وجه في الاحداث: باتلر نمر منزوع المخالب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقسم كوفي عنان ان (تسريحه) ليس مطروحا. لكن رئيس مفتشي نزع اسلحة العراق ريتشارد باتلر, الذي يتعرض لتشنيع بغداد واحراج مساعده الرئيسي السابق واستبعاد مجلس الامن, لا يبدو قادرا على التأثير في الازمة الجديدة مع بغداد . لكن قبل عام تقريبا, في نوفمبر الماضي, وخلال ازمة اولى مع العراق حول نزع سلاحه كادت تتحول الى مواجهة مسلحة بين العراق والولايات المتحدة, كان ينظر الى باتلر باعتباره مفتاح الخروج من الازمة او مفاقمتها. ولجأ الدبلوماسي الاسترالي انذاك الى مضاعفة التصريحات والمقابلات, في شكل مبالغ حتى في رأي دبلوماسيي مجلس الامن الذين لم يثمنوا كثيرا حرية المناورة التي منحها لنفسه. لكن بعد سنة شهدت بضع ازمات اخرى, حصل العكس: لم يعد باتلر يتحدث سوى قليلا, ويتجنب صب الزيت على النار وينتهج سياسة ابتعاد عن الاضواء غير معتادة. والواقع ان صدام حسين الذي يطالب برأسه في مقابل استئناف التعاون مع الامم المتحدة, يوفر له فرصة ثمينة للعودة الى الساحة, وهي فرصة يصعب تفويتها. وقال دبلوماسي غربي ان (العراقيين يتخذون باتلر كبش محرقة. هذا لن ينجح لانه لا يمكن تصور ان يتخلى عنه مجلس الامن في الظروف الحالية) . وكان المتحدث باسم الامم المتحدة اكد امس الاول ان الامين العام كوفي عنان (يثق تماما) برئيس يونسكوم, في حين اعرب مجلس الامن السبت عن (دعمه الكامل) للجنة الخاصة. لكن هذه التصريحات الودية لا تكفي لكي تعيد الى رئيس المفتشين السلطة التي فقدها تدريجيا منذ ان تولى كوفي عنان في فبراير الماضي شخصيا نزع فتيل ازمة تفتيش القصور الرئاسية متلافيا حصول مواجهة في آخر لحظة. ويعتبر مسؤول في الامم المتحدة ان (حل الازمة سياسي قبل ان يكون تقنيا) اي انه في يد مجلس الامن وليس خبراء نزع السلاح. وازدادت وتيرة تهميش يونسكوم ورئيسها منذ اغسطس عندما قررت بغداد تقليص تعاونها مع المفتشين ثم اوقفته كليا السبت الماضي. وبات المفتشون الذين لم يعد لديهم ما يفتشوه عاطلين عن العمل. وجاءت الاستقالة المدوية في اغسطس التي قدمها مساعده الامريكي سكوت ريفر لتوجه اليه ضربة قاسية ايضا. فقد صفق الكابتن السابق في مشاة البحرية الامريكية الذي نظم اكثر عمليات التفتيش استفزازا في رأي العراق, الباب متهما الولايات المتحدة والامم المتحدة باعاقة عمل المفتشين, وهي اتهامات لم يتنصل منها باتلر سوى في وقت متأخر. ومنذ ذلك الحين بات ريتر وليس باتلر الضيف المفضل للحلقات الاعلامية. ومنذ اغسطس تعمد القادة العراقيون هم ايضا تجاهل من تصفه صحف بغداد بانه (كلب مسعور) : لا حوار ولا رسائل ولا حتى مذكرات احتجاج, اذ صارت بغداد تتوجه بمطالبها مباشرة الى رئيس مجلس الامن. ويعترف الدبلوماسيون بان شخصية هذا الخبير في شؤون نزع السلاح البالغ من العمر 56 عاما والضخم القامة, لم تسعفه كثيرا. متعجرف في نظر البعض, ومجرد (جلف) بالنسبة للبعض الاخر. لكن الكثيرين يؤكدون ان هذا الرجل المبدئي الذي لا يحب التسويات, لم يحاول ابدا ان يفهم العراقيين. وكانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد رفضت في 1996 ترشيح كانبيرا الى عضوية مجلس الامن, وهو فشل شخصي فادح لريتشارد باتلر, الذي كان حينها ممثلا لاستراليا, ويعكس قلة شعبيته بين اقرانه. ــ أ.ف.ب

Email