تقارير البيان: جيش الجزائر يطلق السياسة لكن بديل زروال غائب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثلها ومثل وصيفاتها في العالم الثالث, خضعت الجزائر على مدى عقود لسيطرة الجيش على مقاليد الحكم ودواليب السلطة . يبدو ان الجزائر تتهيأ الآن لاعادة رجال الجيش الى ثكناتهم وفتح كرسي الرئاسة في الجزائر أمام المدنيين الذين كثيرا ما نادوا بهذا المطلب, وبتفرغ الجيش لمهامه الدستورية التي تتمثل أساسا في حماية أمن البلد. ولعل إعلان رئيس الجمهورية الجزائري عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة يصب في هذا الاطار, خاصة وان الرئيس نفسه عبر عن هذه الرغبة بكل صراحة عام 93 عندما كان وزيرا للدفاع اذ اكد ان مهمته الأساسية تكمن في افساح المجال امام السياسيين لتحمل مسؤولياتهم في تسيير شؤون البلاد. مصادر حزبية أكدت لـ (البيان) ان مساعي حثيثة تبذل في الكواليس لضبط بعض المعايير لاختيار مرشح الاجماع الوطني, وفي هذا السياق اكد أحد قياديي جبهة التحرير الوطني عن حزبه أمام خيارين إما المشاركة في حملة الرئاسة بمرشح للحزب وهذا يستدعي عقد مؤتمر استثنائي لتقديم المرشح واما دعم فكرة مرشح الاجماع الوطني, وهي فكرة بدأت تلقى رواجا في الساحة السياسية. اكدت المصادر نفسها ان اللقاء الذي جمع مؤخرا الأمينين العامين لحزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي أو حزب السلطة, كما يفضل البعض تسميته, تمحور حول دراسة امكانية تقديم مرشح الاجماع الوطني, واشارت انه إذا تم الاتفاق على ذلك فإنه من السهل اقناع الطرف الثالث في الائتلاف الحكومي وهي حركة مجتمع السلم, التي ستجد نفسها مرغمة على الموافقة. ورغم ان حركة مجتمع السلم لم تبد موقفها صراحة في هذا الموضوع, ربما لغياب الرقم الأول في الحزب (محفوظ نحناح) الذي يقوم بجولة في كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا, الا ان عبد الرزاق مقري (أحد قيادات الحركة) دعا من جانبه الى ضرورة التعايش بين الجميع ولم يستبعد امكانية التحالف بين القوى السياسية الأخرى تشترك معه في ضمان المحافظة على الثوابت الوطنية, وهي اشارة ضمنية لقبول مرشح الاجماع الوطني الذي يفضل الجميع أن يكون مدنيا. وقد أكدت جماعات موثوقة مقربة من السلطة ان نية انسحاب الجيش وتسليم السلطة للمدنيين هي قضية مفصول فيها وأنها أصبحت قناعة لابد من تطبيقها, والأكثر من ذلك تضيف هذه الجهات ان الأمر عرض على عبد العزيز بو تغليقة وزير الخارجية في عهد هواري بو مدين لكي يكون مرشحا للرئاسة قبل أربع سنوات, الا ان هذا الأخير تراجع في آخر لحظة الشيء الذي دفع بالسلطة لاختيار رجل عسكري هو الأمين زروال الذي اكد هو الآخر في خطابه الأخير على ان الجزائر ستدخل عهدا جديدا بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة, ولعل أبرز مظاهر هذ العهد انتخاب رجل مدني لرئاسة الجمهورية. وإذا لم تفلح الطبقة السياسية في الجزائر في اختيار رجل الاجماع, الذي ينبغي ان ترضى عنه المؤسسة العسكرية حامية الدستور, فإن الباب سيفتح على مصراعيه للدخول في سباق الرئاسة الذي سيكون ساخنا بين الوطنيين الممثلين في جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والاسلاميين الممثلين في حركتي مجتمع السلم والنهضة, وفي هذه المسألة, فإن الإصرار على رحيل الحكومة سيصبح أمرا ذا أولوية, لأن المعنيين بالسباق نحو قصر الرئاسة يرون ان بقاء حكومة أحمد أو يحيى سيؤثر على نتائج الصندوق, خاصة إذا وضعنا في الحسبان اتهامات المعارضة لهذه الحكومة بتزوير الانتخابات التشريعية والمحلية وقد تم تشكيل لجنة برلمانية متعددة الأطراف, للتحقيق في هذا الأمر وقد انتهت مؤخرا من إعداد تقريرها حول سير الانتخابات المذكورة. ولكن السؤال المطروح هل ستكفي فترة خمسة أشهر وهي المدة التي تفصل عن موعد الانتخابات المبكرة لرحيل هذه الحكومة ومجيئ أخرى خاصة وان الجميع سيدخل قريبا في اجراءات سياسية وتقنية للتحضير لهذه الانتخابات الحاسمة, من ذلك مثلا جولات الحوار التي ستنعقد في الأيام القليلة المقبلة بين الرئاسة والأحزاب لضبط الموعد الانتخابي وكيفية اجراء هذه الانتخابات. الجواب حسب المتتبعين يحتمل الأمرين, بمعنى انه قد ترحل الحكومة وقد لاترحل, والأكيد ان اللقاءات التي ستجمع الأحزاب السياسية في القريب العاجل مع الرئيس هي التي ستفصل في مثل هذه المسائل؟ الجزائر - البيان

Email