كلمات متدفقة من قلب شاعر أخذ بأوفر حظوظ المجد

«مدّةٍ وافيه».. وثيقة تشهد بمناقب حمدان بن محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين نقرأ القصيدة مكتوبةً على الورق، نُكوّن عنها انطباعاً خاصاً يختلف في جوهره عن ذلك الانطباع العميق الذي يتشكّل في وجداننا حين نسمع هذه القصيدة من إلقاء صاحبها، فالقصيدةُ حين يُلقيها صاحبها فهو إنما ينقل لنا إحساسه الوجداني الخاص بكل حرف من حروفها، ويساعدنا هذا على اقتناص المعاني التي قد تختفي وراء الحروف المكتوبة، فالإلقاءُ الجميلُ هو التعبيرُ الأرقى عن المعنى الشعري، لأنّ القصيدة المكتوبة تكاد تختلف عن القصيدة المُلقاة بما تحمله الأخيرة من المشاعر الخاصة التي تتجلى في الأداء، حيث تظهر ملامح التأثر في النغمة والصوت.

وهذه القصيدة قد قرأتُها مكتوبةً وسمعتُها بصوت سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، ويالروعة الإحساس حين تسمعها بصوته العذب الدافئ الذي ينساب مثل نهر رقيق يتدفق بالحب والعطاء، وينقل لك رقة مشاعره وفيوض قلبه وهو يتلو هذه الترانيم المتدفقة من قلب شاعر فارس أخذ بأوفر الحظوظ من المجد والشرف والسؤدد.

وحين نقرأُ شعر سموّ الشيخ حمدان نتذكر أنّ هذا الرمح الرديني هو امتدادٌ لرمح الإمارات وسيفها الصقيل، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، فارس الديار، وشاعر القوافي الباهرات، والقائد الذي آلى على نفسه ألّا ينظر إلى الوراء، بل هو ماضي العزيمة ونافذ البصيرة في عشق التقدم والإبداع.

وعلى الرغم ممّا اجتمع في شخصية سمو الشيخ حمدان من مناقب الرجال الكرام، فإنّ مَعْقِدَ فَخره وتاج عِزّه هو كونه ابناً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نسباً وأخلاقاً وفروسيةً وشعراً، فكم مِن منتسبٍ إلى صُلْبِ أبيه لا يحمل من مناقبه شيئاً، وأمّا هذان الفارسان فما أجدرَهُما بقول زهير بن أبي سُلمى:

وهل يُنبتُ الخَطّيُّ إلّا وشيجَه

                      وتُغرسُ إلا في منابتها النخلُ

 

أثر عميق

إنّ الموهبة الشعرية هي واحدةٌ من أعمق ملامح التشابه بين سموهما، فالروحُ الشعرية هي الروح، والهمومُ هي الهموم، وعذوبة الموسيقى تجري في قوافي الشعر مثل نسيم الصباح، وحسبك بهذا دليلاً على الأثر العميق الذي تركه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في موهبة نجله سمو الشيخ حمدان.

إشتقت يا وقتي الفاني لفترة صباي

                   سأمت منّك ومن أيامك الجافيه

بهذه اللغة الشفيفة الرقيقة التي لا تخلو من مسحة الحسرة والحنين، يفتتح سمو الشيخ حمدان هذا الغناء العذب الصافي، معبراً عن شوقه للماضي السعيد، حيث غَضارة الصِّبا وطراوة الشباب، وقلّة الهموم، فالماضي في حدس الشعراء تحديداً هو أجمل الأوقات، فهو زمن الذكريات الجميلة، والأوقات الطيبة التي كان يقضيها مع أحباب القلب، فمن هنا غلى مِرْجلُ الشوق في حنايا الصدر، وتسرّب إليه إحساسٌ بالملل والسأم من هذا الزمن الحاضر الجافّ الجافي الذي لا يُقارَن بالزمن الماضي، زمن البهجة والمسرّات والبركات.

حنين

ذكرت صبحي بطيشه وانبساطة مساي

                 واخٍ جروحي من فراقه ماهي شافيه

جفاني الضحك بفراقه وطوّل جفاي

                 عن وصل ناسٍ مشاعرها معي دافيه

ومثل تعاقب الليل والنهار، يتعاقبُ الإحساسُ بدورة الزمن ولعبة الأيام، فالصباحُ كنايةٌ عن الشباب وما يشتمل عليه من النزق والطيش وحب المغامرة والإحساس العميق بالذات، حيث يرى الإنسانُ نفسه سيد الزمان، والمساءُ كنايةٌ عن دخول الإنسان في معترك الحياة وتحمّل المسؤوليات ومقارعة واجبات الكهولة، فإذا أُضيف إلى ذلك الإحساسُ العميق بالحنين إلى الإنسان الذي كان سبباً في جرح القلب، وأجبر الشاعرَ على إطلاق تنهيدة الحسرة، فَهمْنا ذلك السرَّ وراء هذا الضيق من الزمن الحاضر الذي يفقد طعمه وحلاوته حين يغيب طيف الحبيب، ويزداد الإحساس بالألم حين يتيقّن الإنسانُ أنّ جراحه لن يشفيها إلا الحبيب الهاجر الذي أصبح جزءاً من الماضي الذاهب الحزين.

ويزداد سمو الشيخ حمدان إفصاحاً عن مشاعر الألم من اللحظة الحاضرة، فإذا جفاءُ الحبيبة هو السرّ، فكيف إذا كان هذا الجفاء طويلاً قاتلاً! ومنذ القديم اعتاد الشعراء على حمل جميع أثقال الحياة مهما كانت التكاليف إلا حِملاً واحداً ضجّت أرواحهم من عذاباته، هو فراق الحبيب، حتى قال شاعرهم معبراً بذلك عن حال جميعهم:

وكلُّ مرارات الزمان وجدتُها

                  سوى فرقة الأحباب هيّنةَ الخَطْبِ

إنّ جفاء الحبيب هو الداء الذي لا دواء له إلا بالوصال، وهو الألمُ الذي يجفف منابع الإحساس بجمال الحياة، بل ويكاد يصدّ الإنسان عن التواصل مع الناس أصحاب المشاعر الصادقة الدافئة، فالعاشقُ لا يرى الدنيا إلا بعيني حبيبه، فإذا أعرض عنه أظلمت عليه الدنيا حتى لو كان في وسط النهار، وكسفت شمسه ولم يعد قادراً على التعامل مع الناس مهما كانت درجة قربهم منه وحميمية العلاقة معهم.

رقة

القلب يغرق جروحي ما يبيّن خفاي

                لكنّها في ملامح نظرتي طافيه

اقول لا.. لا حدٍ منكم يدوّر رجاي

               أجبرني الوقت اردّد لائي النافيه

وهذه رِقّةٌ عجيبة وشكوى مريرة من سمو الشيخ، فالقلب غارقٌ في بحر الجروح التي هي كناية عن الذكريات المؤلمة، ومهما حاول الإنسان إخفاء معالم الوجع فإن ملامح الوجه تكشف كل مستور، وما زال الشعراء منذ القديم مكشوفي الحال حين يُذكَر أمامهم الحبيب، حيث تضطرب أحوالهم، وتعروهم الرعدة والدهشة، ويُخفقون في إخفاء ما يشتعل في أعماقهم من نيران الوجد والحنين:

قالوا: فرقَّ القلبُ مِنْ

               ذِكْرِ الحِمى وهفا وشفّا

والصبُّ مفضوحٌ إذا

              ذُكر الحبيبُ وإنْ تخفّى

أي والذي اصطفَّ الملا

             ئكُ عنده صفّاً فصفّا

ما زادني إلا انقيا

           داً للهوى شيبي وضعفا

وحين يصل العاشق إلى هذه المرحلة من التوحد بذكرى الحبيب يصبح في أعماقه نفورٌ من الناس رغبة منه في الانفراد بطيف الحبيب، وهذا السلوك من علامات الحب الصادق، كما قرّره الإمام الفقيه الحافظ ابن حزم الأندلسي في كتابه الفريد «طوق الحمامة في الأُلفة والأُلّاف»، بحيث يصعب عليه التعامل معهم في بعض الأحيان، فهو الكريم المِعطاء الذي لا تعرف يمينُه إلا كلمة «نعم»، لكن العشق الذي يأخذ بشغاف القلب قد جعله يقول: «لا» لهؤلاء الطيبين الذين يحاولون التقرب منه والتخفيف من لوعات قلبه، لكن إصراره على الانفراد والغرق في بحر الذكريات وعدم تكدير الخاطر بالاختلاط بالناس، كلّ ذلك جعله يؤثر الانفراد كي يُسرح الطرف في الماضي البعيد، ويقتنص منه هذه الذكريات التي جاءت متتالية على نحوٍ فنّي بديع، حيث تتراءى له الذكريات مثل سِرْبٍ من الظباء الحِسان يقتنص منها أروع المواقف والذكريات.

براءة

يوم البحر كنت أحسبه يوم اطالعه ماي

              قبل اسبحه واكتشف أسراره الخافيه

ويوم ان أصابع كفوفي أكثر من اصدقاي

              قليل.. لكن عيوني بالرضا غافيه

في هذين البيتين يجسّد سموّه براءة الطفولة في النظر إلى الأشياء على طبيعتها، فهذا البحر الهدّار المخيف الذي تغرق فيه أعظم السفن والناقلات، وهذه المحيطات الشاسعات التي يرتجف لهولها القلب حين تثور أمواجها كالجبال، هي في نظر سموّه ماءٌ عذبٌ زُلال تحيا به القلوب والأرواح والأبدان، ويحتاج الطفل البريء إلى زمنٍ طويل كي يكتشف الوجه الآخر للبحر تماماً مثل حكاية الإنسان مع الحياة، يحتاج إلى كثير من المواقف كي يصل إلى الحقيقة، وهذا ما حدث مع سموّ الشيخ حمدان الذي لم يكتشف أسرار البحر وجبروته إلا بعد أن تعلّم فنّ الغوص، وقاسى طويلاً في سبيل استخراج لآلئه الثمينة، وهكذا هي الحياة تخفى أسرارها على النظرة الأولى، ويحتاج الإنسانُ إلى عشرات المواقف كي يكتشف جوهرها العميق.

في موازاة هذه الصورة الغامضة للبحر، تبرزُ صورة الأصدقاء الذين يختارهم القلب في لحظات الصفاء، وكيف أنهم يكونون قليلي العدد لا يبلغون عدد أصابع اليد لكنهم على قلّتهم هم بهجة القلب، وتشعر معهم العين بالرضا والسعادة، بخلاف الأشخاص الذين يفرضهم إيقاع الحياة العملي، حيث تجفّ منابع المودة الصافية، وتكون المجاملات هي سيدة الموقف وبديلاً عن العلاقات الطيبة الدافئة، فشتّانَ شتّان بين الزمالة والإخاء، فالأولى يصنعها المجتمع والوظيفة، والثانية طبيعية يختارها القلب ويحتفظ بها ككنزٍ أخلاقي ثمين.

عطاء

لله معطي ولا تحسب يميني عطاي

              وافي ولا اقدّم إلاّ مدّةٍ وافيه

أنظر لقدّام ما اطالع بعيني وراي

              أودّع المقفيه واستقبل اللافيه

في هذين البيتين تحديداً تتجلّى روح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نبع العطاء ومعدن الجود والسخاء، وتالله إنّ مَنْ أشبه أباه فما ظلم، فهو يعطي لوجه الله تعالى لا يريد على العطاء جزاءً ولا شكوراً، وإنما هي إغاثة ملهوف، وجبر قلب مسكينٍ كسير، وتفريج كربة عن مهموم، وما أسعد حظ من وفّقه الله لعمل الخيرات، ورأى ذلك فضلاً من الله عليه، فهو ينفق بلا حساب لأنه ينفق لوجه الله الكريم الوهّاب، وهو الشيخ الوافي العطاء، فلا تمتدّ يده إلا بالمدّة الوافية التي لا يبقى معها للمحتاج حاجة إلى الآخرين، وهذا خلق كريم توارثه آل مكتوم الكرام كابراً عن كابر: الطيب والندى، والفروسية والإقدام، فحمدان هو نجل أبيه (بو راشد) الذي يعرف القاصي والداني تصميمه وشجاعته ورباطة جأشه فيما يقتحم من الأهوال، فعلى يديه تربّى، ومن معينه الصافي شرب أحلى كؤوس الرجولة والبسالة، فهو الفارس الذي لا ينظر إلى الوراء، بل هو طامح بنظره يستقبل الأقدار القادمة «اللافية»، ويودّع الأحداث المنقضية؛ لأن الوقوف عند الصعاب ليس من شِيَم الفرسان.

فخر

وابني بيوت الشعر واسّس قواعد بناي

               ماني بمن يبتلش بالوزن والقافيه

واشب ناري وغيري يقتبس من سناي

              وامد بالنور ناسٍ نارهم طافيه

وكما يفتخر الرجال الكرام بالكرم والجود، وطيب النفس بإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج، كذلك فإنّ من مقتضيات الفروسية عند العرب قديماً وحديثاً أن يكون الفارس شاعراً، ومَنْ أولى من سموّ الشيخ حمدان بفروسية الشعر، وهو الوارث المَهيب لمجد أبيه: شاعر الوطن وفارسه الشجاع، فهو يبني الشعر على أصول صحيحة، وليس ممّن يهتم بزخارف القول من وزنٍ وقافية، ومن كان كذلك فهو السيد المشبوب النار الذي تهفو إليه العقول والقلوب لطلب الحكمة والرأي والمشورة، فتقتبس من نار حكمته وبديع خبرته التي توارثها عن أبيه، وأتاحتها له الحياة المليئة بالمجد والإنجاز.

هذا، وليس من المجاملة في شيء أن أقول في هذا الموطن: إنّ مَنْ يقرأْ شعر فرسان آل مكتوم، تسرِ في حناياه نشوة بمجد العرب القديم، وتتراءَ له الفروسية بأبهى تجلياتها، فهؤلاء القوم تجري في عروقهم دماء الأصالة، ويحافظون على مجد الآباء، وللفروسية في كيانهم المحلّ الأعلى: فروسية السيف، والشعر، والكرم، والمشورة، ومساعدة الآخرين في زمنٍ عزّ فيه الفرسان، فيا سعد هذا الوطن الغالي بهؤلاء الصِّيد الكرام الذين يفرشون القلوب بالمحبة والورد والصفاء.

أخلاق

واخدم بنفسي قبل لا يخدمون اخوياي

                 وانا لو اشّر تكون إشارتي كافيه

ثنتين يقدر بها الانسان يكسب رضاي

                 البسمه الصادقه والنيّه الصافيه

وهكذا هي أخلاق السادة الفرسان منذ قديم الزمان: أن يكون سيد القوم خادمهم، وهو خُلُقٌ نبويٌّ شريف فيه أعظم الدلالة على تواضع النفس واحترام الإخوان، وكم تمدّح العرب بهذا الخلق الفريد، حتى قال حاتم الطائي مخاطباً زوجه فيما وصلنا من شعره:

أيا ابنةَ عبد الله وابنة مالكٍ

              ويا ابنة ذي البُرْدَين والفرس الوَردِ

إذا ما صنعتِ الزادَ فالتمسي له

              أكيلاً فإني لستُ آكله وحدي

وإني لعبدُ الضيف ما دام ثاوياً

              وما فيَّ إلا تلك من شيمة العبدِ

وها هنا يؤكد سمو الشيخ حمدان أصالة هذا الخلق الكريم في شخصيته، فهو يخدم إخوانه بمحبة ونُبْلٍ، يخدمهم وهو يعلم أنه السيد المُطاع الذي يكتفي بالإشارة لتكون الأشياء رهن إشارته، لكنّ كرمَ أخلاقه يأبى له إلا أن يكون متواضعاً مع إخوانه، رفيقاً بهم، محافظاً على مودتهم، وهذا، لعَمْرُ الحقِّ، هو النبل والسؤدد والشرف الباذخ.

وأهل الكرم والتواضع هم دائماً أصحاب النفوس الصافية التي لا تعرف الحقد ولا كدورة النفس، وقديماً قال عنترة الشاعر الفارس:

لا يحملُ الحقدَ مَنْ تعلو به الرُّتَبُ

                 ولا ينالُ العُلا مَنْ طبعُه الغضبُ

وها هنا يؤكد سمو الشيخ حمدان أنّ رضاه قريب ميسور لمن تحقّق بصفتين اثنتين: البسمة الصادقة، والنية الصافية، فالبسمة هي سرّ نقاء القلب من الحقد، وعمارته بالمودة والنبل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسّاماً، وهو المشغول ببناء مجد الإسلام ونشر نور الدعوة في العالمين، وحث على ذلك حتى قال في الحض على إشاعة أجواء المحبة والإخاء بين المسلمين: «تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة»، وأمّا النية الصافية فهي جوهر الإنسان المقبل على الحياة بروح راضية، ونفس قنوعة لا تعرف الحقد ولا الغلّ ولا الحسد ولا البغضاء، وما أجملها من حياة حين تكون النفوس معمورة بالنيات الطيبات والمشاعر الصافيات، فإنما الأعمال بالنيات، كما صحّ بذلك الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إنسانية

وثنتين دايم تسبّب في حياتي شقاي

                دمع الفقارى وشكل اقدامه الحافيه

يالله عساني ما اجرّب عند ربعي غلاي

               واسالك الستر والتوفيق والعافيه

الله.. الله! ها هنا تكتمل إنسانية هذا الأمير الجليل، فهو لا يحزن ولا يشعر بالشقاء إلا إذا رأى دمعة الفقير، ورأى معالم البؤس والشقاء تلوح على مُحيّاه، وما أجمله من إحساس، وما أرهفها من مشاعر يشتمل عليها قلب سمو الشيخ حمدان الذي اجتمعت فيه أنهار الخير المتدفقة من أبيه وأجداده، ذلك الفارس الأشم، والكريم الرقيق القلب الذي يجمع في شخصيته عجائب المجد، فهو الحازم الصارم في معترك الجدّ، وهو الذي تترقرق عينه بالدمع إذا رأى فقيراً أو كسيراً، فيا لله! كم أنتِ محظوظة يا بلادي الكريمة بهؤلاء الكرام، هؤلاء الفرسان الذين يبوحون هذا البوح الإنساني النبيل، ويقتربون بذلك عن حق وصدق من وجدان الناس الذين أحبوهم ووجدوا فيهم الملاذَ حين تضيق عليهم الدنيا، فهل تظنون أن الله تعالى لا يبارك في عمر إنسان يفيض قلبه بالحب والعطف والشفقة على الفقراء والمساكين، وكيف لا يُحبُّ الناسُ مثلَ هذه الوجوه الطيبة التي رسخ غَلاها ومحبتها في القلب، وجلّلها الله بالستر والتوفيق والعافية.

أيها الشيخ الجليل، هذه ليست قصيدة وحسب، بل هي وثيقةُ تاريخٍ تشهد بمناقبك الشريفة، وأخلاقك العالية، وامتدادك الباهر لأبيك، الرجل الذي تعرف الرجال قدره، وسوف يأتي يومٌ تقول فيه الأجيال: مَنْ أراد أن يعرف مناقب الإنسان الإماراتي، فما عليه إلا أن يترنم بشعر فرسان آل مكتوم، ففي شعرهم ذخائر مجد الوطن، وفي قوافيهم أرقى مناقب الفرسان.

Email