جلال طالباني لــ(البيان): نأمل في فيدرالية تحت نظام ديمقراطي مركزي

أكد جلال الطالباني زعيم الحزب الوطني الكردستاني ان حزبه ضد تقسيم العراق وانه يطمح لفيدرالية مع بغداد في ظل نظام ديمقراطي . وقال ان الهجمات الامريكية لن تفلح في اسقاط صدام حسين ولا المعارضة الخارجية المدعومة من امريكا التي هاجم محاولتها تصريف ازماتها الداخلية بافتعال ازمات خارجية وطالبها بترك الامور تتبلور وحدها داخل العراق. يذكر ان طالباني, محام وصحافي, هو مؤسس وزعيم الحزب الوطني الكردستاني. وكان ماركسيا في السابق. وكان الزعيم الكردي العراقي الذي يبلغ من العمر 65 عاما تحالف مع زعماء ايران المتدينين الذين دعموا مجموعته لأربع سنوات في القتال ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود برزاني الذي تمتع لفترة بدعم من الحكومة العراقية ولكن عندما سحبت منه هذا الدعم حول الحزب الديمقراطي الكردستاني ولاءه لتركيا. منذ انهاء حرب الخليج عام 1991, سيطر الحزبان الكرديان المتنافسان على شمال العراق, وهي منطقة تبلغ مساحتها اكثر من ثلث مساحة البلاد. وأعلنت الولايات المتحدة انها منطقة آمنة, ولكن القتال بين الحزبين دق ناقوس الخطر داخل المجتمع الكردي. بعد توقيعه مع البرزاني على اتفاقية السلام في واشنطن تحدث طالباني لــ (البيان) في الحوار التالي عن آماله في المستقبل ومخاوفه فيما يواجه العراق مرة اخرى القوة العسكرية الامريكية: * ماذا تقول في شأن التهديدات الامريكية المتواصلة بشن هجوم جديد على العراق؟ ــ سيتم تقرير مستقبل العراق من الداخل, لقد اثبتت الهجمات السابقة على العراق عدم جدوى هذه الاستراتيجية. التأثير الوحيد الذي سيحدثه القاء القنابل على بغداد هو تعزيز مركز صدام حسين. لن تسحق الديكتاتورية بأعمال هدفها الدعاية او من قبل معارضة يأتي تمويلها من الخارج. المعارضة العراقية الحقيقية هي التي تعمل داخل البلاد, وغالبا ما تحاول الولايات المتحدة ايجاد حلول لمشاكلها الداخلية في بلدان اخرى وافتعال احداث في الخارج. وعلى الولايات المتحدة ان تتوقف عن هذا النوع من التصرفات وتترك الامور لتتبلور وحدها داخل العراق. نحن في الحزب الوطني ضد مثل هذه الالاعيب السياسية كليا. * انت تنتقد واشنطن لكن الولايات المتحدة هي النصير الاساسي للقضية الكردية وكانت وراء آخر معاهدة وقعتها وخصمك مسعود برزاني؟ ــ الاول لا ينفي الثاني. الدعم الامريكي للشعب الكردي لا يجب ان يمنعنا من اعادة التأكيد على موقفنا السياسي. وبالرغم من ان محادثاتنا والحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه المناسبة بدأت في واشنطن, والصحيح ايضا انها بدأت لأننا رغبنا في ذلك وليس لأنها فرضت علينا من قبل حكومات او سلطات اجنبية. لهذا السبب انا اليوم متفائل جدا بمستقبل كردستان. لقد توصلنا الى هذه الاتفاقية بعد اربع سنوات من الاقتتال والموت وهي فترة آلمتنا جميعا. ضغط الشعب علينا هو الذي اقنعنا بأن الوقت قد حان لانهاء الصراع. فقد كان الشعب واضحا في رغبته في العودة الى نظام مبني على تقاسم سلطة حكم المنطقة. الاتفاق يدعو الى تشكيل حكومة مؤقتة ستضع الاساس لانتخابات سياسية وميلاد المؤسسات الديمقراطية. * وكيف ترى مستقبل كردستان؟ ــ كلنا نحلم بتوحيد الاكراد لكي يحصلوا على وطنهم الخاص بهم لذلك فعلى كل منهم ايجاد الحل لمشاكلهم ضمن البلدان التي يعيشون فيها. * اذن ما الحل الامثل للاكراد العراقيين؟ ــ اولا واساسا, يجب ان يكون واضحا ان تاريخنا الحديث مختلف عن تاريخ اخواننا الذين يعيشون في بلدان اخرى. الاكراد الايرانيون عاشوا ضمن حدود الدولة الايرانية لأكثر من الف عام. في تركيا عاش الاكراد بجانب الاتراك لقرون. ولكننا كلنا دولة مستقلة حتى اربع سنوات من انتهاء الحرب العالمية الاولى. في ذلك الحين قررت الدول العظمى لأسباب استراتيجية ارغامنا على ان نصبح جزءا من العراق. لهذا السبب, منذ البداية منحنا دستور الدولة الجديدة بعض الامتيازات مثل حق تقرير المصير والحكومة الذاتية. حتى اليوم, نتكلم لغتنا الرسمية بجانب العربية. ضمن الطيف السياسي الحالي داخل العراق, نحن الاكراد نقاتل كي تبقى البلاد سليمة ونحن ضد فكرة تقسيمها. الشيعة في الجنوب يريدون منطقتهم ان تصبح دولة اسلامية والوطنيون العرب ينادون بوحدة الشعب العربي. * أي عراق ترغب في ان ترى؟ ــ كما قلت سابقا, انا لست من مؤيدي الانفصال, اعتقد انه بالأخذ بالاعتبار الوضع السياسي الحالي في المنطقة, الحل المعقول الوحيد سيكون انشاء كردستان ديمقراطية داخل المنطقة وكان هذا هو الاساس لتوقيعنا على الاتفاق مع مسعود البرزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني. وعندما يتغير الوضع في العراق, ويستبدل النظام الحالي بنظام ديمقراطي, سوف نتمكن من انشاء فيدرالية. نريد ان نصل للاهداف التي من اجلها نتقاتل داخل حدود العراق جنبا الى جنب مع اخواننا العراقيين. * مشاكلك ليست فقط مع العراق ولكن ايضا مع تركيا التي تنتهك منطقتكم بانتظام... ــ تدعي الحكومة التركية ان جنودها لا يعتدون على ارض كردستان ولكنهم ببساطة يطاردون مقاتلي حزب العمل الكردستاني. لقد شرحت خطنا السياسي بوضوح للرئيس التركي سليمان ديميريل. قلت له ان كردستاننا لن تصبح قاعدة لمقاتلي حزب العمل الكردستاني. وقد اكدت ايضا حقيقة اننا لسنا بالانفصاليين. آمل ان اكون قد اقنعته. من جهة اخرى تحدثت مع زعماء حزب العمل الكردستاني وقلت لهم بوضوح انهم لا يستطيعون استخدام اراضينا قاعدة لمقاتليهم ولشن هجمات ضد تركيا. واذا ارادوا ان يهاجموا الجيش التركي فيجب عليهم ان يفعلوا ذلك من ارضهم. فلم تسمح سوريا او مصر للفلسطينيين ان يشنوا هجمات ضد الاسرائيليين من أراضيهما. هناك قوانين دولية محددة يجب ان تحترم. * لديك علاقات ممتازة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. هل ستتقبل هذه الاتفاقية مع برزاني, علما بأن حزبه قريب من تركيا؟ ــ بالأخذ في برقية التهنئة التي وصلتني من الرئيس الايراني محمد خاتمي فور توقيع الاتفاقية في انقرة استطيع القول انه ليس هناك مشكلة حول هذه النقطة. صداقتنا مع ايران لا يمكن ان تعتبر حجرة عثرة للاتفاقية. وتحدثنا بوضوح مع اخواننا الاكراد الايرانيين ايضا... ويمكنهم ممارسة اي نشاط سياسي او ثقافي في اراضينا ولكن لا يمكنهم شن الهجمات ضد الجيش الايراني. اذا ارادوا شن حرب ضد طهران فهم احرار لفعل ذلك ولكن عليهم القيام بذلك من الجزء الايراني لكردستان والا يورطونا في النزاع سواء بشكل مباشر او غير مباشر. * كل يوم تحط اعداد من اللاجئين الاكراد من العراق وتركيا على شواطىء ايطاليا. هل هناك من طريقة بنظرك للحد من ذلك؟ ــ ان انهاء الاقتتال في كردستان سيؤدي قطعا لوقف هذا التدفق من اللاجئين. ولكن عددا قليلا من اللاجئين الذين يعبرون تركيا للوصول الى ايطاليا هم من اكراد منطقتنا. معظمهم عراقيون يفرون من مناطق تسيطر عليها قوات صدام حسين. انهم يهربون من مناخ الموت والفقر, ويمرون اولا عبر كردستان ثم الى اوروبا التي اصبحت الآن الجنة بالنسبة الى الكثير منهم. من الطبيعي اذا توفرت الظروف الاقتصادية الجيدة في المناطق التي نسيطر عليها اضافة للاستقرار السياسي فلن يرغب العديد من هؤلاء اللاجئين في الهجرة لأوروبا التي لا يعرفون عنها الكثير. وأعتقد ان على اوروبا ان تعطي فكرة التدخل السياسي والاقتصادي في كردستان تفكيرا جديا لتجنب المزيد من تدفق اللاجئين اليها. ولست اتحدث هنا عن المساعدات الانسانية ورغم هذا النوع من المساعدات فهي ليست بالحل. الحاجة اليوم هي للمزيد من التدخل الاقتصادي والذي قد يخلق اعمالا في كردستان. أجرى الحوار في أنقرة: أحمد رأفت- خدمة وورلد نيوز لينك