إنتاجه الغزير جعله علامة بارزة

«فلسفة الجمال والفن».. إضاءة على حياة فريدريك شيللر

تمثال فريدريك شيللر أحد معالم برلين البارزة ــ من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعدُّ الشاعر والمسرحي والفيلسوف الألماني، يوهان كريستوف فريدريك فون شيللر، بعد مواطنه يوهان فولفانغ غوتة، أحد أبرز الشعراء في بلاده خلال ما عرف بعصر التنوير في القرن الثامن عشر، إذ قدم رغم حياته القصيرة (1759-1805) إنتاجاً غزيراً جداً في الأدب، تجاوز الثلاثين، بين رسالة وديوان ومسرحية.

ويشكل كتاب «فلسفة الجمال والفن عند فريدرك شيللر»، للدكتورة بشرى عباس محاولة لإضاءة جوانب عديدة من حياة وفكر الشاعر الفيلسوف الذي «لا يزال علامة بارزة في مسيرة الأدب الألماني حتى يومنا هذا، ويعدَّ رائد المتنورين في الفكر الجمالي».

تبيُّن عباس كيف «عكست آراء شيللر واقع المجتمع في عصره، واتسمت بعدائها لعقلية ذلك المجتمع التي كانت تُنمّي روح الاستغلال والجشع»، مشيرة إلى أن هذه العقلية وما أفرزته من أزمات روحية إلى جانب إيمان شيللر بالإنسان، كوَّن أساس الإلهام الذي بنى عليه نظريته الجمالية بكل أبعادها الفنية.

خلاص اجتماعي

وتقول: «تتجلى فكرة شيللر الرئيسية في حل المشكلات السياسية لعصره عن طريق التوسل بعلم الجمال، المبني على تصور إنساني، صيغ وصقل بصورة منهجية في أعماله. فقد تحمس في البداية للوصول إلى مثال للإنسانية السعيدة التي كانت تتمتع بكامل حقوقها، وسرعان ما وجد ما ينطوي عليه هذا المثال الأعلى من أوهام، لكنه لم يفقد ثقته في التطور الإنساني، إذ رأى أن الخلاص الفردي هو من دون أي شك، شرط أساسي للخلاص الاجتماعي، ومن الواجب أولا أن يتحقق».

وتعرض الكاتبة، آراء شيللر، الذي يعتبر أن غاية الفن هي المتعة وإشاعة الفرح، وهو ما جاء في كتابه «الرسائل في التربية الجمالية للإنسان»، يحلم من خلاله بصقل الأخلاق عن طريق الفن الذي يتداخل فيه الجليل والجميل أكثر مما يتناقضان، وعندما يتحدث عن السعادة فإنه يعبر عن أمله بسمو الإنسان عن طريق مفهوم الجمال، الذي يعرُّفه بأنه التأليف بين الحياة والشكل، أي الوحدة الجدلية القائمة بين اللاتناهي وهو الشكل، وبين المتناهي وهو الحياة، وهذه العلاقة يبنيها على أساس التفاعل المتبادل والمتوازن بين قوى الإنسان (الحسية –المادية) و(الفكرية –الصورية).

مفاهيم جوهرية

وتستعرض الكاتبة بعضا من أعمال شيللر المسرحية، بدءاً من مسرحية اللصوص، ودسيسة وحب، وفيسكو، وصولاً إلى عذراء أورليان (جان دارك) وعروس ميسينا، وتشير إلى أن مجمل مسرح شيللر، كان تمجيداً للمثال الأخلاقي، إذ تصدرت مسألة الحرية الأخلاقية نقطة مركزية في هذه الأعمال، ولكن أبطاله في المسرحيات التي كتبها في المرحلة الأخيرة يشتركون بسمة عامة، وهي أنهم تعرضوا في البداية لتقييد الحرية وتغييب الوعي، ثم ارتقوا بعد ذلك عن طريق الألم إلى القبول الحر وإلى الرؤية الواضحة للقانون الأخلاقي.

وتُخلص الكاتبة إلى أن المفاهيم الجوهرية لمذهب شيللر هي الذاتية، وعبادة الشكل، والمزاوجة بين الفلسفة والشعر، وفي النهاية التهكم. وترى المؤلفة بشرى عباس أن شيللر يشخّص التطور الإنساني بشكلين رئيسيين، فهو يحلم بإصلاح الفرد وفقاً للقانون الأخلاقي، وبإصلاح المجتمع تبعا للحق. ويطمح إلى تأسيس الإنسانية انطلاقا من حقوقها، ولكن دون استخدام العنف، بل عن طريق تطوير الميول الكبرى للقلب الإنساني تطويراً كاملاً.

تعريف

تعد الدكتورة بشرى عباس، باحثة سورية، وهي حاصلة على دكتوراه في الفلسفة ـ علم الجمال، من جامعة بواتييه في فرنسا، ويقع كتاب «فلسفة الجمال والفن عند فريدريك شيللر» في 312 صفحة، وهو صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2018.

Email