علي جمعة: سابقت الرياح لامتهان الخط وإتقانه

علي جمعة في مرسمه وعالمه | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسرد يوميات الشخص واقعه كما هو، تبين محطات حياته كيف كانت، صعوباتها تحديداً، وعلي جمعة الشاب البحريني، والذي احترف مهنة الخطاط منذ صغره، وله قصة مغايرة بالكفاح عن غيره، قصة بدأت في إحدى القرى البحرينية الغنية بأشجار النخيل، وآبار المياه، والتربة الخصبة.

قصة تسردها «البيان» في سطور موجزة، تتناول المسيرة التي بدأها من الصفر.

ظروف صعبة

يقول جمعة في حديثه لـ «البيان»: قد تكون الأرض الخصبة للطفل دافعاً لغرس بذرة الفنان فيه، ولكن أحياناً أرى أن الظروف الصعبة تخلق له نوعاً من التحدّي والإصرار، لإثبات موهبته، وتجعله مميزاً، وهذا ما جرى معي تماماً عندما كنت صغيراً، لأنني فقدت الفراغ الذي يطغى على غالب أوقات الأطفال، إذ كُنت مُجبراً على العمل مع والدي رحمه الله في مزرعته الصغيرة، منذ سن السادسة من العمر، واستمر ذلك الحال إلى حين بلوغي سن السادسة عشر.

ويقول "كنت في عودتي من المدرسة، أشرع في عمل واجباتي المدرسية ظهراً، قبل حلول العصر، لأتمكن من الذهاب لمساعدة أبي في المزرعة حتّى حلول المساء، وفن الخط العربي بطبيعته، يحتاج إلى وقت طويل من التمارين المكثّفة والتبصّر فيه، وهذا ما كنتُ أفتقدهُ آنذاك، لذلك، لم يكن لدي المتسع من الوقت، إلا في المدرسة بين الحصص الدراسية لممارسة تلك الهواية".

ويضيف جمعة قائلاً "كنت أسابق الريح بحثاً عن مُدرّس أضع عنده بضاعتي المُزجاة، وقد أتعبني كثيراً قلّة مدرّسي الخط العربي، واستعدادهم للتدريس، ما جعلني أعتمد لسنوات طويلة على الدراسة الذاتية، هذا قبل انتشار عالم الإنترنت، ولكن مع ظهوره، كان الأمر مختلفاً تماماً، حيث يسهل الوصول للدروس المرجوة، ولكن يبقى المُعلم المُباشر هو الوسيلة الأقوى، والأصح، لإيصال أسرار الخط العربي".

طفولة مختلفة

ويبين جمعة بسياق حديثه عن طفولة مغايرة، بقوله "كان عشق الحرف العربي في دمي يسري منذ سن السادسة من العمر، حين تعلمت الحروف الأبجدية، وقراءة قصار السور من القرآن الكريم، وكنت حينها أتعجّب من الخط المطبوع في الكتب المدرسية، وفي القرآن الكريم، إذ إنه لا يشبه الكتابة بالقلم العادي، ما رسم في داخلي الكثير من الاستفهامات، وكنت أتوق لمعرفة السّر في رسم الحروف بالشكل الجميل، كما أراها في الكُتُب".

ويتابع "في المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية، كنت أرى في مزرعة أبي بعض الوريقات الشجرية، والأغصان، والحشائش، وحتى بعض الحشرات، والحيوانات أن في شكلها علاقة وطيدة مع الحرف العربي، ولكن كنت أراها مجرد محض خيالات، إلى أن التقيت ببعض الأساتذة لاحقاً، وأدركت معهم أن الحروف العربية تم نسجها جميعها من الطبيعة، وكذلك الحال في تأسيس الخطوط الكلاسيكية المعروفة، فلم يكن ذلك بالشيء الجديد حينها لدي، ولكنه كان تفنيداً لما كنت أعتقده في نظري، أنهُ مُجرد خيالات وهمية".

Email