ربطت علاقات أقوى من الواقعية وأثارت تساؤلات كثيرة
صداقات افتراضية بلوحة إلكترونية
على بُعدِ لوحةِ مفاتيح، ووراء شاشةٍ إلكترونية، يسكن مئات الأشخاص ممن استطاعوا أن يصبحوا أصدقاءك في عالم افتراضي، يشاركونك صفحتك، ويقرؤونك من خلال قراءة كلماتك. وتتواصل معهم بالساعات،
ثقة مطلقة
يثق وضاح حقوق، زائر، بأصدقائه الافتراضيين أكثر من أصدقاء الواقع، ويفضل أن يفتح قلبه للغريب أكثر من القريب، وقال: أقضي ساعات طويلة مع أصدقاء الـ "فيسبوك"، وهذا كفيل بأن يولد بيننا المحبة والتقارب، وأرتاح لوجود أصدقائي الافتراضيين بجانبي، رغم أني لا أعرف أشكالهم، كما أنهم لا يستغلون نقاط ضعفي أو المعلومات التي يعرفونها عني في أذيتي كما يفعل بعض الأقارب.
معاناة حقيقية تعيشها تغريد زياد، ربة منزل، بسبب ابنها المراهق الذي استبدل أصدقاءه الحقيقيين بأصدقاء "فيسبوك"، وقالت: حاولت إقناعه بأن ما يفعله خطأ، ولكن بلا جدوى، وفوجئت في إحدى المرات بأنه يشتكي لأصدقائه الافتراضيين من والده بسبب خلاف حصل بينهما، وشعرت بالخوف بسبب رد أحدهم الذي كان ينصحه بالتمرد على والده والتصدي له بقوة.
صداقة الغرباء
"الصداقة مع الغرباء أفضل في كثير من الأحيان" هكذا بدأ محمد علاء الدين فؤاد، مهندس بشركة بترول وزائر من العراق، حديثه، مشيرا إلى أن الصداقات الافتراضية تمنح الشخص الكثير، وقال: أشعر في أحيان كثيرة بأن العلاقة مع الغرباء أفضل من العلاقة مع المعارف، إذ يمكن للشخص أن "يفضفض" دون أن يستغل الطرف الثاني ذلك ضده كما يفعل المقربون. واستنكر ناصر الزرعوني، مدير بنك المشرق بدبي، استخدام "فيسبوك" للتحدث في الخصوصيات، فهو موقع للتواصل ومشاركة الآراء الواعية والعقلانية.
وأكد الزرعوني أنه يضيف الأصدقاء من الجنسين والذين تجمعه بهم معرفة سابقة، كزملاء الدراسة أو العمل.
سلاح ذو حدين
فيما تحدث د. سيف أحمد سالم درويش، أخصائي طب المجتمع والصحة المهنية، عن الصداقات الافتراضية، فقال: وفرت التكنولوجيا وسائل كثيرة، وهي سلاح ذو حدين. وأضاف: لدي تحفظ على العلاقات التي تنشأ عن طريق الانترنت، وأرى أنها تفتقد المصداقية، وأي علاقة كانت سواء داخل أو خارج الانترنت مغلفة بالكتمان فهي خيانة زوجية. وأشار د.سيف إلى أن اكتفاء بعض الأشخاص بالأصدقاء الافتراضيين ومنحهم الثقة الكبيرة، يدل على وجود مشكلة حقيقية لديهم، مؤكدا أنهم لا يرون إلا ما يريد الصديق الافتراضي أن يريهم إياه، والكثير من هؤلاء محترفون بالتصنع والكذب.
"العلاقات الافتراضية مبهمة وغير حقيقية" هذا ما أكدته ناعمة خلفان الشامسي، مستشارة نفسية وأسرية وزوجية، مشيرة إلى أنه من المستحيل أن تحل الصداقات الافتراضية محل الصداقات الواقعية، وقالت: مشكلات هذه العلاقات كثيرة، كما أن قضاء أوقات طويلة مع الأصدقاء المجهولين يسبب للمراهقين عزلة عن عائلاتهم وأصدقائهم الحقيقيين.
حدود شرعية
الدكتورة أسماء أحمد العويس، أستاذ مشارك في الفقه الإسلامي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، قالت إن الإسلام وضع حدودا للتعامل بين الرجل والمرأة، وقالت: إما أن يكون الرجل من محارم المرأة، أو يكون التعامل بينهما في الحدود المقبولة.
وأكملت: الإسلام لا يقر علاقة بين الجنسين ولو كانت كلامية عبر الانترنت، لأنها ستتطور تدريجيا إلى ما لا يحمد عقباه، وإذا كانت هناك ضرورة للحديث بين الجنسين للمشاركة في حل قضايا مهمة، فالأفضل أن يكون ضمن مجموعات ذات فكر ووعي، ومعروفة بالصلاح والتقى، ويجب تجنب الخلوة في الحديث، حتى وإن كانت الموضوعات التي يناقشها الرجل والمرأة عامة، لأن ذلك يدخل في باب سد الذرائع.
