أبو ريشة نجح دبلوماسياً وشاعراً لأنه أحب الحالتين

«دلالات السّيرة» يكشف المجهول في حياة عمر أبو ريشة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتناول الدكتور فايز الداية في كتابه «دلالاتُ السِّيرة والأسلوب عند عمر أبو ريشة» صفحات مجهولة لسيرة حياة الشاعر الكبير وشعره مع إشارات نقدية لإضاءة مسالك النصوص. وقد ذهب الدكتور الداية إلى جوانب الموسيقى والصورة والأبعاد المتداخلة مع القيم الدرامية.

وُلد الشاعر في عكا عام 1908، والدته خيرة الله اليشرطية من أسرة فلسطينية تعود أصولها إلى تونس، وأسرة «أبو ريشة» تعود إلى عشيرة الموالي التي سكنت الشام، وقد أتاحت الفرصة لشافع والده أن ينال تحصيلاً علمياً، فكان قائمقام في مدينة الخليل، ثم انتقل إلى أماكن عدّة قبل أن يستقرَّ به الترحال بمنبج.

انتقل عمرابو ريشة وأسرته إلى مدينة حلب، وهو في سن العاشرة، فتابع الدراسة الابتدائية، ثم سافر إلى بيروت سنة 1924 ليدرس في الجامعة الأميركية، ويتم المرحلة الثانوية، ثم إلى مانشستر في إنجلترا ليتابع تحصيله في الكيمياء والأصبغة عام 1929 – 1932، ليعود بعدها إلى الوطن، فينكب على الكتب ينهل منها، ويعوّض ثغرات مراحل الدراسة، حيث انتقل عمر إلى المستوى الرفيع في أدائه وفصاحته بعد الوعي والجهد الدؤوب. وتعد سنة 1932، جسراً بين مرحلتين، واقترنت بقصائد دالة على نزعة التجديد والخروج من إهاب الشعر القديم، ويمكن ملاحظة الإبداع الشعري عند عمر في هذه السنوات.

دبلوماسية

وفي طيات الكتاب، يوضح المؤلف أن عمر أبو ريشة بدأ مساره الدبلوماسي في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1949، وانتقل إلى بيونس آيرس في الأرجنتين، ثم أمضى سنوات في نيودلهي في الهند، ثم انتقل إلى فيينا في النمسا، وبعدها عيّن في واشنطن في الولايات المتحدة، وعاد ثانية إلى الهند، وفيها اختتم عمله الدبلوماسي عام 1970، ومع السفر ابتعد عمر عن احتمال الاندفاع وراء متتاليات في شؤون السياسة وردود الأفعال السريعة، وغدا متأملاً يجري تحليلات بشيء من الهدوء أكثر، يقول عمر: «نجحت دبلوماسياً ونجحت شاعراً لأنني أحببت الحالتين، ثم إنّ وظيفة الدبلوماسي مكنتني من معرفة لغات كنت أجهلها، ورفدت شاعريتي بعبقرية تلك اللغات وروائع آدابها». ومن قصائد تلك المرحلة: «عودة الروح وكوبا كبانا في طائرة كاجوراء دليلة».

اتخذ عمر مدينة بيروت مركز إقامة له، وتنقل بينها وبين عواصم ومدن عربية وأجنبية، وانتهى زمن السفارة ببلوغه سن التقاعد في الستين،لكن ابوريشة لم ينعم أبو ريشة باستقرار في بيروت، فكان كثير التنقل والتجوال، إضافة إلى مرض القلب الذي ألمّ به، وحادث سير نال من صحته، وكانت وفاته في مدينة الرياض بعد عارض أصابه 14 يوليو 1995.

أصدر أبو ريشة ديوانه الأوّل «شعري» عام 1936، بحلب، ثم ديوانه الثاني «من عمر» عام 1947، في بيروت، ونلحظ فيهما، كما يؤكد الكتاب، قدرة الشاعر على ولوج النفس الإنسانية في شجن داخلي، وقد جعل همّه السعي نحو أهداف الاستقلال والحرية والتقدم.

Email