الاتحادي يشهد تصدعات جديدة و(الاخوان) يستعدون لرفع قضية: مسودة الدستور السودانية تزيد الانشقاقات السياسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنفست الجبهة الاسلامية وزعيمها الدكتور حسن الترابي الصعداء بعد ان اجاز (البرلمان) الدستور الدائم للبلاد كما ارادته السلطة الحاكمة بالرغم من تقاطع وجهات النظر بشأن العديد من احكامه ومخالفة الاسلاميين بعضهم البعض حول تفسير معانيه ومقاطعة الكثيرين من أهل الرأي والسياسة الذين تمت دعوتهم للاستئناس بارائهم, وفوق هذا وذلك عدم اعتراف المعارضين بهذه الوثيقة. وبينما كان الدكتور الترابي يعلن قائلا (مرت والحمد لله) مع كل فقرة يوافق عليها النواب, كان قادة المعارضة بالداخل يعارضون (لن نقبل هذا الدستور ولو جاء مبرءا من كل سوء) كما قال لــ (البيان) سيد أحمد الحسين مساعد الامين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني, وقال نائب رئيس الحزب الحاج مضوي محمد احمد ايضا لــ (البيان) : هذا الدستور (مكانه سلة المهملات) . اما وزير العدل الاسبق في الحكومة الديمقراطية عثمان عمر الشريف, وهو من مجموعة الهندي المنشقة عن المعارضة والحزب الاتحادي الديمقراطي فقال ان الدستور الذي تمت اجازته يصلح فقط ان يكون اجندة للحكومة للحوار مع الاطراف الاخرى, ولهذا طالب بوقف استفتاء الشعب حوله الى حين تحقيق الوفاق الوطني. والى ذلك ذهب الشيخ عبد المحمود ابو الذي يعبر عن وجهة نظر حزب الأمة الذي تزعمه الصادق المهدي, فقد وصف الدستور بانه يعبر عن وجهة نظر طرف واحد, وان الأمر كان يتطلب اولا حسم قضايا هامة مثل الحرب والسلام ونظام الحكم والتأصيل. واذا كانت وجهة نظر عثمان عمر تبدو غريبة بالنظر الى التحالف القائم بين مجموعة الهندي مع السلطة, فان حالة من الاضطراب سادت صفوف الحزب الاتحادي الديمقراطي, عندما دعا المحامي تاج السر محمد صالح مستشار الميرغني ووزير الدولة السابق بالخارجية في الحكومة التي اطاح بها العسكريون والاسلاميون, جماهير الحزب للتأهب للمرحلة المقبلة (بعد أن دخلت الدولة مرحلة المؤسسية) مما يتطلب التعاون معها بشكل آخر) , واضاف ان الساحة (تشهد الآن انفراجا سياسيا وان الاغلبية من قيادات الحزب ترجح الحوار مع الحكومة لاعتبارات مصلحة الوطن. وقال ان (الثوابت التي اشار اليها الدستور للسماح للاحزاب بمعاودة نشاطها على اساسها ليست جديدة على الحزب الاتحادي الديمقراطي مثل الشريعة) مشيرا الى أن الحزب يضع في اعتباره انه (يواجه منافسا آخر يرضع من ثدي الحكومة) , وفي اشارة الى (المؤتمر الوطني) وهو التنظيم السياسي للدولة الذي يترأسه الفريق عمر البشير ويتولى امانته العامة الدكتور الترابي. وسألت (البيان) كلا من حسن عبد القادر هلال عضو المكتب التنفيذي والقيادة العليا للحزب الاتحادي الديمقراطي وعبد الوهاب خوجلي عضو المكتب السياسي, حول ما ذكره تاج السر. فقال هلال (هذه مجرد وجهة نظر شخصية وهو مسؤول عنها لان القيادة لم تصدر مثل هذا الرأي او تلك الدعوة لقاعدة الحزب) . وقال خوجلي, الذي شارك مع هلال وآخرين في مجموعة حوارات مع السلطة (اننا رفضنا من البداية اي مشاركة في غياب الحريات العامة بمجملها) , واضاف (كيف ندعو جماهير الحزب ان تتهيأ للمرحلة المقبلة بينما لا تزال قيود المرحلة الحالية تكبل المواطنين, وكيف ننقاد ونحن حزب غالب الحزب الجبهة او دستورها الذي تم تفصيله على حجمها الصغير) واضاف: (السلطة تتحدث عن قانون قادم بعد الدستور يؤطر للاحزاب, فاذا كانت السلطة هي التي تضع الدستور وايضا القانون فهذا يعني انها ضالعة في حرمان الاخرين من كل حقوقهم الا ما يتناسب وعدم ازعاجها في الحكم كأن تكون هناك احزاب (مدجنة) , واضاف ان صفوف الحزب متراصة وقادرة على امتصاص اي محاولة للاختراق. وبعد اجازة الدستور صدرت تعليقات متشعبه بشأن الاحزاب والحرية السياسية, فقال علي عثمان محمد طه وزير الخارجية ونائب الدكتور الترابي في الجبهة الاسلامية, انه لم يعد هناك شيء الان اسمه الجبهة الاسلامية او حزب اسلامي ولكن هناك تيار عريق للحركة الاسلامية واضاف ان تولي الدكتور الترابي الامانة العامة للمؤتمر الوطني ليس امرا مستغربا (لانه كان دائما يطرح فكرة توحيد وتجميع الاطار الاسلامي الوطني خارج الاطار الحزبي, وكان دائما يضيق بالاطار الحزبي المحدود ولهذا تحرك من تنظيم الاخوان المسلمين الى جبهة الميثاق الى الجبهة الاسلامية القومية واخيرا الى الحركة الاسلامية العامة في المؤتمر الوطني) وقال طه في حديث لصحيفة (اخبار اليوم) الصادرة في الخرطوم اننا لا نرغب في حجب او حجر الاخرين عن منافستنا سياسيا في قيادة الجماهير, والمجال اصبح الان مفتوحا امام كل مواطن ان يعود الى وطنه ويمارس حقه السياسي وان يختبر قوة قبول الشعب له) . من جانبه قال احمد ابراهيم الطاهر وزير العلاقات الاتحادية والذي شارك بفاعلية في وضع مسودة الدستور والدفاع عنها من منطلق اسلامي, ان الحرية متاحة باشكالها المختلفة بما فيها حرية التنظيم ومما يتيح الفرصة لعودة الاحزاب, ونفى ان تكون هناك امكانية لعزل احد سياسيا, وعلى غرار الطاهر قال محمد احمد الفضل نائب الامين العام السابق للمؤتمر الوطني والقيادي البارز في الجبهة الاسلامية, بأنه (لا حجر بعد الان على احد ان ينظم نفسه داخل او خارج اطار المؤتمر الوطني وقال ان القيادات بالداخل من احزاب الاتحاد الديمقراطي والامة واللجان الثورية وغيرهم مدعوة لتكوين جبهة وطنية متحدة او مؤتمر للقوى الوطنية, لان مثل هذا الوعاء يعتبر ضرورة لاستيعاب الاجماع الشعبي, من جانبه قال بدر الدين طه والي الخرطوم السابق والنائب البرلماني ان (الدستور يتيح حرية التنظيم والتعبير من غير بوابة الطائفية بعد الاتفاق على الثوابت الخمسة وهي الشريعة الفيدرالية, الوحدة, النظام الرئاسي, والعرف) , اما النائب علي دوسة فقد قال انه تحفظ على المادة 26 الخاصة بالتوالي السياسي الى حين انفاذ تعهد الحكومة بتقديم قانون للبرلمان يضمن قيام الاحزاب. من ناحية اخرى صرح الدكتور عصام احمد البشير الذي قاد في لجنة الدستور والبرلمان الدعوة صراحة لعودة الاحزاب, بأن كيان (الاخوان المسلمين) الذي ينتمي له سيكون جزءا اصيلا من الحركة السياسية, في البلاد بعد اعلان قيام التنظيمات السياسية, وقال الدكتور عصام انه بالرغم مما صاحب الدستور من غموض بشأن الحريات السياسية, فانه يمثل تطورا مهما نحو الاستقرار السياسي. وبينما قال عبدالباسط سبدرات مستشار رئىس الجمهورية للشؤون القانونية ان للمواطن الحق في اللجوء الى المحكمة الدستورية, في حالة انتهاك حقوق في الحريات وكفالتها قال, الدكتور عصام ان اول خطوة سيقومون بها ستكون مطالبة المحكمة الدستورية بتفسير تعبير التوالي السياسي بوضوح تام, وهو التغيير الذي وصفه علي عثمان محمد طه في احدث تفسير له ان كلمة (التوالي) بظلالها اللغوية الاصيلة والواسعة تعني (الا تقوم حرية التنظيم على الموالاة السياسية فقط بل اعمق من حيث التوالي الاجتماعي ومن اجل قيام برنامج واسع يحدث وفقا في الحياة ولايقتصر على الناخبين) واضاف ان الحكومة (جادة في السماح بتعددية على الرغم من اننا ندعو الى وحدة الصف الوطني, مؤكدا انه سيتم السماح بقيام تنظيمات سياسية خارج اطار المؤتمر الوطني تنظم نفسها وتسعى لكسب التأييد وفقا للمعايير التي وضعها الدستور وينظمها لاحقا قانون الاحزاب) وأضاف (مشروع قانون حرية التنظيم ونعني به الاحزاب يمكن ان يكون واحدا من آليات التحاور ولكننا اذا وجدنا موقفا سالبا من البعض داخل وخارج السودان فان الحكومة ستمضي على هذا الطريق, وهذه قناعات الحكومة وليست استجابة لضغوط وستضع الضوابط والمعايير وسينظمها القانون. وسئل طه عما اذا كان هذا يشمل الاحزاب السابقة بأسمائها فقال كل من يرتب أموره وفق هذه المعايير يجد حقه) . وفي خطوة يصفها بعض المنتمين لاحزاب اليسار وبخاصة الحزب الشيوعي بأنها محاولة من الجبهة الاسلامية لشق حقوق المعارضة, صرح الدكتور مجذوب الخليفة والي الخرطوم والمصنف من المتشددين في الجبهة الاسلامية, بأن هناك ضرورة على الحوار على اليسار السوداني الذي وصفه بأنه (يسار مؤمن) مشيرا الى ان هذا الحوار (واجب وطني وديني) . ويعد هذا التصريح بعد اسبوع من تصريح مشابه اطلقه وسط دهشة المراقبين الدكتور منعم عبد الرحيم الامين العام للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم طالب فيه بالحوار مباشرة بين السلطة الحاكمة والحزب الشيوعي. الخرطوم ـ يوسف الشنبلي

Email