في خطابه بمناسبة العيد الوطني الـ28لعمان:قابوس يشيد بانجازات مجلس التعاون ويؤكد أهمية التنويع الاقتصادي والتعمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

اشاد السلطان قابوس سلطان عمان في خطابه امس بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني الثامن والعشرين للسلطنة بانجازات مجلس التعاون الخليجي, وما رسخه من ركائز الامن والاستقرار في المنطقة.وتناول السلطان قابوس في خطابه مجمل الاوضاع الداخلية والعربية والاقليمية والدولية . وشدد على اهمية وضوح رؤية البناء الوطني تلك الرؤية التي ساعدت على وضع التصورات لبناء مجتمع حديث, له فكره, وله اصالته, وله نظرته الاقتصادية القائمة على اساس تنويع المصادر والموارد وبناء القدرات البشرية التي توفر للاقتصاد القوة والمتانة وتتيح لمختلف فروعه النمو الصحي, والتكامل الطبيعي, والتفاعل الحيوي, من اجل تنمية شاملة تواكب العصر, وتستشف آفاق المستقبل. واشار الى ماتشهده السلطنة من تطور, مشهود في كل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخبرة واسعة جاءت نتيجة العمل الدائب, والممارسة المستمرة فأضفت على حركة التطور المتنامية بعدا واقعيا يعصمها من مزالق الاندفاع والتهور, وينأى بها عن مشاكل الارتجال وعدم التدبر. وقال اذا كانت الامور تقاس بنتائجها فانه يمكن القول بان ما تحقق خلال الحقبة الماضية بعون منه تعالى هو انجاز كبير يشهد به التاريخ لكم انتم جميعا يا ابناء عمان, لقد صبرتم وصابرتم, وواجهتم التحديات, وذللتم العقبات, فرعى الله مسيرتكم, وكتب لكم السداد والتوفيق, فحمدا لله على ما اولى واسدى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم) . وحول الكساد الاقتصادي العالمي وهبوط اسعار النفط قال السلطان قابوس لقد اشرنا مرات عديدة الى ان النفط ــ اضافة الى كونه سلعة ناضبة.. فإن اسعاره معرضة, في كثير من الاحيان للتذبذب وعدم الاستقرار, وانه ليس من الحكمة وحسن السياسة الاعتماد عليه كمورد وحيد, لاسند له ولا بديل, لتمويل مشروعات التنمية, وها نحن نشهد اليوم التراجع, والانخفاض في اسعاره, الامر الذي كان له, دون شك, اثارة على ايرادات الدولة, اذ انه لايزال المصدر الرئيسي للدخل القومي, وان بدرجة اقل مما كان عليه الامر من قبل, ومما هو معلوم اننا دعونا دائما, على مدى السنوات المنصرمة, الى التنويع الاقتصادي درءا لمخاطر الارتكاز على سلعة وحيدة تنقلب مع اسعارها احوال البلاد خفضا ورفعا, وقد تنبهنا لهذا الامر, منذ البداية بتبني سياسات متناسقة, لارساء التنمية على قواعد قوية ثابتة, ودعائم متينة راسخة, تضمن للاقتصاد الوطني التنوع المتكامل, والنمو المتوازن, وعلى اساس من ذلك قامت الدولة بدعم الصناعة والزراعة, والتجارة والسياحة, وشجعت الاستثمار في هذه المجالات, وحثت على تطويرها, وعلى توفير المناخ الملائم لنجاحها. وطالب السلطان قابوس القطاع الخاص بمضاعفة الجهد وتسريع الخطى والتحلي بالثقة والاستفادة من الفرص, الاستثمارية المواتية, في العديد من القطاعات الانتاجية الواعدة, التي سوف يكون للاستثمار فيها اثر ايجابي ملموس في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الاعوام المقبلة ان شاء الله. وهو مطالب, الى جانب ذلك بأن يكون على وعي تام بالظروف العالمية المعاصرة, المتميزة بتحرير التجارة والاستثمار, والتي تستدعي ان تكون منشآتنا الاقتصادية على قدر عال من الكفاية, ادارة, وانتاجا وتسويقا بحيث تقوى على المنافسة خاصة واننا مقبلون على الانضمام الى منظمة التجارة العالمية. وقال السلطان قابوس ان عمل القطاع الخاص يجب ان يكون منطلقا لدور اكبر يقوم به هذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني وتنويعه, في توافق وانسجام مع الجهود التي تبذلها الحكومة لحفز الاستثمار الوطني والاجنبي, من خلال انشاء بنيات اساسية جديدة ومواصلة تحديث القائم منها, وتقديم الخدمات المتنوعة, وتحسين مناخ الاستثمار العام, وطرح برنامج للتخصيص مبنى على اسس علمية وواقعية, يساعد على استمرار النمو الاقتصادي, ويزيد من الكفاءة الانتاجية, ويتفادى الوقوع في براثن الاحتكار, الى جانب المراجعة المستمرة للتشريعات وفقا لمتطلبات التطور, من اجل حماية النشاط الاقتصادي الخاص, وكفالة حريته, وتنويع اساليب دعمه وتشجيعه, خاصة فيما يتعلق بتيسير الاجراءات الادارية, وتنقيتها من التعقيدات التي لا داعي لها ولا طائل من ورائها, كما نوهنا الى ذلك في العيد الوطني الماضي, هذا بالاضافة الى اعادة النظر في السياسات والانظمة التعليمية, والخطط والبرامج التدريبية, بهدف توجيهها نحو اعداد المهارات المهنية والفنية, التي تلبي حاجات القطاع الخاص, وتضمن الوفاء بمتطلباته, خاصة في قطاع الصناعة الذي يجب فيه العمل, بكل عزم وقوة على ان يكون في المستقبل المصدر الرئيسي للدخل في البلاد, او على الاقل المصدر المعادل في ايراداته للنفط, اذ ان من شأن ذلك, اذا اخذنا في الاعتبار مصادر الدخل الاخرى كالتجارة والزراعة والسياحة والخدمات, ان يؤدي الى خفض نسبة اسهام النفط في الدخل القومي, وفي تكوين الموارد المالية للدولة, الى الحد المعقول الذي لايسبب تعرضه للانخفاض انكماشا شديدا في الانفاق العام او عجزا مؤثرا في الميزانية العامة. واستطرد مؤكدا: ذلك هو دور الحكومة في تعزيز التنويع الاقتصادي, وعلى جميع اداراتها واجب التنسيق فيما بينها لتمكين المستثمرين من الحصول على خدمات كاملة وافية في وقت وجيز, وفي حدود المعقول من الضوابط والقيود القانونية التي تضمن توجيه الاستثمارات ــ خاصة الاجنبية منها ــ الى تلك القطاعات التي ترمي الخطة الاقتصادية للدولة الى تنويعها وزيادة دورها في بناء الاقتصاد الوطني, اذ بدون مثل هذه الضوابط الضرورية ربما توجهت رؤوس الاموال الى المضاربات التي تؤدي الى عدم الاستقرار المالي والاقتصادي اننا نريد استثمارا ايجابيا يعود بالنفع على المستثمر, ولكنه يسهم في الوقت ذاته في تنمية البلاد وتطويرها, وفي تدريب المواطنين على اكتساب الخبرة الفنية والمهارة التقنية في مجالات متعددة. استثمارا يتسم بالاستقرار, لا بالحساسية المفرطة التي تجعله يستجيب في هلع شديد, لادنى بادرة سلبية, محلية او خارجية, تظهر في الافق, فيترك الساحة, في سرعة مربعة, مخلفا وراءه اثارا سيئة مالية واقتصادية واجتماعية.. والعياذ بالله. واذا كان هذا هو دور الحكومة والقطاع الخاص في مجابهة التحديات الاقتصادية ومواجهة الظروف غير المواتية, التي يمكن ان يتعرض لها الاقتصاد الوطني, لا سمح الله نتيجة لبعض الاثار والانعكاسات السلبية للاقتصاد العالمي, فان المواطنين مطالبون كذلك بان يدلوا بدلوهم في هذه المجابهة وذلك بالحدمن السلوك الاستهلاكي غير الواعي, وبالاقبال على الادخار, والمساهمة, كلما امكن, في الاستثمار , عن طريق توظيف مدخراتهم في مشروعات مجدية انتاجية وخدمية, توسع قاعدة الاقتصاد الوطني, وتساعد على تنويعه وتطويره. ويمكن في هذا المجال للشباب العماني الذي يتحلى بروح المبادرة, ويرغب في ممارسة الاعمال الحرة, ان يستفيد مما سوف يقدمه صندوق تنمية مشروعات الشباب من وسائل لتمويل مشروعاتهم الخاصة, بعد التأكد من جدواها الاقتصادية, ومن مساندة في تزويدهم بالخبرة, في النواحي المالية والاقتصادية والفنية والتسويقية والادارية والتنظيمية, عن طريق مستشاريه وخبرائه, ان الهدف الاساسي من هذا الصندوق هو تشجيع الشباب العماني على انشاء وامتلاك مشروعات صغيرة ومتوسطة توفر لهم ولغيرهم من المواطنين فرص العمل, وتسهم في ايجاد قطاع فعال من الصناعات ذات الحجم الصغير والمتوسط التي اصبحت الآن من العوامل الرئيسية المحركة للنمو الاقتصادي في معظم اقتصاديات العالم. ايها المواطنون الاعزاء.. ان الانسان هو اداة التنمية وصانعها, وهو الى جانب ذلك هدفها وغايتها وبقدر ما تتمكن التنمية بمختلف اساليبها ووسائلها من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بان يسعد القائمون عليها, ويفخروا بنتائجها الجيدة ويعتزوا بأثارها الطيبة. ذلك ما نؤمن به, وما سعينا دائما الى تحقيقه, ولقد تحدثنا كثيرا عن هذا الامر على امتداد الاعوام السابقة, غير اننا نود ان نؤكد اليوم, وبمناسبة عام القطاع الخاص, ان نجاح اية تنمية, وانجازها لمقاصدها, انما هو عمل مشترك بين اطراف ثلاثة هم: الحكومة, والقطاع الخاص, والمواطنون, وعلى كل طرف من هذه الاطراف ان يتحمل واجباته بروح المسؤولية, التي لا ترقى الامم في درجات التقدم والتطور الا اذا تحلت بها, ولا تهوى في دركات التخلف والتأخر الا اذا تخلت عنها. ولسنا هنا اليوم بصدد تكرار تعداد ما قامت به الحكومة, من جهود كبيرة, في سبيل رعاية المجتمع العماني وتوفير سبل العيش الكريم لكل افراده, عن طريق التعليم والتدريب والتأهيل والرعاية الصحية والاجتماعية, فذلك امر واضح لكل ذي عينين, ولكننا نود ان نهيب مجددا بالقطاع الخاص ان يكثف عن مساندته للحكومة في مجال التنمية البشرية, بايجاد مزيد من الفرص الوظيفية للعمانيين, والقيام بتأهيلهم وتدريبهم وصقل مهاراتهم, في ميادين العمل المختلفة التي يحتاج اليها قطاعهم, اذ ان من شأن ذلك توفير الاستقرار والحياة الكريمة, للقوى العاملة الوطنية, وتخفيض الاحتياجات الفعلية للعمالة الوافدة الى ادنى حد ممكن, ولا يخفي ما في ذلك من اثار ايجابية اقتصادية واجتماعية على الوطن والمواطنين. والى جانب ذلك نؤكد اهمية ادراك المواطنين للدور الحيوي الذي يجب ان يقوموا به في سبيل انجاح الخطط الحكومية في مجال التوظيف في القطاع الخاص, والاحلال التدريجي للكوادر العمانية, الماهرة وغير الماهرة, محل الايدي العاملة الوافدة, فهناك فرص عديدة للعمل الشريف في هذا القطاع, وعلى الشباب العماني ان يقبل عليها, ويقبل بها, دون ترفع او تردد او استنكاف, وان يسعى بجد الى الالتحاق ببرامج التدريب والتأهيل, التي توفرها الحكومة والقطاع الخاص, من اجل صقل المهارات التي يمتلكها, او اكتساب مهارات جديدة تحسن اداءه لعمله, فتطوير الموظف او العامل لمستواه التعليمي والتقني والحرفي وانضباطه والتزامه باداء واجباته الوظيفية على خير وجه, هو ما يدفع به, فعلا الى ارتقاء سلم النجاح بخطوات سريعة وثابتة. ان تعاضد الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين وتعاونهم في توظيف اليد العاملة الوطنية, وتدريبها وتأهيلها, هو بلاشك, من اهم العوامل التي تؤدي الى تحقيق الغايات الاساسية لخطط التنمية الرامية الى بناء الانسان, وتطوير قدراته وخبراته من اجل توفير الرفاه والاستقرار للمجتمع ومما نود الاشارة اليه في هذا المقام ان سياسات التعمين وبرامجه قد بدأت تؤتي نتائج طيبة, ومن المأمول ان تستمر, بالتعاون بين الجميع في مواصلة اندفاعها المدروس لانجاز اهدافها. مسقط ــ عبدالحميد الموافي

Email