تقارير (البيان): فرنسا ضد توسيع الاتحاد الأوروبي حاليا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن وزير الخارجية الفرنسية هوبير فيدرين في اجتماعات بروكسل الاخيرة بأن فرنسا ترفض سياسة الهروب الى الامام. وأجاب على اقتراحات (اللجنة الاوروبية) بصدد توسيع اعضاء (الاتحاد الاوروبي) ــ الموجة الاولى ــ ومناقشة مسألة انضمامهم الى الاتحاد بشكل ملموس . وأكد وزير الخارجية الفرنسي بأن المسألة مفتوحة الا ان مسألة الاصلاح المالي والزراعي للاتحاد الاوروبي ــ اجندة 2000 ــ معقدة وان الاصلاحات الدستورية يجب ان تسبق هذا التوسيع بشكل مطلق. وقال ان قضية توسيع (الاتحاد الاوروبي) ودخول اعضاء جدد فيه بدأت تأخذ منحى جديدا, حيث بدأت المفاوضات مع ستة من هذه البلدان على صعيد وزراء الخارجية. ومهما قيل حول هذه المسألة فإن العواصم الاوروبية الهامة شرحت موقفها بضرورة التأني في ضم دول جديدة. فالاتحاد الاوروبي الحالي يتكون من 15 دولة والخطة تستوجب ان يضم هذا الاتحاد 27 دولة. ولكن تريد الدول الخمس عشرة قبل كل شيء ان تحدد اطار تعايشها للسنوات المقبلة. واضاف ان اجندة عام 2000 ستقرر آفاق الميزانيات حتى فترة 2006 ومناقشة ــ البنى التحتية ــ لكل منها وخصوصا السياسة الزراعية المشتركة و(الاتحاد الاوروبي) الحالي اي الذي يتكون من 15 دولة يريد قبل ان يسمح لدول اوروبا الشرقية بالانضمام اليه ان يحدد القواعد الجديدة لعمل مؤسساته. ومن المعروف ان مسألة (الاتحاد الأوروبي) طرحت في عام 1957 لكي يضم ست دول فقط. فالاتحاد الاوروبي الحالي يخشى من ان قطب القرار ــ اللجنة ــ ومجلس الوزراء والبرلمان ــ سيفقد قدرته على التحرك والقرارات اذا ما ازداد عدد الاعضاء. وأكدت اللجنة الأوروبية ان الدول المرشحة الجديدة غير مؤهلة اليوم لمقاييس كوبنهاجن. وهذه المقاييس متنوعة بطبيعتها فهي: الاداء الاقتصادي الجيد, والطبيعة الديمقراطية للمؤسسات, والقدرة العامة للانضمام الى العائلة. وهذه المقاييس من شأنها ان تقسم الدول المرشحة الى معسكرين. أولا هناك الدول الست التي يتم التفاوض على انضمامها وهي: جمهورية التشيك, بولونيا, هنغاريا, سلوفينيا, استونيا وقبرص. هذا من جهة وهناك دول أخرى لا تزال غير متفهمة لمقاييس وقيم الاتحاد الاوروبي وشروطه وهي: ليتوانيا, سلوفاكيا, بلغاريا ورومانيا. ومن المعروف ان مسألة انضمام مالطا جمدت وملفاتها لم تكتمل حتى الآن لدى اللجنة الاوروبية.اما ما يخص تركيا فإنها عوملت وللمرة الاولى باعتبارها دولة مرشحة كبقية الدول, ولو انها ليست كذلك. وسيناقش اجتماع فيينا المقبل لرؤساء الدول والحكومات حالة (المعسكرين) وفيما قررت بروكسل وهي مقر (الاتحاد الاوروبي) بأن ليتوانيا تطورت بشكل جيد ويمكنها الانضمام للاتحاد في غضون عام واحد. وسلوفاكيا بالرغم من تطورها الاقتصادي الا ان اسبابا سياسية منعتها من الانضمام الا ان تخلصها من رئيس وزرائها المتعصب قوميا فلاديمير ميسار قربها من الدول المرشحة لــ (المواجهة الاولى) في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ومما لاشك فيه ان دعم السويد والدنمارك الى ليتوانيا لتقاربهما الجغرافي معها هو الذي زاد من احتمال ترشيحها وقبولها كدولة مرشحة. وبريطانيا هي الاخرى تؤيد مسألة الاسراع اما ايطاليا باعتبارها حامية لمالطا دعمت موقف الاخيرة. فيما ظلت النمسا مترددة بين دعم سلوفاكيا وعداء سكانها لانفتاح السوق معها. اما الدول العشر الاخرى من ضمن خمس عشرة دولة فهي تقترح الطريق الواقعي اي التأني وعدم الاسراع في ضم دول اوروبا الشرقية في الحال. على سبيل المثال ايرلندا لا ترى اية مصلحة مع دول اوروبا الشرقية.. وفي ألمانيا وبعد استلام جيرهارد شرويدر لمقاليد الحكم وضع شروطا (أصعب وأكثر تعقيدا مما كان متوقعا) . اما فرنسا فترفض التعجيل بالقوة لانضمام دول اوروبا الشرقية. وفي الواقع, ان ثمة هوة شاسعة بين بلدان أوروبا الغربية التي تشكل (الاتحاد الاوروبي) حاليا وبين بلدان أوروبا الشرقية وعلى جميع الاصعدة. ذلك ان (النموذج الاجتماعي الاوروبي) يبقى العنصر الاساسي لأوروبا الغربية. جاك ديلور, وهو من ابرز انصار الاتحاد الاوروبي في السياسة الفرنسية وضع شروطا لتوسيع الاتحاد وضم اعضاء جدد, تتلخص في: وجود ديمقراطية تعددية تحترم حقوق الانسان, وجود اقتصاد السوق الحر المفتوح. والارقام البيانية للانتاج الخام المحلي تكشف مدى الهوة الموجودة بين دول اوروبا الغربية ودول اوروبا الشرقية, فاذا كان هذا الناتج يتم بنسبة 100 لكل انسان فإن ذلك يكون بنسب منخفضة تماما في كل من بلغاريا 23 وليتوانيا 30 واستونيا 37 وهنغاريا 47 اما سلوفاكيا فهي الاكثر نسبة اذ تصل الى 68. والمشاكل الاجتماعية ناتجة في بلدان اوروبا الشرقية نتيجة لهيمنة النظام الشيوعي طيلة خمسين عاما مما أدى الى ضعف رجال الأعمال وضعف دور النقابات مما يسبب صعوبة الدخول في (النموذج الاجتماعي الأوروبي) . لذلك فإن دول أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى تواجه تحديا مزدوجا, الأول الانتقال الاجتماعي الراديكالي وغير المسبوق من جهة والثاني تبني نموذج التطور الخاص بالاتحاد الاوروبي. باريس ــ شاكر نوري

Email