدر الفريق البشير عفوا عنه بمبادرة من المشير الراحل الزبير محمد صالح, لكنه اختار هذا التوقيت ليقود التنظيم الذي أسسه انصاره بالداخل, وأضاف: نميري كان مصرا على تسجيل تنظيمه وتابع ذلك عبر الهاتف مع انصاره طيلة الفترة السابقة. الخرطوم ــ عثمان فضل الله

Email