في ندوة تحاور فيها ممثل سوريا في الجامعة العربية مع أسرة (البيان) عيسى درويش يحدد الخطوط الأساسية لسياسة سوريا في وجه المخاطر المتعددة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك من يرى أن الجماهير العربية لن تعد تتفاعل بالقدر الكافي مع سخونة الاحداث الجارية على رقعة الارض العربية مما يعطي إيحاءً بسلبيتها, رغم أنها عاشت حالة من اليقظة في عقود الخمسينات والستينات مع زهو الحلم القومي وامتداده, وفي المقابل يرى آخرون ان الجماهير العربية لا يمكن وصمها بالسلبية المطلقة, فهناك ورغم القيود العديدة يقظة جماهيرية شهدتها الفترة الماضية ساهم فيها فشل تسويق الوهم الامريكي, غير أن هذا يحتاج الى دراسة تبدأ بفتح الجسد العربي بمشرط للبحث في داخله عما يجب أن يكون في المرحلة المقبلة, استعدادا لمواجهة نتائج سياسات يتم وضعها من الخارج للمنطقة العربية كالتحالف التركي الاسرائيلي, ووهن مشروع السلام العربي الاسرائيلي, وقضية العراق التي تزداد تفاقما بين اللحظة والأخرى. كانت هذه القضايا موضع تعاش ساخن في ندوة عقدها مكتب (البيان) في مقره بالقاهرة مع السفير السوري الدكتور عيسى درويش وشارك فيها الكاتب الكبير محمد عودة, والكاتب والفنان التشكيلي حلمي التوني, والكاتب الصحفي جلال عارف نائب رئيس تحرير أخبار اليوم, ومن أسرة مكتب البيان سعيد الشحات وأحمد رجب. بدأ الندوة جلال عارف مرحباً بالضيوف وفي مقدمتهم الدكتور عيسى درويش, مشيراً الى تقدير أسرة المكتب لتلبيته للدعوة, مع وعد بتكرار ذلك مع آخرين. وقال: إن هذا الاجراء يطمح مكتب (البيان) أن يجعله تقليدا يتحول مع مرور الوقت الى صالون سياسي يساهم في تسييد الرؤى التي تستهدف صالح القضايا العربية. وكانت بداية الحوار قد استهلها حلمي التوني حول اسباب ــ عزوف الجماهير العربية عن الالتحام مع الاحداث العربية الساخنة على الساحة - اجاب السفير عيسى درويش قائلا: لا يجب أن نسقط من الحساب أنه من الصعب ان تخلق مواطنا متفاعلا مع الحدث ما لم تتوافر عدة عوامل منها التعليم والثقافة والتفكير الحر, والأمر في ذلك يتعلق بطبيعة وضع الحكومات والنظم العربية. والآن عندما يثور التساؤل حول عدم التحام الجماهير مع القضايا الساخنة واختلاف الامر عما كان في الماضي أقول أن الجماهير في الماضي عاشت في ظل حكومات اكثر حركة رغم كل القيود التي فرضت هذه الجماهير. وبنظري لابد من قيام علماء الاجتماع بتشخيص الظاهرة. ودراستها لمعرفة الاسباب. وهذا لا يسري على العرب وحدهم, وأنما يوجد في بلدان أخرى... فعلى سبيل المثال ما حدث في فرنسا من مظاهرات واضرابات الطلبة عام 1968 وما حدث في امريكا ايام حرب فيتنام. لقد تحرك الشعب الامريكي ضد هذه الحرب, ولكنه اليوم لا يتحرك ضد حرب العراق. * جلال عارف... هناك فارق كبير بين مشاكل الدول الديمقراطية الغربية والوضع في أوطاننا... وبالتالي مشاكل الماضي كانت قضايا شبابية وكان هؤلاء يعبرون عن تطلعات تحقق بعضها ولم يتحقق الآخر... لكن الوضع لدينا يتركز في قضية الحرية... نحن مازلنا في قضايا تحرر وطني وهذه القضايا دائما تجمع بمختلف الاطراف وتحقق الوحدة الوطنية... السؤال الآن هل يمكن إعتبار (تسيير ) منطق أن السلام قد حل, بالإتفاقات التي تمت, والتراجعات في المواقف القومية سواء بعد حرب الخليج أو بعد إتفاقات أوسلو هو الذي تسبب في انصراف الجماهير عن النضال بمفهومه القومي...؟ ـ د. عيسى درويش: في رأيي الشخصي أن القضية تمتد إلى أبعد من ذلك... ويمكنني أن أزعم أن إنهيار الاتحاد السوفييتي شكل كثير من الاحباط لدى المطالبين بالعدالة والحرية في العالم كله... .. لكن في الوطن العربي, ومنذ انتصار 1973, وفشل العرب في الاستثمار السياسي لهذا النصر العسكري الذي كان مترادفا مع النضال الاقتصادي بحظر النفط... إستطاعت الولايات المتحدة الامريكية أن تسوق لدينا الوهم... والمتنوع والمتعدد حيث إعتقدنا أن قيام دولة عربية بتوقيع معاهدة سلام مع اسرائيل سيجعلها تفهم والولايات المتحدة كذلك ــ بأن السلام قد أصبح ممكناً, وأن التغير التاريخي قد حدث... ولأول مرة في التاريخ يقبل العرب بالتنازل عن جزء كبير من حقوقهم بموجب قرار التقسيم عام 1947 ويقبلوا حلاً ما يؤدي إلى سلام دائم وعادل وشامل على أساس القرار بين 242 , 338... وهذا ما كان يثير تردداً لدى الجماهير العربية, والانظمة العربية حتى حرب الخليج, وإنهيار الاتحاد السوفييتي... فأصبح لدى قسم كبير من المثقفين والحكام العرب البرجماتيين إعتقاد بأنهم خارج الجدار الاستراتيجي العربي. وهناك معطى جديد علينا أن نضع خطوطاً حمراء تحته... وهو أن هناك سعيا لاقتسام العالم العربي بعد أن تحول إلى (الرجل المريض) بعد التحالف التركي ــ الإسرائيلي, لأنه إذا كان إتجاه العرب الى السلام... ولا شك أنهم كانوا صادقين في السعي إليه... ولأول مرة يتوافق تاريخيا بتأييد تشترك فيه الانظمة والجماهير التي سئمت الحروب, وقبلت حلاً ما لا يحقق العدل وإنما جزءاً من العدل للشعب الفلسطيني الذين يحاولون طمس هويته ويبلغ عدد أهله خمسة ملايين منهم مليونان تحت الاحتلال... ... وفي تقديري أنه إذا كانت حرب 67 تمثل إطلاق رصاصة من الامبريالية الامريكية على المشروع القومي العربي الذي كان يمثله عبد الناصر فإن الولايات المتحدة الامريكية قد إستطاعت في حرب الخليج والتداعيات التي تلته أن تقول أنها قد إستطاعت القضاء على أي مشروع لنهوض عربي قومي آخر سواء في شكله الجزئي أو في شكله الكلي. وفي هذا السياق أرى أن التحالف التركي الاسرائيلي يفترض أن العرب لن تقوم لهم قائمة مرة أخرى, وأن مهمة هذا المشروع هو إحباط قيام أي تحالف في المستقبل للعرب مع إيران... وإجهاض النهضة التي تحاول إيران تحقيقها بعد أن تخلصت من مثير من اسلوبها الثوري... ... وبتقديري أيضاً أن الاتراك الذين يمثلهم العسكر لهم منطلقاتهم في تحالفهم مع إسرائيل يمكن إجمالها في أن النظام العلماني في تركيا يريد لبلاده أن تكون جزءاً من أوروبا, وبالتالي يتوهمون أن البوابة للسوق الأوروبية المشتركة هي أوروبا... ... إضافة إلى ذلك فهم في مواجهة مع اللوبي اليوناني والأرمني في الولايات المتحدة وهم بحاجة إلى اقامة لوبي تركي يوازيهم, واللوبي الإسرائيلي يستطيع القيام بالمهمة. وهم يراهنون أيضاً على أن هذا التحالف سيحقق لهم مكاسب على الأمد الطويل أكثر بكثير من التقارب مع الجيران العرب أو المسلمين... وأنه أفضل لمصالحهم والحقيقة أنهم لن يحصدوا شيئاً... فلم تقبلهم أوروبا, ولم تستطع أمريكا أن تعطيهم إشارة البدء لتحقيق المطامع التركية في بحر ايجه, ولم تستطع إعطائهم البطاقة الخضراء للعمل في الجمهوريات الاسلامية بآسيا لأن الولايات المتحدة سبقت الجميع لهذه الثروة المنتظرة في أذربيجان, وكازخستان.... إلخ. ولا يعقل أن دولة مثل تركيا تريد مصلحة قريبة وهي محاطة باليونان, وسوريا, والعراق, وإيران, وترغب في إقامة محطات إستخبارية على حدود هذه الدول وربما تقوم إسرائيل بإيعاز من الولايات المتحدة برصد كل المنشآت النووية في إيران... أيضا يمكن أن تستخدم ضد روسيا التي تعاني من مشاكل مع البلغار ومع أرمينيا... ولذلك إنتقلت منطقة الأزمة من منطقة محدودة إلى منطقة واسعة تشترك فيها اطراف عدة وقد يكون من الصعب السيطرة على الصراع في هذه الحالة... تعديل الموقف من أمريكا محمد عودة:ـ إذن نحن مطالبين بأن نفعل شيئاً وإسمح لي أن أدخل من هنا إلى دور الولايات المتحدة الذي قبلناه... ثم نرى أن نتنياهو حين يذهب إلى واشنطن, وتتظاهر الادارة الامريكية بأنها غاضبة منه... ثم يذهب دون أن يقدم جديداً وفي الوقت نفسه تهديه أمريكا طائرات F-15... ماذا تريد أكثر من ذلك حتى نتخذ قراراً بتعديل موقفنا من أمريكا... هل آن الآوان لإعادة النظر في هذا الدور الامريكي... ـ د. عيسى درويش: لاشك أنه إذا نظرنا إلى الواقع فإن هذه الاشارة قد بدأت بالفعل... وأعني بهذا أن الولايات المتحدة الامريكية فشلت في أن تحصل على موافقة اجماعية عربية لضرب العراق... وإستشعرت أمريكا ذلك, ولم تتمكن من أن تشكل إجماعاً حتى من بين حلفائها بسبب موقفها من قضية الصراع العربي ــ الاسرائيلي التي إنحازت خلاله الى اسرائيل, كما فشلت أيضا أمريكا رغم جولات أولبرايت وأنديك في إنجاح مؤتمر الدوحة... تحركات شعبية (البيان) ... ما هي الحالة الشعبية في ذلك؟ ـ عيسى درويش قامت من قبل تحركات شعبية للتضامن مع الشعب العراقي, والمقاومة اللبنانية, ومع السوريين الصامدين في الجولان... شكل هذا مناخاً شعبياً كبيراً يمكن أن يفعل فيما بعد... وباعتقادي أن هذه الحالة في الوطن العربي هي حالة صحية وعلينا أن نستثمرها فهناك منظمات غير حكومية دعت إلى مؤتمرات... وإلى مقاطعة البضائع الامريكية أيضاً... كما أن هناك قرارات رسمية في الجامعة العربية... وفي منظمة المؤتمر الاسلامي قضت بوقف التطبيع مع إسرائيل... ويمكن أن يمتد هذا في المستقبل الى قرارات افريقية وقرارات لدول عدم الانحياز... ويمكن القول أنه علينا أن نستمر في هذه الصحوة وننقلها الى الرأي العام الاوروبي الذي بدأ يعي الامر. ان علينا أن نقوي مجتمعاتنا وأن نسيد مناخ الحرية والعدل... علينا تقوية جبهتنا الأمنية بحيث لا تتيح أي اختراق إقتصادي أو أمني للطرف الاخر الذي يعمل للتفتيت... علينا أن نتمسك بشعاراتنا التي ظن البعض أنها سقطت... لماذا نخجل نحن من القول أننا أمة واحدة بينما لا يخجل الاسرائيليون من القول أن جميع اليهود في العالم إسرائيليون؟... العرب تحت الحصار ويستمر السفير عيسى درويش قائلاً: الآن في الوطن العربي العراق, ليبيا, السودان محاصرون, سوريا موضوعة على قائمة الارهاب وتمنع عنها أي تكنولوجيا مهما كانت... وإذا تصورنا أن مصر أكبر دولة عربية عمقها الاستراتيجي (السودان) محاصر, وغربها (ليبيا) تحت الحصار, وأنها في الزمان والمكان والتاريخ والجغرافيا كما حدد جمال حمدان أمامها خطر مازال قائماً وهو اسرائيل بأسلحتها النووية فكيف يمكن لمصر أن تقوم بعملية نهوض وتحديث... وتؤثر فيمن حولها... كيف يمكن للجزيرة العربية بكل دولها أن تكون إسرائيل خلف الخطوط العربية... في البحر الأحمر... (اثيوبيا واريتريا) ... تقيم القواعد وكل ما من شأنه أن يلحق الاذى بهذا الوطن... كيف يمكننا تحقيق نهضة ونحن نرى ما يحدث في الجزائر صاحبة المستقبل الواعد... الخلافات تعصف بالدول العربية... لذلك نحن في خطر ويجب أن نضع نصيب أعيننا الخطر الرئيسي... أمريكا لا تسيطر محمد عودة: التناقض الرئيسي في المنطقة العربية قائم من أن بعض الحكومات العربية تعتقد أنها تستند في وجودها وبقائها وإستمرارها إلى الولايات المتحدة الامريكية, والتناقض بينها وبين إسرائيل تناقض ثانوي... هي تريد أن تحل المشكلة الفلسطينية لإزالة التناقض بينها وبين الولايات المتحدة... وظهر هذا حين بدت ملامح السلام, فهرول البعض كما لو كان هناك (حب دفين وانطلق) ثم عرفنا بالصلات الخفية بين بيريز وبعض الحكام منذ عشرين سنة... وإذا كانت النظم ترى أن أمريكا هي الدرع الذي تحتمي به... لابد من أن ترتفع إنتفاضة إحتجاج في الوطن العربي, والحل الوحيد هو في إعتقادنا تعبئة القوى الوطنية والتقدمية العربية... أنا مختلف على مقولة أن الشارع العربي منحسر... بالعكس هناك ظواهر عديدة تشير الى أن المواطن العربي تدب فيه الروح والحياة... نحن تنقضنا خرائط دقيقة للعالم فليس صحيحا ان امريكا تسيطر على العالم, ثم هناك الصين وهي غائبة عن العالم العربي وهناك تغيرات في اوروبا, شرق آسيا, ونحن في عالمنا العربي تنقصنا ديبلوماسية تقوم على العلم, والمؤكد اننا لسنا مهزومين ولكن الارادة السياسية العربية تابعة وتحاول ان تتعايش مع الولايات المتحدة. د. عيسى: ما تحدثت به صحيح لكن علينا ان نؤصل هذا الكلام.. ولاشك ان هناك نظما عربية ترتبط مصالحها مع الولايات المتحدة الامريكية وترى بأن اسرائيل ليست خطرا وتقيم علاقات اقتصادية معها وذهب البعض الى اقامة تحالفات امنية.. بعض النظم العربية ذهبت الى حد التنسيق الامني مع اسرائيل والاشتراك في المناورات الاسرائيلية ــ التركية. لذلك لابد للجماهير العربية ان تعي ان هذه الممارسات تشكل خطرا على الامن القومي العربي وترقى الى مرتبة الخيانة. وليس صحيحا ما يصوره البعض بان اسرائيل ليست خطرا وان هناك خطرا ايرانيا, ويجب ان نقول ان ايران لاتشكل خطرا يرقى الى مرتبة الخطر الاسرائيلي, ويجب ان نعرف ان ايران يمكن ان تكون حليف وعمق استراتيجي وتستفيد من موقفها. مواجهة الحلف الجديد جلال عارف: في هذا الاطار.. ماهو التقدير السوري لمدى الخطر حاليا على سوريا من التحالف التركي ــ الاسرائيلي الجديد؟ وما مدى القدرة على مواجهته؟ خاصة واننا نعيش في مرحلة لا حسابات فيها الا للقوة.. هل هناك ضمانات.. هل هناك اتصالات عربية, وعلى سبيل المثال ما اعلن تحديدا في مصر من ان سوريا لن تكون وحدها اذا تعرضت لاخطار. ــ د. عيسى: اريد ان اقول اننا في سوريا نرغب في علاقات تركية سورية مبنية على الاخوة والحوار؟ وكل ما يمكن ان يكون تحت هذا العنوان بين الجار والجار. ونحن في سوريا نرى ان هذا التحالف موجه ضدنا, وربما ضد دول اخرى في المنطقة, ونرى انه جاء للتأثير على الدور الوطني والمشرف الذي تقوم به سوريا في رفض السلام الاسرائيلي المبني على الاستسلام والاذعان. فاسرائيل تعرف انه لا سلام بدون سوريا. كما اننا نعلم ان التحالف اصبح له مردود على ارض الواقع.. الطيران الاسرائيلي اصبح له مجال مفتوح في شمال سوريا, وهناك تنسيق استخباري لايشمل استهداف سوريا فقط بل ايضا استهداف العراق وايران ونرى ان التحالف خرج الى بعد اكثر مما نظنه بين اسرائيل وتركيا.. ليأخذ بعدا آخر فلاول مرة تتحول اسرائيل من دولة محاصرة بقوى عربية بدءا من باب المندب وحتى المتوسط الى دولة محاصرة تستطيع ان تفرض حصارها على العرب في هذه المساحة ايضا. أحمد رجب: أليس التحالف الاسرائيلي التركي قائم منذ قيام اسرائيل؟ ــ د. عيسى: قائم ولكن كان دائما من خلال وسيط آخر.. بواسطة حلف الاطلسي.. وكان يبرر بانه (ضد الشيوعية) .. اما وقد انهارت الشيوعية, واصبحت امريكا تضع البترول العربي في جيبها وتوجه كل العرب الى السلام.. اذن هذا التحول جعل العرب بين فكي كماشة من خلال التوغل الاسرائيلي في افريقيا, ثم تركيا التي تقوم بعمليات ضد اليونان في مواجهة قبرص او في بحر ايجة مدعومة بكل وسائل الربط بالاقمار الصناعية بين تل ابيب وانقرة والاسطول السادس الامريكي المتواجد.. وهذا خطير جدا. الدور السوري في المصالحة حلمي التوني: هل يمكن ان يكون هناك دور لسوريا في المصالحة العربية, والعربية الايرانية؟ ــ د. عيسى: سوريا لاشك انها لعبت دورا كبيرا في قضية العلاقات العربية ــ العربية, بين مصر والسودان, اليمن والسعودية عندما ارسلت نائب الرئيس ووزير الخارجية. وهذا الدور السوري يمثل جزءا كبيرا من سياستها بأن لايجب وجود تناقضات عربية ــ عربية على حساب التناقض الرئيسي الموجود بين العرب واسرائيل. سوريا مارست ايضا دورا في قيام علاقات عربية ــ ايرانية, كالوساطة بين البحرين وايران, والتقارب بين السعودية وايران, وايضا الدعوة لتقارب مصري ايراني من خلال التهيئة لحوار مصري ايراني.. وقد شهدت القاهرة عددا من الوفود الايرانية التي جاءت بدءا من مؤتمر السكان العالمي, مشاركة وزير الاتصالات الايراني في معرض بالقاهرة, وكذلك حوار استراتيجي تم بين معهد الدراسات الاستراتيجية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومعهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية الايراني على شكل مائدة مستديرة, مشاركة مصر في قمة طهران والحوار الذي تم بين عمرو موسى وزير خارجية مصر وهاشمي رفسنجاني والتصريحات الايجابية من الطرفين في هذا الاتجاه.. سوريا تشجع كل هذا وتباركه على اساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وما الى ذلك. وفيما يتعلق بدور سوريا من العراق فإنها ومصر كانتا حريصتين على ان يشترك العراق في قمة القاهرة لكن كانت هناك اعتراضات خليجية ولكن كنا حريصين على ان تكون هناك قمة خير من ان لا تكون في ظل ظروف تعرفونها, وقد سمعتهم وزير الخارجية السوري يؤكد ان اي قمة قادمة لابد ان يشارك فيها العراق ونحن نسعى الى ازالة سوء التفاهم بين جميع الاقطار العربية. من جانبنا فتحنا حدودنا مع العراق لرفع المعاناة عن الشعب العراقي.. استقبلنا طارق عزيز ثم الصحاف ليشرح لنا موقف العراق من القرارات الدولية, ونحن ايضا نشكل فريقا تفاوضيا يمثل العراق وسوريا حول مياه الفرات ويجتمع الفريق مرة في العراق ومرة في سوريا. سوريا لها دور وطني وقومي تسعى اليه وهذه رسالتها ولكن تعرفون ان هناك حلما وهناك امكانيات.. تعرفون الواقع..! سوريا ترحب بالقمة أحمد رجب: هل تعتقدون ان هناك ضرورة لعقد قمة عربية خاصة مع الواقع الذي وصلنا اليه؟ ــ د. عيسى: تذكرون جولة نائب رئيس الجمهورية, وزير الخارجية السورية لكل الاقطار العربية لخلق حالة ايجابية عربية تستطيع ان تقف بوجه الاختراقات والتداعيات التي كانت تريد اسرائيل ان تخلقها بضغط امريكي على العرب لتسويق السلام الوهمي, ونجحت سوريا في ان تقود اجماع عربي الى حد ما لرفض التطبيع واستقبال الوفود الاسرائيلية. وسوريا ترحب بأي قمة عربية اذا توافرت لها اسس النجاح لكن يجب ان تضيف شيئا ايجابيا الى العمل العربي لا ان تخلق سلبيات. بالونات الاختبار جلال عارف: هناك عدة تطورات.. حديث عن انسحاب اسرائيلي من طرف واحد من لبنان.. التحرك السوري مع مصر. ــ د. عيسى: جميع ما يطرح سيناريوهات تطلقها اسرائيل كبالون اختبار من حين لآخر لترى العالم انها محبة للسلام, ولترى مدى صمود سوريا. وعلى مستوى المسار السوري فكلامنا واحد لكل الوفود الامريكية التي زارتنا.. لانعود الى المفاوضات الا من حيث انتهينا, والتعهدات التي تعهدتها اسرائيل بالانسحاب من كامل الجولان. وما يتعلق بالتحركات السورية فالديبلوماسية السورية تتحرك بكل اتجاه لكي تحبط ما تبتغيه اسرائيل, وقلنا للجميع ان سوريا ترغب في السلام ولكن القائم على العدل وليس سلام الاستسلام وحتى الآن لم تغير اسرائيل من سلوكها على الاطلاق ونحن صامدون لن نغير مواقفنا على الاطلاق. العلاقات السورية ــ الفلسطينيين جلال عارف: ماذا عن العلاقات السورية ــ الفلسطينية. ـ د. عيسى درويش: لقد استقبل الرئيس الاسد ياسر عرفات في طهران واستمع له ولكن شعار سوريا ان اي لقاء يجب ان يكون مفيدا.. نحن نقوي من ازر الفلسطينيين وموقفهم التفاوضي لكن لا نسمح بأن تكون هناك تنازلات لاتعطي الشعب الفلسطيني حقه, ودائما نقول لياسر عرفات نحن نقف معك بمقدار ما تقف مع نفسك وشعبك لاسترداد ارضك ووطنك اما اذا كنت تأتي الينا لتقول شيء وتتصرف بشيء آخر فذلك (يضيع وقتنا ووقتك) , والقضية قضية مصير. جلال عارف: هل هناك دور سوري في اقامة وتفعيل حوار فلسطيني ــ فلسطيني؟ ـ د. عيسى درويش: سوريا تشجع الحوار بين الفصائل الفلسطينية, وقد كان هناك حوار منذ وقت قريب بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحماس. اعلان دمشق جلال عارف: ماهو الموقف بالنسبة لاعلان دمشق .. هل مازال حيا أم... ـ د. عيسى: اعلان دمشق قائم على الرغم من عدم تفعيل الشق الامني فيه لظروف تعلمونها, ولكن هناك خطوات جادة على المستوى الاقتصادي, وكان من المفترض ان يتم اجتماع لدول الاعلان في ديسمبر الماضي بالدوحة لكن الازمة المصرية.. القطرية ارجأت الاجتماع. سعيد الشحات: استشعرنا بعد القمة الثلاثية في القاهرة 1994 (مصر, السعودية, سوريا) انها ستكون مقدمة لتحولات للامة العربية في اطار تنسيق ثلاثي لقيادة مشتركة للعرب.. هل مازال التنسيق قائما. ـ د. عيسى درويش: القمة الثلاثية هي التي مهدت للقمة العربية في 1996, والتنسيق متصل وتذكرون ان الامير عبدالله ولي العهد السعودي زار سوريا العام الماضي وقضي بضعة ايام.. كذلك لقاءات الرئيسين مبارك والاسد لاتنقطع, ويكفي الاشارة الى ان هذا التنسيق الثلاثي منع ضربة امريكية للعراق خلال الاشهر الماضية, وفي كل الاحوال نحن نتمنى ان تتسع دائرة التنسيق لتشمل الدول العربية كلها. أعد الندوة للنشر: أحمد رجب

Email