نافذة: الحرب والسلام: بقلم- يسري حسين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما تدق طبول الحرب بدأ العرب محاولة عاجلة لانقاذ ومنع اندلاع الحرب التي ستكون نتائجها سلبية تماماً على المنطقة التي لا تحتاج لمواجهة عسكرية جديدة, اذ انها مازالت تعاني من نزيف حرب سابقة حدثت منذ سبع سنوات فقط ! زيارة الامين العام للجامعة العربية د. عصمت عبد المجيد الى بغداد بادرة جيدة, وان جاءت متأخرة للغاية, ولعلها تنجح في اقناع بغداد بالتراجع عن موقفها من قضية فريق التفتيش الدولي حتى لا تنطلق صواريخ الدمار نحو بغداد. والمنطقة لا تحتمل هذه الحرب لان نتائجها ضارة للغاية, والوحيد المستفيد منها هي حكومة الليكود في تل ابيب التي تصل الى درجة التوحش والدموية. وكانت حرب الخليج في فبراير عام 1991 مبررة وتحصل على تأييد دولي وعربي, لان الكويت كانت محتلة, وكان لابد من تحريرها. وقد رفضت بغداد الخروج السلمي من الكويت, وهذا خطأ سياسي فادح يدفع ثمنه شعب العراق وشعوب المنطقة. لقد احدثت خطوة احتلال الكويت فوضى لا مبرر لها اذ اعادت هيكلة المنطقة وحققت وجود القوات الاجنبية على ارضها وبعد ان كان العدو هو اسرائيل, اصبحت المهمة هي تحرير ارض عربية من قوات عربية اخرى! وارهقت الحرب عوامل التنمية في المنطقة بسبب الاستنزاف الاقتصادي. لذلك غزو الكويت كان من الاخطاء التي لا تحتمل التبرير على الاطلاق. وقد خرجت المنطقة من حرب الخليج ضعيفة ومنهكة, وظهر ذلك في ضعف المفاوض الفلسطيني امام الغول الاسرائيلي الذي استفاد من حرب الخليج, وحقق الارباح العسكرية الضخمة من جراء تدمير قوات عسكرية كان الطموح العربي يأمل ان تكون رصيد القوة في معركة المواجهة مع اسرائيل. وبعد سبع سنوات من حرب الخليج تدفع المنطقة مرة اخرى نحو حرب جديدة ويبدو المسلسل بأن حرباً تلد اخرى في سيناريو الانهاك والنزيف المستمرين. والحقيقية التي تعني استراتيجية المنطقة هي انها لاتريد الحرب ومن العبث ان يكون موقف العراق السبب في شن حروب الصواريخ المتقدمة ضد اهل العراق, بينما القيادة لن تتضرر من الهجوم سواء كان بصواريخ الليزر او الاخرى الموجهة بالتقنية الحديثة. انها حرب بلا هدف فلن تتمكن من اقصاء القيادة العراقية, لكنها ستدمر العراق الضعيف والمتهالك الذي يبحث شعبه عن القوت والدواء والكساء. لقد بثت محطة بي بي سي صورا لمعاناة العراقيين الذين يبيعون اثاث منازلهم للحصول على الخبز والدواء, فهل يمكن تخيل معاناة هذه الامة عندما تقصفها صواريخ ومدافع طائرات ترقد الان بجوار العراق في انتظار لحظة ظهور الضوء الاخضر. ان النائب البرلماني البريطاني توني بن دعا الى وقف هذه الحرب التي ستدمر وتنسف ولن تحقق شيئا. ونداء (بن) يدعو الى السلام واعتماد الحل السياسي وحده, فهناك عشرات الطرق لاجبار العراق على تنفيذ قرارات الامم المتحدة دون استخدام حاملات الطائرات والصواريخ الموجهة. ان المنطقة العربية لاتحتمل هذه الحرب, لان دائرتها لن تقف عند العراق وانما التأثير السلبي سيطول دول الجوار وسيثير مرة اخرى عوامل الاضطراب وسيحرك التطرف وسيعطي العديد من الاوراق لقوى الرفض للتحرك والاثارة. وتبدو المعركة من الان غير متكافئة فهناك قوة عسكرية عملاقة وشعب ضعيف جائع يبحث عن القوت وليس عن منصات اطلاق الصواريخ. وكل اخبار تهويل القوة العراقية من جانب الآلة الاعلامي في العراق ضعيف وان كانت قيادته قوية بتصريحات ومواقف تثير التساؤل والحيرة لان مهمة القيادة دائما توفير الحماية لشعبها, وما حدث في حرب الخليج ويتم الان لايندرج ضمن تحقيق هذا الهدف. ان القيادة العراقية عليها قبول وساطة العرب وانجاح مهمة د. عصمت عبدالمجيد, وفتح الاماكن الحساسة امام تفتيش الفريق الدولي لايعني انتهاك سيادة العراق لان هذه السيادة نفسها تعرضت للمس ولا يمكن لعدة قصور ان تمثل مبدأ السيادة بينما باقي الارض يواجه التقسيم والاعتداء. اما تفادي الحرب سيكون مناورة سياسية كبيرة ونأمل ان يتحقق ذلك ويدرك العراق اهمية تجنب الحرب ودفع القوة العسكرية الضخمة بعيدا عن سماء بغداد والبصرة وجميع مدن العراق.

Email