ثلاثة أسباب عجلت باستقالة الحكومة الكويتية: اجتماع لاقطاب الأسرة الحاكمة بولي العهد

ت + ت - الحجم الطبيعي

سبقت استقالة الحكومة الكويتية امس وتقديمها الى الشيخ سعد العبد الله ولي العهد سياقا محموما بين رموز البرلمان والحكومة لنزع فتيل الأزمة التي فجرها اقتراح الاقتراع على طرح الثقة بوزير الاعلام (الشيخ سعود ناصر الصباح على خلفية أزمة الكتب الممنوعة والتي لو حدثت لكانت المرة الاولى التي يطيح بها مجلس الأمة بوزير منذ عام 1962. وكان أحد النواب المقربين من الحكومة قد أكد أن المعارضة ضمنت حشد 24 نائبا وهو الرقم المطلوب للاطاحة بالوزير في ظل هذا بدت الاجواء في الكويت امس وكأنها تتجه الى ترجيح استقالة الحكومة على جميع الاحتمالات الاخرى وهو ما حدث بالفعل في ظل اصرار النواب مقدمي طلب طرح الثقة على المضي في طريقهم, والاعلان عن تزايد اعداد النواب المنضمين الى جانب طرح الثقة. وقد شهدت الساعات الاربع والعشرون الماضية تطورات مهمة بشأن بطلب طرح الثقة في جلسة الثلاثاء المقبل, أبرزها اجتماع لاقطاب الاسرة الحاكمة تم خلاله التأكيد على رفض خيار حل مجلس الامة, والثاني لقاء ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح مع مقدمي الاستجواب الذين أصروا على المضي في طرح الثقه. فقد عقد اقطاب الاسرة الحاكمة اجتماعا طرحت خلاله عدة سيناريوهات للتعامل مع الموقف, ومن بينها الحل الدستوري لمجلس الأمة, او استقالة الحكومة. وارتأى المشاركون بالاجماع استبعاد حل المجلس, معتبرين ان الاستجواب ومن ثم طرح الثقة جزء من اللعبة الديمقراطية, مشددين على ضرورة ان تأخذ هذه اللعبة مداها. وقدم وزير الاعلام الكويتي مداخلة شدد فيها على ضرورة استبعاد حل مجلس الامة, مشيرا الى أنه في حال اللجوء الى خيار الحل الدستوري وربطه بالاستجواب (فسأكون أنا الخاسر الاكبر) وقال (لا أريد ان اكون وراء الحل او سببا فيه) . وأفادت مصادر برلمانية ان المبادرة التي أطلقها الشيخ سعد لتلافي طرح الثقة بوزير الاعلام لم تلق التجاوب المطلوب من مقدمي الاستجواب النواب محمد العليم ود. وليد الطبطبائي ود. فهد الخنة. فقد استقبل الشيخ سعد النواب الثلاثة, ودعاهم للوقوف عند الحد الذي بلغه الاستجواب, وطلبوا التشاور مع النواب الذين وقعوا طلب طرح الثقة ــ وهم تسعة بالاضافة الى د. الطبطبائي ــ ونتيجة التشاور رفض هؤلاء سحب طلبهم. وقد أبلغ النواب الثلاثة الشيخ سعد هذا الموقف عندما استقبلهم للمرة الثانية. من جهة ثانية, أدت الأجواء السياسية الراهنة الى طلب النواب الستة, الذين يشكلون وفد مجلس الأمة الكويتي الى الدورة الـ 31 للاتحاد البرلماني العربي في صنعاء الى طلب الغاء زيارتهم. وأعلن وكيل الشعبة البرلمانية النائب مبارك الخرينج بعد اجتماع اللجنة التنفيذية للشعبة ابلاغ الاتحاد البرلماني العربي عدم المشاركة في الدورة, التي تبدأ اعمالها اليوم في العاصمة اليمنية. وكان الوفد يضم بالاضافة الى الخرينج رئيسا, النواب عبد الوهاب الهارون, غنام الجمهور, فهد الميع, مرزوق الحبيني وعبد السلام العصيمي. واتضح بجلاء تزايد اعداد النواب المؤيدين لطرح الثقة, حيث أعلن النائب عبد السلام العصيمي نيته مساندة طرح الثقة. وأضاف انه يمثل نفسه ولا يمثل اي تيارات سياسية في هذا الشأن, وقال أنه يقف مع الحق أينما كان. وتزايدات مؤشرات مساندة طرح الثقة في صفوف النواب خاصة في ندوة عند النائب حسين الدوسري حضرها النواب فهد الخنة ووليد الطبطبائي ووليد الجري وخالد العدوة ومرزوق الحبيني ومحمد العليم ومبارك الدويلة وفهد الميع الذي قال: حان الوقت لأعلن موقفي على الملأ, أنا أؤيد الاستجواب وسأقوم بالتصويت الى جانب طرح الثقة, منتقدا قيام وزير الاعلام باحالة د. وليد الطبطبائي الى النيابة. في ظل هذه الاجواء الحافلة بالمشاحنات والصراعات أصيبت اسعار الاسهم في بورصة الكويت بالانهيار, وساعدت تلك الاجواء على تسجيل انخفاضات جديدة وحادة في غياب عوامل دفع أساسية للسوق أهمها عدم توافر السيولة النقدية من ناحية وتراجع الاسعار العالمية للنفط والتي ستؤثر حتما على الموازنة العامة للدولة خلال العام الحالي. وخسر مؤشر السوق 1.84 نقطة مقارنة باقفال يوم الاربعاء الماضي وتراجعت اسعار 53 شركة من اصل 58 جرى عليها التداول. وتراوحت قيمة التراجع بين 30 ــ 50 فلسا لبعض الاسهم ولم يوقفها سوى السقف اليومي المحدد لهبوط الاسعار. واقفل السوق على عروض بيع لـ 30 شركة في الوقت الذي غابت فيه طلبات الشراء على اسهمها في مؤشر اصاب المتعاملين بالتخوف من انخفاضات جديدة خلال الأيام المقبلة. في هذا الاطار والتوجه اصبح واضحا عند الشارع الكويتي وان الحل يتجاوز حدود السماح والصفح. وأمام تداعيات الازمة فان الاوساط السياسية توقعت ما اعلنه ولي العهد استقالة الحكومة لثلاثة اسباب رئيسية: الاول: ان طرح الثقة قد يحظى بما يزيد على 24 صوتا, هو أمر يدخل في إطار التكهنات الذي لا ترغب الحكومة في التعامل معه, مما سيعني ان الحياة البرلمانية ستسجل ولاول مرة خروج وزير بسبب طرح الثقة. الثاني: ان المستجوب من أفراد الاسرة الحاكمة, ومعلوم ان البرلمانات الفائتة لم تطرح الثقة بأي منهم, حيث كان ينتهي الأمر عند الاستجواب او الاقالة قبل طرح الثقة. الثالث: ان التعديل الوزاري المحدود, او تشكيل حكومة جديدة يخرج الوضع الداخلي من المأزق ويكون الاقل ضررا. لذلك فإنه من غير المستبعد ان يتجه الشيخ سعد نحو الخيار الذي يحقق للبلاد الاستقرار, وهو استقالة الحكومة.

Email