البيان تحاور جارودي بعد النطق بالحكم في قضية الأساطير الاسرائيلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

احكم اليهود المتطرفون واعضاء منظمة (بيتار) الصهيونية الحصار حول مبنى قصر العدل بباريس لارهاب الاعلاميين الذين حضروا لمتابعة جلسة الحكم في قضية المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي والتي اتهمه فيها الصهاينة من يهود فرنسا بمعاداة السامية تلك التهمة التي اختلقوها لارهاب المفكرين والمثقفين وتخويفهم من عدم الاقتراب من ملف اساطيرهم واكاذيبهم وغض الطرف عن ممارسات اسرائيل الارهابية. وبصدور الحكم ببراءة جارودي رغم تغريمه التقته (البيان) وبادر بقوله ان الحكم اظهر عجز المحكمة عن التحقيق (التاريخي) مؤكدا ان قضيته ستبقى في سجل التاريخ وانه فتح بابا امام الباحثين في خرافات الصهيونية ولن يغلق ابدا. (لقد ضرب المتطرفون اليهود حالة حصار حقيقية حول قصر عدالة باريس والشوارع المؤدية اليه ومحطات مترو الانفاق الموصلة اليه واقاموا ميليشيات واعتدوا على الصحفيين العرب والمسلمين والجمهور..) . بهذه العبارات استهلت اغلب الصحف الفرنسية الكبرى الصادرة امس السبت مقالاتها المتحدثة عن صدور حكم الدائرة السابعة عشرة لمحكمة باريس في قضية المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي. بهذه العناوين اعلنت الصحافة الفرنسية وكذلك قنوات التلفزيون الاوروبية وحتى الامريكية عن نشأة ظاهرة غريبة عن دولة القانون والمؤسسات, وغريبة عن اخلاق الشعب الفرنسي وتقاليد الثقافة الفرنسية العريقة. وفعلا لقد زرعت عصابات الصهيونية التابعة لمنظمة (بيتار) الرعب في صفوف رجال الاعلام العرب المسالمين وهجم اعوانها حليقو الرؤوس على الجمهور المسالم وعلى رجال الامن ولوحوا بشعارات معادية للدين الاسلامي والعرب ورموا القنابل المسيلة للدموع وسدوا منافذ محطات مترو الانفاق (لتسليط العقاب الصهيوني) على كل من يقف ضد الاساطير المؤسسة لسياسة اسرائيل. الحصيلة: صحفيان مصريان في المستشفى وصحفي اماراتي جريح وصحفي مغربي نقل الى الاسعاف في حالة اغماء وصحفيان ايرانيان يعانيان من كسر في العظام والصحفية الفرنسية (جينات اسكندراني) وقع الاعتداء عليها بتمزيق ملابسها. وفي هذا المناخ المرعب, قرأ رئيس المحكمة (مونفور)نص الحكم الصادر بحق ( رجاء جارودي) وناشر كتابه (بيارغيوم) خمسون صفحة بالتمام والكمال. وفي هذا المناخ المتشنج, تحدثت الى صديقي الكبير رجاء جارودي بالهاتف, فوجدته كعادته صامدا, رغم ثقل السنوات الخمس والثمانين, واثق النبرة, مرتفع الصوت, مجاهدا كما عرفته دائما, لا يتزحزح عن قولة الحق في حضرة السلطان الجائر وفي حضرة الصهيونية الجائرة. وبادرني بالسؤال عن الاصدقاء والاحبة الذين التقاهم بدولة قطر ودولة الامارات وكيف يتابعون قضيته وهل سمعوا بالاعتداءات الصهيونية العنصرية وهل سيواصلون معه مشوار الكفاح المشترك من اجل قضيتنا المشتركة.. أم القضايا: القدس الشريف وفلسطين الدولة الحرة والاسلام العظيم خاتم الاديان.. وقلت له: كلهم واقفون معك, يشدون ازرك ويساندونك.. قال لي جارودي: اشعر اليوم اني مسنود مدعوم.. هذا هو الخطر الذي شعرت به كذلك اللوبيات الصهيونية أرادت الانتقال النوعي من المحاكمة والاحتجاج الى العنف الجسدي والتهديد بالتصفيات. انهم مدعاة للاشفاق فقد هددوني بالتصفية واعتدوا على رجال الصحافة العرب والمسلمين وامام رجال الامن الفرنسيين.. قال لي جارودي: (تصور.. اربعة رجال أمن فقط كانوا متواجدين بقاعة المحكمة عند بداية الجلسة.. اربعة رجال أمن أمام مئات من ميلشيات (البيتار) الذراع المسلح للحركة الصهيونية في اوروبا والمدربين عسكريا في اسرائيل. يقول لي جارودي: اين دولة القانون؟ اين حماية الابرياء؟ أين محاسبة هذه الممارسات الارهابية. انا لا اخشاهم وانا متمسك بحبل الله اي بالحق.. او ما اعتقد انه الحق, الى اخر نفس من انفاسي فكل نفس ذائقة الموت. المهم لاول مرة (تطاول) مفكر فرنسي اي غربي على القاعدة الفلسفية والاستراتيجية التي تأسست عليها كل اركان دولة اسرائيل.. وهذا لن يغفره لي الصهاينة الذين اغتنموا ازمة العراق ليواصلوا تهويد القدس الشريف وزرع المستعمرات (المسماة ظلما بالمستوطنات) والقاء الاف القذائف والقنابل على لبنان جنوبه وبقاعه وتدمير بيوت الفلسطينيين الآمنين. انا لا اخافهم وانا واثق هذه المرة انني اعبر بصدق عن نبض الجماهير العربية والاسلامية وانطق بلسان المستضعفين الذين امرهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بان لا يهنوا ولا يحزنوا وانهم الاعلون والله معهم. قلت له ما هو تعليقك على حكم المحكمة؟ ـ قال: الحكم الذي اصدره الرئيس (مونفور) متوازن, فهو مطالب بتنفيذ ما جاء في قانون (فابيوس غيسو) والفصل 24 مكرر من قانون 1881 (29 يوليو), وهكذا كان.. فقد حكم بالبراءة على صديقي الناشر (بيارغيوم) وحكم عليّ بغرامة قدرها (عشرون الف دولار), وهو لا يستطيع اكثر من ذلك لانه يخاف على ترقياته بسلم القضاء ولكنه في الصفحة رقم 7 من الحكم, اعطاني حق البحث التاريخي حيث قال نص الحكم حرفيا: (تجدر الاشارة الى ان فحص الفقرات المثبتة في الكتاب تم على ضؤ المبادىء القانونية دون سواها من الاعتبارات, اما الجوانب التاريخية فهي خارجة عن كفاءة القاضي...) . هذه الفقرة من نص الحكم واضحة وتعني ان صدور الحكم بادانتي يتعلق فقط بمخالفات لقانون (فابيوس غيسو) ولا يمس جوهر الموضوع اي الاقرار بحقيقة الارقام التي يقدمها الصهاينة والتي اناقشها وافندها في كتابي (الاساطير المؤسسة لسياسة اسرائيل). يعلق جارودي عن خيبة أمل المنظمات الصهيونية بهذا الحكم فيقول لي: (حمكت المحكمة بالفرنك الرمزي لاغلب المنظمات الصهيونية فلم تمنحها ما طالبت به من (تعويضات) مالية وبذلك فان هذه المنظمات ومن وقف وراءها من سدنة الصهاينة باءت بالفشل الذريع وعادت بخفي حنين, كما ان المحكمة برأت موزع كتابي الاول وناشره الاصلي, بالاضافة الى عدم بت المحكمة في أصل القضية اي الحقائق التاريخية الدامغة التي قدمتها في كتابي مما يترك الباب مفتوحا بعدي لكل باحث ومؤرخ ودارس حتى يكشف النقاب عن الاساطير التي توظفها اسرائيل لضرب الشعب الفلسطيني وسحب الحقوق والارض. يعلق لي جارودي عن الحكم بالسجن الذي صدر ضد مكتبة الديوان التي وزعت كتابه في سويسرا فيقول: (هذا أمر غريب وغريب, فقد نال موزع كتابي بسويسرا حكما بعام سجن نافذ وجاء في نص الحكم الصادر ضده ما يلي حرفيا: (يحكم بعام سجن على المتهم لانه لم يشرح لزبائنه الخطر الكامن في هذا الكتاب!!) . وهكذا فان نص هذا الحكم الغريب يدعو الموزعين اصحاب المكتبات لا فقط لمطالعة كل الكتب التي يبيعونها ويروجونها بل وايضا يطالبهم بان ينصحوا الزبائن بعدم اقتنائهم بضاعتهم لان فيها (خطرا) هذا هو العبث بعينه وهذا هو الاستخفاف بالقانون.. لاول مرة في تاريخ القضاء الاوروبي نقرأ مثل هذا الحكم.. وذلك يدل بالطبع على اختراق الاجهزة القضائية والدستورية من قبل اللوبيات الصهيونية. قلت لجارودي: ماذا تقول للرأي العام العربي والاسلامي؟ ـ قال: قضيتي رمزية وتحمل دلالات وستكون تاريخية بالمعنى الحضاري والسياسي والقانوني, مثل قضية (درايفوس) منذ قرن. ستظل قضيتي عبرة للمقاومة السلمية الهادئة وستظل ممارسات الصهيونية داخل او خارج اسرائيل موصومة بالعار لانها استعملت العنف القانوني والعنف المادي ضد حرية الفكر. المهم ليست قضيتي, المهم ان نصمد.. ان نسجل حضورنا في معابر السياسة والثقافة والاعلام في الرأي العام الغربي, ان نوضح صورة الاسلام الناصعة النظيفة لدى الرأي العام منا. وهذا عمل طويل النفس يجب ان نخطط له في كنف احترام قانون وسيادة الدول الغربية التي هي في عمومها دول قانون وعدالة حتى نحرم اعداءنا من التفرد في مخاطبة هذا الرأي العام ونسجل حضورنا المكثف. المهم ليست قضيتي التخصصية, المهم قضيتنا جميعا: القدس وفلسطين والوحدة الاسلامية في وجه الطاغوت الامريكي والاسرائيلي المعربد. انني اشكر كل من ساعدوني ووقفوا معي في دولة قطر ودولة الامارات ومصر وايران والاردن والارض المحتلة والكويت والبحرين ولبنان وسوريا والعراق والمغرب العربي واشكر كل احرار الكنيسة المسيحية وحتى احرار اليهود الذين يأبون الصهيونية المتعجرفة. انني فتحت ثغرة في الجدار ورميت حجرا في البركة.. فلنواصل الطريق.. ان الله معنا لاننا مع الحق. حوار الدكتور- احمد القديدي

Email