نورة صابر المزروعي..

أكاديمية شغفها العزف على القانون

Ⅶالمزروعي تعتبر الفنون وسيلة راقية لتهذيب الإنسان | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كاتبة وباحثة مجدة ومحاضرة - أستاذة جامعية. حصلت على شهادتها العليا في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة.

لها إسهامات بحثية في هذا المجال؛ ولكنها، أيضاً، تجمع إلى كل ذلك شغفا متقدا بالفنون والموسيقى الشرقية على وجه الخصوص.

وشغفها هذا، وإحساسها العميق بأهمية الفنون، تترجم نتاجاته وحبها له بمشاركات متنوعة وببرامج والعمل الجاد على تحفيز الجهات المعنية لتأسيس أكاديمية للفنون الجميلة بأبوظبي.. وفي العديد من المدن الأخرى التي لا يوجد بها مثل هذه الأكاديميات.

إنها د. نورة صابر المزروعي، التي أفاضت بهذا الحديث لـ«البيان»، وهي تحكي عن شغفها بالموسيقى وتعلقها بالعزف على آلة القانون، وعلاقتها بهذه اللغة الإنسانية العالمية، وطموحاتها في المجال.

تقول نورة صابر المزروعي في مستهل حديثها: الفنون ميدان واسع يشتمل على عدة تصنيفات منها الفنون الكتابية والفنون التشكيلية أو الفنون الأدائية والفنون التطبيقية... إلخ. وفي هذا الفضاء الواسع من الفنون أميل إلى الفنون السمعية: فن الاستماع والعزف.

العزف منحني السلام الداخلي والاتزان والهدوء.. ووجدت في هذه الفنون وسيلة إيجابية للهروب من ضغوطات الحياة اليومية. أرى في الفنون وسيلة راقية لتهذيب الإنسان، وتربية ذوقه، وحسّه الجمالي.

والفنانون والمتذوقون للفن هم أعمق فئات المجتمع وأكثرها حساسة لما يدور حولها سواء في الطبيعة بفعل التأمل أو التفاعل مع الآخر لفرط حساسيتهم. أنا أنظر إلى الفن باعتباره جزءاً من شخصيتي ويضيف جماليات لها ولا يمكنني الاستغناء عنه. فأنا لا أفارق القلم وريشة القانون في يومي.

قدوتي الفارابي وسعيد

ترى المزروعي أن الفنون جميعها تتكامل فيما بينها.. وكذا تتناغم مع الإبداع والعطاء الفكري بصنوفه المتنوعة، ولذا فإنه لا تضاد أو مشكلة، كما ترى في كونها متخصصة أكاديمية بمجال الفكر السياسي، وكونها موسيقية: لا أصنف نفسي في مجال ضيق، فأنا أجمع في شخصيتي الجانب الفني والأكاديمي.

أجد نفسي في هذه المجالات جميعاً، فأنا أكتب وأحاضر وأدرب وأعزف. فالموسيقى هي مكملات وجماليات في الحياة، ولكنها بالنسبة لي شيء أساسي.

وهناك شخصيات جمعت بين العزف ودراسة الموسيقى وأبدعت في علوم أخرى، ومن صفحات التاريخ يمكن الإشارة إلى محمد أبو نصر الفارابي الذي كان عالماً في الفلسفة والفيزياء والمنطق وعلم الموسيقى، وكان عازفاً ماهراً على الناي والعود والقانون.

وفي العصر الحديث عازف البيانو والباحث المفكر إدوارد سعيد الذي اهتم بالشؤون الفنية والثقافية والأدبية والتاريخية في مؤلفاته، وساهم في إنشاء اكسترا ديوان الغربي-والشرقي.

وهناك نماذج إماراتية مشرفة، أمثال عازف البيانو الطيار حمد الطائي، كابتن في طيران الاتحاد.

واحة الإبداع

«الإمارات بيئة إبداعية خصبة.. تحفز على التميز». هكذا ترى د. نورة صابر المزروعي، توجه وواقع الإمارات التي لا تبخل على أبنائها وعلى غيرهم، في سبيل التميز والنجاح وخدمة الفكر الإنساني.. وهو ما تنعمت به شخصيا، على صعيد الموسيقى والدراسة الأكاديمية. وتقول:

لا يمكن حصر فضائل وخيرات الدولة علينا، ولكن أعظم هدية قدمتها لي هي المنحة الدراسة لاستكمال درجة الماجستير والدكتوراه. فأهدتني فرصة ذهبية لاكتشاف العالم الخارجي فكريا وثقافيا وفنيا. ومنحتني فرصة لاكتشاف هذا العالم الواسع. حينما سافرت إلى الخارج.

وجدت معظم الطلاب مهتمين بالفنون منهم الرسام والمصور والعازف... إلخ، في هذه البيئة الدراسية منحتني الفرصة الاقتراب من عالم الموسيقى. كانت آلة الغيتار هي الصديق الذي يؤنس غربتي.

وفي أوروبا تبين لي أن الموسيقى تستخدم كوسيلة للمساعدة على الشفاء. ووجدت مراكز طبية تداوي المرضى بالموسيقى تعرف بـ Music Therapy يوازيها المصطلح العربي المعروف باسم «المعالجة بالموسيقى».

أثارني هذا الأمر كثيرا وجعلني أبحث وأقرأ، ووجدت أن ما قام به الغرب ما هو إلا صورة طبق الأصل عما جاءت به العلوم التي اهتم بها علماء المسلمين في القرن الثامن بعد الميلاد. البيئة التي تغربت فيها قرابة 8 سنوات، والبحوث التي أجريتها وتتعلق بأهمية المعالجة بالموسيقى، جعلت الموسيقى جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي.

حلم قديم

تحكي نورة المزروعي عن انطلاقتها في حقل الموسيقى والعزف: انطلاقي، كعازفة، كانت متأخرة نوعاً ما، ولكن كنت شغوفة بالفنون منذ زمن طويل.

منذ الطفولة كنت أبحث عن ذاتي بين الرسم والعزف والشعر والتصوير. ووجدت نفسي في الموسيقى، وكنت أحلم أن أعزف السلام الوطني على آلة الأكورديون في الصباح المدرسي، ولم أفلح.

وثانية المحاولات فترة دراستي الماجستير والدكتوراه. فقد عزفت على آلة الغيتار فترة دراسة الماجستير واستكملت العزف على آلة الغيتار أثناء تحضير درجة الدكتوراه، وكذلك تعلمت العزف على آلة الطنبور. وبعدها أصبحت بعيدة عن عالم الموسيقى، فقد شغلتني بيئة العمل عن جزء مهم مني، ألا وهو الجزء الفني من شخصيتي.

وعندما أصبح يومي روتينياً قررت كسر ذلك الروتين، والتحقت ببيت العود العربي لتعلم العزف على إحدى الآلات الوترية. ولعشقي لآلة القانون الشرقية بدأت منذ سنة ونصف السنة أدرس دراسة عملية ونظرية.

بالنسبة للمشاركات كانت لي مشاركات متواضعة داخل الدولة السنة الماضية، ولكن بدأت بالعزف رسميا في حفل بالشارقة احتفالاً بمرور خمس سنوات على تأسيس مركز فرات قدوري، ثم الحفل الأخير الذي شجعني فيه الفنان نصير شمة للظهور في حفل اوركسترا بيت العود العربي بالمجمع الثقافي 6 سبتمبر الماضي.

تميز وحاجة

تؤكد الأكاديمية والموسيقية الإماراتية المزروعي، أن دولة الإمارات، خير نموذج عالمي في دعم الفنون بأشكالها، وتقول بالصدد: هناك اهتمام على مستوى كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بالثقافة الفنية، ومن أهم ما قامت به الدولة هو استحداث مكتب الدبلوماسية العامة والثقافية في مبنى وزارة الخارجية في عام 2018 الذي يهتم بكل ما يتعلق بالفنون لإثراء الناحية الثقافية في الدولة، وتعزيزها في الداخل والخارج، باعتبارهاإحدى أهم أدوات القوة الناعمة.

بالإضافة إلى الجهود المبذولة من قبل وزارة الثقافة وتنمية المعرفة. ولكن نحتاج إلى زيادة الوعي المجتمعي بما يتعلق بدور الفنون وأهميتها. فنحن بحاجة إلى تغيير القناعات العامة حول الفنون ليدرك المجتمع مدى تأثيرها وأهميتها، ولتحقيق الوعي الكافي بالحياة الثقافية لا بد من تأسيس أكاديميات فنية، خاصة بأبوظبي، لتغرس في نفوس أبناء المجتمع أهمية الفنون.

بطاقة

نورة صابر المزروعي. كاتبة وباحثة ومحاضرة، أستاذ مساعد في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي. حصلت على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة.

أحدث منشوراتها كتاب العلاقات بين الإمارات والسعودية (2017) الحائز جائزة العويس للإبداع في 19 أبريل 2017 عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية. شغوفة بالفنون الجميلة وبخاصة الموسيقى الشرقية.

Email