دبي.. 31 ليلة فرح

ت + ت - الحجم الطبيعي

تربعت في حضن والدها، والنعاس يغالب جفنيها، تحاول طرده ولكنها لا تنجح، ترفع يدها، ولسانها يلهج بطلب أن يلقي والدها على مسامعها واحدة من قصص أميرات الثلج.

لبرهة صمت والدها، لتشعر هي بأنه لا يعرفها، وليشعر هو بخيبة أمل أصابت صغيرته، فما كانت سوى لحظات، حتى أبحر مع صغيرته في بحر الخيال، متنقلاً وإياها بين الروائع، ناثراً على وجهها قبسات من فرح دبي الممتد على 31 ليلة.

احتضنت الطفلة يد والدها، وتعلقت بين عينيه، لتبحر هي بعالمها مع أول بدء كلماته، إن كان يا مكان.. هناك مدينة يقال لها (دبي) اقتبس اسمها من موضع الخير الوفير، في ربوعها انتشرت روائع الحب والفرح، كان هناك أميرة تبحث عن الابتسامة، طافت الدنيا ولم تجدها، حتى حطت على مداخل المدينة التي يلقبها زوارها بمدينة الذهب، لفت نظرها تلك الصناديق المكومة على جانبي الطريق، بجانب كيس تزين بألوان فاتحة، حاولت جاهدة لأن تعرف ما بداخله، ولكن كان لا بد لها أن تكتشف أولاً ما في الصناديق الصغيرة، راحت تركض بينها، والحيرة قد غطت جبينها، تحاول الإجابة عن سؤال: من أين تبدأ؟

جاءها صوت خفي «أن ابدئي من أصغرها» وقد اكتسى بلون أخضر، فتحته لتجد فيه «واحة الجمال» التي تفتحت دروبها أمامها، لتبدأ أميراتها بيثاني موتا وهيروش اشميان وسندس قطان بنثر نصائح ذهبية على مسمعها، لتستل منها ما يضفي عليها جمالاً فوق جمال.

بين دروب الواحة التي بدت ممراً إجبارياً لها سارت الأميرة طويلاً حتى أعياها التعب، فما كان منها سوى الاستراحة على إحدى مقاعد «التجميل» الوثيرة، لتجد نفسها وسط فراشات انشغلن بوضع بعضاً من الجمال على وجنتيها. لم يكد الوقت يمضي حتى وجدت نفسها مضطرة إلى النهوض لمواصلة رحلتها قبل أن تغفو الشمس.

تساقط الثلج

تركت الأميرة صندوق الجمال لتبحث في آخر تزين بالأزرق، وما إن فتحته حتى وجدت نفسها تتوه في ثنايا «ويندر لاند»، حيث يقع عالم «هيرمس» الفريد، الذي جاء من بلاد أخرى بعيدة يقال لها باريس ولندن، هناك بدأت الأميرة باكتشاف الحس الفني والحرفية العالمية التي يكتنفها عالم «هيرمس»، وعالم الأزياء.

وفي طريق عودتها، وقفت الأميرة أمام مغارة كتب على بابها «فاشن سنترال»، ترددت بداية في دخولها، إلا أنها قررت وبعد تفكير أن تعيش مغامرة اكتشافها، لتقف بذهول أمام مجموعات الأزياء التي تزينت بها جدران المغارة، في وقت انشغلت أروقتها بحركات عارضات يتزلجن على الجليد وهن يرتدين حللاً أنيقة، وقفت طويلاً تتابع حركتهن بشغف، ومن دون أن تدري كم من الوقت مضى على وقفتها، لتفاجأ ببدء تساقط الثلج على الأرض ورأسها، لتطير فرحاً بما يحمله «الشيخ الأبيض» من أمل، لتطرب الأميرة على وقع الأنغام الموسيقية التي كان المكان يضج بها، وتبدأ بالرقص على الجليد وملاحقة الأضواء المتلونة، لتعيد ذكرياتها مع «أميرة الثلج» و«فروزن»، صاحبة أغنية «ليت ات غو» تلك التي فتنتها ورفيقاتها.

ومع انتهاء الثلج، تركت الأميرة مكانها لتعيش تجربة أخرى بأزقة الفهيدي، ومنصتي إعمار ومينا بازار، التي تشهد حركة كثيفة لفراشات احترفن ارتداء حلل وأزياء جديدة. على طرف إحدى المنصات، جلست الأميرة بهدوء تتابع حركة الفراشات وهي تتمايل على إيقاع طبول جاءت من بلاد الهند.

قرية العطور

غادرت الأميرة المكان، لتقودها قدماها نحو وجهة أخرى يقال لها «بوب – اب ماركيت»، حيث يقع سوق العطور، لم تحتج الأميرة إلى وقت طويل لتدرك أنها وصلت إلى «قرية العطور»، فالروائح العطرة كانت كفيلة لأن توصلها إليها، وما إن ولجت القرية حتى تحلقت فراشات كثر حول الأميرة، التي مدت يدها إليهن لتقتبس منهن بعضاً من «روائع العطور». لتمر من بعدها في شارع الذهب، لتأخذ شيئاً منه تزين به جيدها، ومعصميها، فهي التي طالما سمعت بأن دبي مدينة الذهب.

الأميرة قبل أن تغادر كانت على موعد مع الضحك التي رسمته على وجهها عروض «لا دولتشي فيتا» الأكروباتية، والحركات البهلوانية وعروض مسرح الدمى المضحكة، وعروض شابلن المسرحية، لتغادر الأميرة عائدة إلى بيتها وقد حملت بين يديها أكياساً تفيض بروائع الجمال والفرح.

خيوط ذهبية

في الصباح ومع بدء الشمس بغزل خيوطها الذهبية، استيقظت الصغيرة على وقع كلمات والدها، بأن «هيا يا صغيرتي فقد أفاقت الشمس وفتحت عيونها»، لتبدأ هي برواية ما رأته في ليلتها لوالدها الذي اصطحبها في جولة معه في دبي، التي ترجمت أحلامها إلى واقع، فما إن دخلت دبي حتى رأت نماذج الصناديق الكبيرة وقد توزعت على جانبي الطريق، لتدرك الصغيرة أن المدينة التي كان والدها يحدثها عنها هي مدينة حقيقية، ولم تكن بيوتها وشوارعها خيالية، لتعيش الطفلة يوماً حقيقياً بدت فيه أميرة تطير من مكان لآخر كعصفورة، تتنقل بين عجائب دبي التي خلقتها محطات مهرجانها للتسوق، لتعود مع حلول المساء محملة بأكياس تفيض بالهدايا والجوائز.

Email