تقارير البيان: استثناء (توتال) من عقوبات داماتو ليس نهاية الخلافات الامريكية الاوروبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من بوادر الارتياح التي ابدتها كبريات الشركات الدولية وفي مقدمتها توتال الفرنسية, وغاز بروم الروسية بجانب ترحيب الساسة والدبلوماسيين فلم تستقبل معظم دول الاتحاد الاوروبي القرار الامريكي باستثناء تطبيق قانون (داماتو) بالعقوبات على الشركات الاوروبية التي تتعامل مع كوبا, ليبيا, ايران, بترحاب شديد, وذلك لعلم الدول الاوروبية مسبقا ان هذا القرار ليس هو نهاية المطاف او نهاية الخلاف الاوروبي الامريكي حول هذا الامر , وان امريكا ليست جادة مأئة بالمائة فيما تقول وان ما حدث هو نوع من توزيع الادوار السياسية مع اوروبا ومحاولة لاستعادة بعض من ماء الوجه الذي اراقته اسرائيل. مؤخرا برفضها المبادرة الامريكية, فامريكا تسعى بكل الصور الآن لكسب شعبية خسرتها بفعل اسرائيل واوروبا تعلم ان هذا القرار لن يكون ساري المفعول قبل ان يصدق عليه الكونجرس الامريكي بالموافقة كما يمكن لامريكا ان تتراجع عنه في اية لحظة قادمة, وهذه التصورات ليست من قبيل التشاؤم الاوروبي بل من منطلق الدراية الاوروبية بطبيعة السياسة الامريكية. ولقد سبق اعلان القرار الامريكي العديد من المقايضات التي فرضتها امريكا على اوروبا في مقدمتها تنازل دول الاتحاد الاوروبي عن الدعوى القضائية التي اقامتها عام 96 ضد امريكا امام منظمة التجارة العالمية اعتراضا على القرار الامريكي او قانون (داماتو) والذي وصفته اوروبا في دعواها بالعنصرية وانه ينال من السيادة الداخلية للدول الاوروبية ويخالف التشريعات الدولية, وفي فبراير من العام الماضي اعلنت لجنة من ثلاثة قضاة بمنطقة التجارة العالمية موافقتها للبت في القضية ووفقا للوائح الداخلية لمنظمة التجارة العالمية كان لزما على الاتحاد الاوروبي التقدم بطلب تعزيز للدعوى خلال عام والا يتم فض اللجنة التي تشكلت للنظر في القضية, وبالفعل لم تتقدم اوروبا بتعزيز للدعوى وكان اخر موعد في نهاية مارس الماضي بالتالي تم فض اللجنة وتم الغاء النظر في الدعوى وكان هذا مفاجأة لتنازل اوروبا عن الدعوى لكن الدافع كان هو حصول اوروبا على الوعود الامريكية باعادة النظر في القرار والتعامل الاخلاقي مع الشركات الاوروبية, كان هذا هو المقابل الاول الذي قدمته اوروبا من فروض حسن النية والطاعة لامريكا لرفع العقوبات اما بقية المقايضة فقد تمثلت في وعد الاتحاد الاوروبي بالمساعدة والحد من قيام ايران بتطوير اسلحة الدمار الشامل وعدم انتاجها وعدم التعاون مع الشركات الحكومية التابعة لفيدل كاسترو (اي الشركات الحكومية الكوبية) ولكن التعامل مع الشركات الخاصة فقط. وقد اعلنت اتحادات رجالات الاعمال والشركات في اوروبا ان الاتحاد الاوروبي يستطيع من الان ان يقيم دعوى قضائية من جديد امام منظمة التجارة العالمية لتقنين ما اعلنه كلينتون في مؤتمر الدول الثماني, غير ان هذه الدعوى تستغرق اجراءات تمتد لاكثر من ستة اشهر ويمكن خلال هذه الفترة ان تتراجع امريكا فيما اعلنته وفقا لرفض الكونجرس او تتخذ مواقف اخرى من شأنها الغاء ما قررته. يذكر ان حجم استثمارات الشركات الاوروبية في الخليج وايران يبلغ اكثر من 40 مليون دولار في مجالات النفط والغاز وان هذه التعاملات قد تأثرت بصورة كبيرة مع ايران بعد اصدار امريكا لقرار العقوبات عام 95 كما تأثرت البنوك الاوروبية في حجم تعاملاتها مع الدول المسببة للحظر (ليبيا وكوبا وايران) والتي تكبدت خسائر بلغت مليارات الدولارات بسبب ايقاف التعاملات مع هذه الدول. هولندا ـ سعيد السبكي

Email