نتانياهو مستقوي على كلينتون باليمين الامريكي المتطرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تتسم علاقات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مع ادارة الرئيس الامريكي بيل كلينتون بنوع من التوتر وعدم الارتياح, يسعى نتانياهو إلى توطيد علاقات حكومته بتيار امريكي يميني محافظ يعارض بشدة سياسات الادارة الحالية . فخلال زيارته الاخيرة إلى واشنطن في يناير الماضي, حرص نتانياهو على بدء تلك الزيارة بلقاء زعماء التنظيمات المسيحية المتطرفة في الولايات المتحدة في محاولة لاظهار انه يتمتع بتأييد واسع النطاق بين صفوف جماعات كبيرة من الامريكيين, خاصة وان المراقبين يجمعون على وجود انقسام بين اليهود الامريكيين حول مدى تأييدهم لنتانياهو. ويرى بعض الخبراء في شؤون اليهود الامريكيين ان اي رئيس وزراء اسرائيلي يحتاج عادة إلى دعم الادارة الامريكية ودعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة في الوقت نفسه, وهو ما لا يتمتع به نتانياهو حاليا مقارنة بسلفه اسحق رابين, على سبيل المثال, الذي كان يحظى بدعم مطلق من ادارة كلينتون وبتأييد واسع بين صفوف الجالية اليهودية. فالادارة الامريكية ترغب في اعادة عملية السلام العربية الاسرائيلية, وهي العملية التي استثمرت فيها الكثير من الوقت والجهد والمصداقية, إلى مسارها, وترى ان سياسات نتانياهو الاستيطانية والاجراءات التي تتخذها حكومته من جانب واحد تعيق امكانية تحقيق ذلك, اما الجالية اليهودية الامريكية من جهتها, فتبدي تأييدا لنتانياهو في العلن, على الرغم من ان الكثير من القيادات اليهودية الامريكية بدأت تظهر نفاد صبرها ازاء سياساته, سواء تلك المتعلقة بعملية السلام أو المتعلقة بالنقاش الدائر في اسرائيل بشأن تحديد (من هو اليهودي) وهو النقاش الذي يتخوف منه اليهود الامريكيون إلى حد كبير. ويدرك رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي مدى المعارضة التي يبديها التيار المسيحي اليميني للرئيس كلينتون وسياساته, كما يدرك في الوقت ذاته ما تشكله هذه التيارات من قوة سياسية باعتبارها كتلة انتخابية لا يمكن للرئيس الامريكي تجاهلها, ولهذا, حرص نتانياهو خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة على لقاء زعامات هذه التيارات قبيل اجتماعه بالرئيس الامريكي في البيت الابيض, مما اثار استياء الادارة الامريكية بشكل لم يكن بالامكان اخفاؤه, خاصة وان هذه الجماعات تعارض بشكل واضح, لاسباب عقائدية بحتة, مبدأ مقايضة الارض بالسلام الذي تبنته الولايات المتحدة اساسا لعميلة السلام في الشرق الاوسط, ولم يكن من المفاجىء بالتالي, ان يقابل نتانياهو خلال لقائه بجموع التيارات المسيحية المتطرفة في واشنطن بهتافات منها (ولا بوصة واحدة) , وهو ما يشير إلى رفض هذه الجماعات لأي انسحاب اسرائيلي من اراضي الضفة الغربية. ومع ذلك فان الكثير من المسيحيين المتطرفين الذين يؤيدون اسرائيل في الولايات المتحدة لا يعترفون بالديانة اليهودية على انها ديانة صالحة إلى حد كبير, ويقول الحاخام جيمس رودين مدير الشؤون الدينية في اللجنة الامريكية اليهودية, ان الكثير من الجماعات المسيحية المتطرفة في امريكا تنظر إلى وجود اسرائيل على انه امر حتمي. وبالرغم من ذلك فان علاقة الليكود الاسرائيلي القوية مع اليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة لا تعني بالضرورة ان حكومة نتانياهو تتمتع بتأييد مطلق بين الجماعات المسيحية الامريكية الاخرى, فالمسؤولون في المجلس القومي للكنائس مثلا, وهو تجمع يضم 34 طائفة بروتستانتية وارثوذكسية شرقية يقولون ان جماعاتهم تؤيد حق اسرائيل في الوجود, لكنها (تحتفظ بحقها في معارضة سياسات معينة للحكومة الاسرائيلية) , وعلاوة على ذلك, ترى مثل هذه التجمعات ان اليمين المسيحي, بتأييده المطلق لاسرائيل, يتجاهل بالكامل الجاليات المسيحية العربية التي عاشت في ارض فلسطين التاريخية لقرون عديدة. ولكن الواضح, كما يرى المحللون في واشنطن, ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يريد ايجاد تحالف سياسي في امريكا بحيث يمكنه ذلك من ممارسة نوع من الضغط على ادارة الرئيس كلينتون باستخدام عناصر مثل المبشر الديني المتطرف جيري فالويل وغيره من الشخصيات المحافظة المعادية بشكل كبير للادارة الامريكية, وكان فالويل, المعروف بتعاطفه الشديد مع اسرائيل وبكراهيته للرئيس كلينتون وسياساته, قد قال خلال لقائه مع نتانياهو في يناير الماضي, ان نتانياهو (يفهم امريكا اكثر من اي رئيس وزراء اسرائيلي سابق, ولقاؤه معي الليلة التي سبقت لقاءه بالرئيس كلينتون لم تكن صدفة محضة) . واشنطن ـ مهند عطا الله

Email