لطيف العاني يوثّق بالصور العصر الذهبي للعراق بمعرض في لندن

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كانت الصور أفضل شاهد على العصر، فإن الصور الفوتوغرافية المأخوذة من أرشيف المصور العراقي لطيف العاني، تشكّل توثيقاً تاريخياً لفترة ذهبية في عصر العراق الحديث، قبل أن تحل المآسي بتلك البلاد.

مشاهد رائعة من الحداثة التي احتضنها تاريخ البلاد العريق في القرن العشرين، تنقلها صور العاني التي عرضت في لندن منتصف الشهر الماضي ، في معرض عن الذاكرة نفسها، خصصت له صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية مقالة خاصة بعنوان «لطيف العاني وعصر العراق الذهبي».

حداثة

الصور توثق عصر السلام ودخول الموضة والحداثة في منتصف القرن الماضي، حيث يظهر راعٍ بشماغه مع قطيعه يسير عبر الحقول ومن فوقه تمتد أبراج كهربائية، وامرأة عصرية مواكبة للموضة أمام آثار تعود إلى حضارات العراق القديمة على نهر دجلة، وأجنبيان بملابس سوداء بظلين في وهج منتصف النهار، فيما يعزف أمامهما لاعب ربابة مع شماخ بشكل انفرادي، وتظهر في الخلفية آثار قديمة، ومع تبدل المشهد إلى مركز المدينة، تتراجع تلك الشخصيات من الماضي القديم أمام صور السيارات اللامعة بجانب الشرفات ذات الأسقف الرشيقة.

أرشيف

بعض الصور مثل «سيدة في الصحراء الشرقية»، و«أميركيان في قطيسفون» و«جامع الحيدرخانة، شارع الرشيد بغداد» تأتي من أرشيف والد المصور العراقي لطيف العاني، وهي صور لم تر من قبل، كشفت عنها مؤسسة «رؤيا» في مهرجان «بينالي» البندقية حيث فازت بجائزة، وتصل الآن إلى صالة «كونينغزباي» في لندن

. وتصف الصور الناقدة في صحيفة «فايننشال تايمز»، جاكي وولتشالغر، بالسوريالية الفطنة الرزينة والرائعة في تدرجاتها الخفية من الأبيض والأسود، كما ترى في بعضها تأثيرات مدارس فنية، كما في صورة «بناء سد دربندخان»، حيث اللوالب تملأ الصورة بحلقات من ضوء وظلال، أو في صورة «العمارة في بغداد، باب المعظم».

حيث المنظور الرأسي لواجهة أحد المباني السكنية، التي تستحضر في تقنيتها المصور الروسي رودتشنكو عام 1928 الذي نصح بالتصوير من «الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل صعوداً، لتأكيد تلك النقاط الفضلى وتوسيعها وتعويد الناس على الرؤية من وجهات نظر جديدة».

لكن الأسلوب الحديث لا يقتصر على أسلوب التشييدين الروس فحسب وفقاً للناقدة، بل هناك أيضاً صور المكاتب المرتفعة في «شارع المصارف، بغداد» والفيلات المسطحة الأنيقة مع الشرفات المسقوفة في «مكتب مشروع إسكاني، اليرموك»، ما يشبه ضواحي ميلان ومارسيه في الخمسينيات.

زوايا

وبينما يوظف العاني لغة حديثة في التقاط الزوايا الحادة والتقطيع واللعب بالمقاييس، فهو أيضاً إنسان يبحث عن الحنين في ثنايا صوره، وفقاً لتقرير الصحيفة.

نساء بالبرقع في «صانع الشموع في سوق سوق البزازين ببغداد»، وخطوط متناسقة لراقصات في «مهرجان النيروز، شمال العراق»، وأشكال هندسية من الطوب والخشب على خلفية حبل غسيل في «منزل قديم، الدهيمية بغداد».

الصورة لا تشكّل نظرتنا إلى التاريخ فقط، بل تشير إلى ما كان يمكن أن يكون عليه، وإلى ما كان عليه، ويقول العاني إنها صور من «المستقبل مع الماضي كخلفية»، ولعل أهمية أعماله تكمن في تعريف الجمهور الذي لا يعرف العراق إلا عبر الحروب والعنف والدمار، ما كان عليه العراق وما كان يمكن أن يصبح عليه.

Email