مسافات

المحسن.. حلاق الستينات بأدواته البسيطة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبدالله بن ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.

«البيان» تقدم هذه المساحة، ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفلكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد، الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

يتعرض بن ربيع اليوم لمهنة المحسن وهو اسم مرادف للحلاق أطلقه أهل الإمارات في الستينات على ذلك الرجل الذي يقوم بحلاقة شعر الكبار وتحسينه، وكذلك بحلاقة شعر الأطفال بالكامل (أقرع) كما كان يطلق على هذه الحلاقة.

وكان الحلاق قديماً لا يكتفي بالحلاقة، بل كان بعضهم يمارس الحجامة، ومنهم من كان يقوم بـ«ختان» الأطفال، كما كان يعالج بعض الأمراض ويصف الأدوية لها، وكان يتم الحصول على الأدوية من العطارين القريبين أو من زملائهم في سوق، ومعظم تلك الأدوية تتألف من النباتات والأعشاب.

أما الدكاكين التي كانوا يعملون فيها فهي في غاية البساطة، فهي ليست أكثر من المرآة والكرسي والمقعد الواسع الذي يجلس عليه بعض الزبائن، ثم أدوات الحلاقة وضرورياتها!. وكان بعض الحلاقين يعملون وليس لأي منهم دكانه، فإنهم يتجولون في الأزقة والشوارع والأسواق، وهم يحملون عدتهم على بطونهم وقد الصقوا المكان المخصص لوضع أدوات الحلاقة على أحزمتهم عند البطن، أو أنهم يضعونها في حقائب يدوية صغيرة، كما يحملون معهم مقاعد صغيرة يتم طيها وحملها باليد.

وبحكم ثبات الحلاق المكاني في معظم الأحيان، فهو رادار اجتماعي يلتقط الصغيرة والكبيرة في مسارب المجتمع الصغير، لذا فهو مصدر خطير لجمع المعلومات عن الآخرين، وهو مصدر شديد الخصوصية والسرية وإن بدا غير مبرمج، لكن الوعي الفطري الذي يمتلكه يجعله قادراً على الاحتفاظ بأكبر كمية من المعلومات دون أن يسرّبها إلا في حالات ضرورية يراها مناسبة.

 

Email