موسيقى القرن الكلاسيكية بعبقرية صينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت إنا فولكس أستاذة ورئيسة قسم البيانو بجامعة كاليفورنيا، إن طلاب الموسيقى الصينيين لهم عبقريتهم الخاصة في تذوق الموسيقى الكلاسيكية الغريبة عنهم، بل إنهم حريصون على أن يكون لهم منتجهم الخاص وإن كان باقتباس من نتاج شعوب العالم، تقول فولكس في مقال لها بإحدى المطبوعات نشر أخيراً: كان ذلك في شهر ديسمبر 2018، أثناء قيامي بجولة موسيقية ثالثة في الصين، وكنت قد انتهيت للتو من عزف موسيقى منفردة على البيانو في أحد المعاهد الموسيقية العليا هناك، دون أن أنتبه إلى أنني كنت قد قبلت عرضاً للعمل أستاذة زائرة.

وجدتني أجلس قبالة البيانو كما لو كنت «بابا نويل»، يحيط بي جمهور من الطلبة وعائلاتهم ليلتقطوا معي صوراً ثم يستمر ذلك قرابة ساعات.

خلال تلك الجولة كنت أقطع مسافات طويلة في السفر وأستمتع بما حولي من أطعمة ومذاقات ومشاهد طبيعية صينية. وعلى الرغم من شعوري في بعض الأحيان بالعودة إلى ما يشبه الماضي في ما يتعلق بالبنية التحتية لبعض الأماكن، إلا أنني كلما التفت إلى تلك الوجوه الشابة من دارسي الموسيقى الكلاسيكية هناك، وجدتني أكثر انتباهاً إلى مستقبل هذه الموسيقى بغض النظر عنه كونه ماضياً.

وتتابع إنا فولكس، وجدتني أنظر إلى الشغف الذي يبعث على الدهشة والإعجاب بتلك الدوافع، والجهود التي تحفها المبادئ الأخلاقية والالتزام تجاه مثل هذه الموسيقى لدى الدارسين.

أما التشجيع والإقبال فقد كنت أراه حاضراً في تلك الجماهير الحريصة على التواجد بأعداد غفيرة، بغض النظر عن المكان الذي تقام فيه الحفلات. إن ما يقارب الخمسة والسبعين من طلابي في الولايات المتحدة هم في الواقع صينيون أو أمريكيون من أصول صينية.

وتستطرد فولكس: هؤلاء الدارسون الذين يجيدون العزف على البيانو، ما إن يتخرجوا في أفضل المعاهد الأوروبية والأمريكية حتى يعودوا لبلادهم عازمين على نشر الثقافة التقليدية للموسيقى الكلاسيكية هناك، وبأسلوبهم الخاص. كما أن هذا التبادل الذي تشهده الموسيقى يميل نحو الارتفاع، في الوقت الذي تبدو فيه القاعات خالية من الحضور في مدننا الأمريكية الكبرى في المجال.

وتصف الكاتبة والباحثة، ما يحدث الآن في الصين بأنه شيء غير ذلك، حيث جمهور الموسيقى الكلاسيكية يظل متعطشاً لما يزيد على مجرد الاستماع إلى أعمال «بيتهوفن وتشوبان»، إنهم يتطلعون إلى معرفة المزيد من المبدعين القادمين.

وتختم : الحقيقة أن ما يتردد لدينا الآن في عالم الموسيقى الكلاسيكية، العزف على البيانو، بما في ذلك ما يردده أساتذة وحكام ومستمعون، هو أن إلمام طلبة الموسيقى الصينيين بهذه الموسيقى يكاد لا يزيد على مهارتهم في استخدام الذكاء التقني، بينما هم يفتقرون إلى تلك العلاقة الوثيقة بها ما يجعلهم على وعي حقيقي بها، غير أنني أؤكد أن كل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، فهم متفوقون ومتميزون.

منفتحون

تشير الباحثة الموسيقية الأميركية، إنا فولكس، إلى أن طلاب الموسيقى الكلاسيكية في الصين بينما هم يعيشون في مجتمع له سماته وخصوصيته الثقافية، فإنهم يتلهفون في الوقت ذاته على إدخال تقاليد موسيقية غريبة إلى مجتمعهم والتعامل معها على أنها لهم، على العكس مما يحدث في الغرب، ولعل في ما يقومون به على هذا النحو إضافة حقيقية للموسيقى الكلاسيكية، تعني لمستقبلها.

Email