حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو

وَأقْفَرَ من سَلمى التّعانيقُ فالثّقْلُ

وقد كنتُ مِن سَلمَى سِنينَ ثَمانياً

على صيرِ أمرٍ ما يمرُّ، وما يحلُو

وكنتُ إذا ما جئتُ، يوماً لحاجةٍ

مضَتْ وأجَمّتْ حاجةُ الغدِ ما تخلو

وكلُّ محبٍّ أعقبَ النأيُ لبهُ

سلوَّ فؤادٍ، غير لبكَ ما يسلُو

تَأوَّبَني ذِكْرُ الأحِبّةِ

بَعدَما هَجعتُ ودوني قُلّة ُ الحَزْن فالرّمْلُ

فأقسمتُ جهداً بالمنازلِ من منىً

وما سحفتْ فيهِ المقاديمُ، والقملُ

لأرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ ثمّ لأدأبَنْ

إلى اللَّيْلِ إلاّ أنْ يُعْرّجَني طِفْلُ

إلى مَعشَرٍ لم يُورِثِ اللّؤمَ جَدُّهُمْ

أصاغرهُم، وكلُّ فحلٍ لهُ نجلُ

تربصْ، فإنْ تقوِ المروراةُ منهمُ

وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نخْلُ

وما يَكُ مِنْ خَيرٍ أتَوْهُ فإنّمَا

وجِزْعَ الحِسا منهُمْ إذا قَلّ ما يخلو

بلادٌ بها نادَمْتُهُمْ وألِفْتُهُمْ،

فإنْ تُقْوِيَا مِنْهُمْ فإنّهُما بَسْلُ

إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم

طوالَ الرماحِ لا قصارٌ لا عزلُ

بخيلٍ عليها جنةُ عبقريةٌ

جَديرونَ يَوْماً أن يَنالُوا فيَستَعلُوا

وإنْ يُقْتَلُوا فيُشْتَفَى بدِمائِهِمْ

وكانُوا قَديماً مِنْ مَنَاياهُمُ القَتلُ

زهير بن أبي سلمى

حكيم الشعراء في الجاهلية - (520-609م)

Email