شاعر الوطن علي الخوار لـ« البيان»:

الفكرة المبتكرة.. استدامة شعر المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحمل الشاعر الإماراتي علي الخوار صورة مضيئة للإبداع الإنساني للنموذج الإماراتي الملهم وطنياً، في ظل مسيرة ممتدة متجددة روت فطرته في الشعر، وساعدته في الاستمرار على كتابته بكل ما فيه، تجولت قصائده في متون الحياة، وتبنت صوراً مغايرة لما هو مألوف في الشعر من خلال استلهام الواقع لاستشراف المستقبل بتطلعاته ورؤاه ونظرته العميقة إلى الماضي والحاضر، ليقول تحت عنوان: «الصورة/‏‏‏ الفكرة الشعرية المبتكرة» هي طريق استدامة شعر المستقبل سواء كان فصيحاً أو شعبياً.

يصفه كثير من الشعراء بالمتجدد. يرتبط اسمه محلياً وعربياً بألقاب عدة، كشاعر الوطن، شاعر الأغنية الإماراتية، وأيضاً شاعر المستقبل. ويعد أحد الشعراء الذين شكلوا حضوراً موسعاً عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل النشر المطبوعة والرقمية كذلك. عرف الكثير من الناس قصائده مغناة بأصوات فنانين كثر أمثال: عبد المجيد عبدالله، وميحد حمد، وراشد الماجد، وحسين الجسمي، وأحلام وغيرهم.

في حوار خاص لـ«البيان» اختزل الخوار بعضاً من أفكاره بكلمات مختصرة:

مشاريعي المستقبلية في اقتناص الفرص

الشاعر لا يُصنع

تكلفة مشروع العمل الوطني باهظة

الساحة الشعرية الإماراتية ولاّدة

الشعر الجيد له معنى واحد

في التفاصيل:

01 من هو علي الخوار؟ شاعر مرّ خلال مسيرته الشعرية بمحطات كثيرة، وشهد رحلة أدبية وفنية ذات شجون، بدأت بمحاولات شعرية في سن 16 عاماً متمثلة في صفحات الشعر الشعبي بصحيفة «البيان» من ثمانينات القرن الماضي تحت إعداد الشاعر الكبير حمد خليفة بوشهاب -رحمه الله- التي قال عنها في أحد لقاءاته: «البيان» شهدت ولادتي كشاعر، لدرجة أني عندما نشرت لي أول قصيدة في الملحق الشعري معنونة باسمي وبشكل بارز على متن الصفحة، كنت أقفز فرحاً لدرجة رغبتي في شراء كل نسخ الصحيفة، وأن أشرف بنفسي على توزيعها لأضمن أن يقرأها جميع القراء».

02 قارض الشعر: أنا عاشق مولع بالشعر وبالتحديد الشعر الغنائي، الذي أعدّه أحد أجمل وأصعب الأجناس الإبداعية، وأجدني ضعيفاً جداً لحظة تنبثق في ذهني فكرة شعرية جديدة تومئ لي، فأسير خلفها، أتابع خطوها وأعيش كتابتها لحظة بلحظة ومشهداً بمشهد، ودائماً يعقب ذلك متعة خاصة قلما أستشعرها أثناء كتابة الشعر.

فقد بدأت كتابة الشعر قبل ما يزيد على 30 سنة، وقتها كنتُ على علاقة بالقراءة والكتابة ووعي يختلف عما عليه أنا الآن. والعالم يتغير في كل لحظة، وفرق شائع بين عالم أمس وعالم الثورة الرقمية، لذا أكتب القصيدة اليوم بصيغة وشكل ووعي وفهم مختلف وبما يتناسب ونبض اللحظة الآنية، وأستبق أحياناً بعض الرؤى المستقبلية ما يواكب الوعي الذي أنتهجه، منها قصيدتي في التسامح التي أطلقتها أكتوبر من العام الماضي.

03 المسرح الغنائي: هل للمسرح بشكل عام أكاديمية؟ لا أعلم، ولكن ما أعلمه لم أكن بعيداً يوماً عن الكتابة للمسرح الغنائي، وإن كان يتضح أكثر في المناسبات والفعاليات الوطنية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر كتبت أوبريت مسرحي غنائي «القايد المفنود» و«نهج زايد» و«خليفة بلغات العالم» و«هذي بلادكم» و«فخرك يا وطن»، وأشرفت على التنفيذ والتسجيل إلى جانب كتابة كلمات وأشعار أوبريت «وطني الأغلى» نظمته مراكز أطفال الشارقة بالتعاون مع المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وهناك عدد كبير من الأعمال الفنية في هذا المجال حتى في كتابة أشعار للعروض المسرحية.

ولكن لا تزال تجربة هذا النوع من الفن بوجه خاص وللمسرح عموماً قليلة، ولا تكاد تتجاوز محاولات مبكرة، وربما توقفت عند مسرح الرحابنة في لبنان. هو الأمر الذي يتطلب الاقتراب من متطلبات المسرح أكثر على وجه العموم، فمعظم النماذج الشعرية لم تكتب للمسرح ولا تتضمن عناصر مسرحية أو درامية بأصوات متعددة يمكن تمثيلها وعرضها، ما يتطلب شعر جديد يقترب من روح المسرح وروح السرد.

04 دعم للفنون: هنا لا أشير عن عدم وجود معهد للموسيقى خاص أو حكومي كان، وإنما أتساءل عن عدم وجود معهد للفنون الجميلة يختزل أو يدمج كل مصادر الإبداع الوطنية ابتداء من توفير استديوهات مجهزة، وكتابة نصوص شعرية، ومن ثم تأليف المقطوعات الموسيقية، والأداء الغنائي، انتهاء بعمل لوحات غنائية واستعراضات مسرحية ترتبط بعمل متكامل تتناسب مع فعاليات ومناسبات الدولة المختلفة، تحت ختم عنوانه «صناعة فنية بختم إماراتي».

05 بين الأمس واليوم: الإمارات اليوم تشهد نقلة نوعية وكبيرة في المجالات كافة، ويعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية إلى جانب احتكاكنا بثقافات أخرى، الأمر الذي ساهم في تغير المفردة في اللهجة المحلية التي تطورت كثيراً، وصارت مختلفة عن تلك التي كانت تقال من زمن الأجداد وصولاً إلى الجيل الحالي.

لذا فإن «الصورة/‏‏‏ الفكرة الشعرية المبتكرة» هي طريق استدامة شعر المستقبل سواء كان فصيحاً أو شعبياً. وأود الإشارة في سياق ذلك، أن الذي يتابع الساحة يجد أن الانفتاح أسهم في تقارب اللهجات والمفردات، فتلاحظ أن شعراء الخليج جميعهم اتفقوا دون تخطيط على بناء قصيدة خليجية، تكون قريبة للفصحى تميزها بعض المفردات الخاصة بكل دولة عن أخرى.

06 حوار الأجيال: لا يوجد منهج خاص أو لغة أو ملامح خاصة لأحد بعينه، والشعر في أوج حريته وطيرانه وتلاحمه مع الآخر على حدود اللغة وامتدادها، والتواصل الموجود خلق لغة عامة تصل العموم. كما أن الحقب الزمنية لا تمنح جيلاً بعينه ميزة، فقد يظهر شاعر ملفت يخترق زمن الكتابة أفقياً وعمودياً ذاهباً إلى جميع الأبعاد، وواجبنا نحن الإصغاء له والاستماع لما يقول، أنا مقتنع بصورة كاملة، هناك شباب رائعون وقد أخذت بيد العديد منهم لتجاوز الأخطاء التي استفدت منها أنا بعد عام بظرف شهر واحد فقط. لذا يجب أن نتعلم منهم لإثراء تجربتنا ورؤيتنا، ففي تأريخ الإبداعية الإنسانية هناك منجز وتراكم ومناخ تتحاور فيه الأجيال، ليتحول الكم الثقافي إلى كيف معرفي خلاق. وهذا نستمده من رؤية دولتنا في التلاقي والتحاور مع الأجيال والثقافات المختلفة.

07 مواكبة التطور: أنا حالي حال الآخرين من إخواني الشعراء، ولكن اختلافي ينعكس في البحث عن الأفكار الجديدة، فالاستمرارية هي في تجسيد روح الشباب بالشعر، لذا هذا ما اعتمده كخطوة للاندفاع نحو المستقبل، فلا توجد لدي خطة أو استراتيجية معينة لكن الشاعر المتأني هو الذي يخلق منهجه الملائم للنص المدروس، غير أني دائم التجدد فيما أقدمه من أعمال شعرية تواكب التطور الفكري الحاصل، وخصوصاً وأن الشعر بحر لا ينضب عطاؤه، والناس أيضاً تحب اللوحات الواقعية والمتجددة دائماً.

08 دعم حكومي: الفن واجهة ومرآة تعكس الوجه الفني والحضاري للدولة كالرياضة، لذا لا بد من دعم حكومي للفن كحال الرياضة ابتداءً من دعمه في وجود منشآت رياضية وأكاديميات واتحادات رياضية وميزانيات ثابتة. فحكومتنا الرشيدة تقدم الدعم الدائم للثقافة والفن عموماً، إلا أن واقع الفن لا يزال يعتمد على اجتهادات شخصية عبر استديوهات وقنوات خاصة من الأفراد العاملين في هذا المجال أنفسهم، تستند في آلية عملها على الإقبال ونشاط الأعمال القائم، ولكن في حال ما توقفت ماذا سيحدث بعدها؟ وهذا بطبيعة الحال ما حدث مع أشخاص أعدهم قلة كانت لهم جهود جبارة في تطور الفن الإماراتي خليجياً وإقليمياً.

09 مرجعية أدبية: أتساءل عن السبب في عدم وجود مقر أو جمعية للفن الإماراتي لتكون الوجهة المرجعية للفنانين تطالب بحقوقهم وتدافع عنهم وتنظم مهنتهم، ولدعم المواهب الشابة بجميع توجهاتها وفئاتها وذلك إيماناً من هذه الفئة بضرورة تحديث الفن بكل أشكاله لمواكبة العصر والتطورات، ولا أستطيع أن أجزم، فلربما أيضاً بسبب عدم وجود محاولات أو اتفاق من المختصين أنفسهم للمطالبة في وجودها.

10 لا للمخدرات: بالطبع نحتاج إلى هذه التجارب التنموية التي تضمن في بنيتها كافة أفراد المجتمع. فالحملة الوطنية لمكافحة المخدرات والتي أطلقها أخيراً معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، وتمت الاستعانة خلالها بالفنانين والشعراء والمثقفين والإعلاميين والرياضيين، لم تكن الأولى بل انطلقت قبل 20 عاماً، ساهمت وقتها مع الزملاء المشاركين بالحملة في إنتاج أعمال شعرية تغنى فيها عدد من الفنانين، أمثال: محمد المازم، وجابر جاسم.

11 كلمة أخيرة: باعتقادي أن القصيدة العامية تطورت خلال العقود الماضية بسبب تطور وعي الشعراء نتيجة لتعدد نوافذ الإبداع التي وفرتها وسائل الاتصال الرقمية الحديثة، والساحة الشعرية ما زالت ولّادة بالشعراء المميزين والشعر الجميل، لذا من المفترض على الشاعر أن يطرح قصائده بشكل يصل إلى المتلقي سواء استخدم لغة نخبوية أو لغة عامية، كون الشعر رسالة يجب أن تصل إلى المجتمع سواء كانت اجتماعية أو غيرها.

Email