عبدالله بلحيف النعيمي لـ« البيان »:

الوطن عشقي الأزلي وجوهر قصيدتي الدائم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي الدكتور المهندس عبدالله بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية في حواره مع «البيان» بمناسبة توقيع إصداره الشعري الأول «زئير في جزيرة العرب»، في معرض أبوظبي الدولي للكتاب اليوم، بأنه استلهم عنوان كتابه من قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «أسود الجزيرة».

والتي كانت تتراءى له أمام أخبار استشهاد أبنائنا في اليمن، وحينما أدى واجب العزاء لأهالي الشهداء، فكان زئير تلك الأسود في القصائد الوطنية في الديوان. وشدد معاليه أيضاً، على أنه عاشق لوطنه الإمارات حتى النخاع، وقصيدته وأعماله، دائماً، محورها وجوهرها حب الوطن.

شعر وهندسة

معالي عبدالله بلحيف النعيمي، كيف يحب أن يعبر عن نفسه في هذا الحوار، الشاعر أو المهندس أو الوزير؟

أنا عبدالله بلحيف، بقليل من الشعر وكثير من الهندسة، وأكثر من ذلك عاشق للإمارات وقادتها وأهلها، وهي التي تعطي لكل مجتهد القدرة على التعبير.

وما لدي من مخزون باللغة العربية جعلني محباً للشعر، متابعاً للأدب، فجاءت بعض الأشياء منذ طفولتي أحاول اليوم أن أعبر فيها عن عبدالله بلحيف القادر على قرض الشعر ونظمه، لكني أحب مهنتي بشكل كبير فأنا مهندس بالمهنة، وهي الصنعة التي أراهن عليها مستقبلاً.

كيف ترجمتم هذا العشق للإمارات في الشعر والهندسة؟

في الهندسة أخدم الإمارات منذ ما يقارب الأربعين عاماً، ولدي من المشاريع التي أتابعها، إضافة إلى تكليف القيادة الرشيدة بأن اهتم بإسكان المواطنين وتوفير المسكن لهم، عدا عن الاهتمام بالطرق والمواصلات، فاليوم نجد دولة الإمارات وقد تبوأت وللسنة الرابعة على التوالي جودة الطرق على مستوى العالم، وهو ما يهمنا بأن تكون سمعة الإمارات في كل مكان برّاقة ومشعة في هذا الجانب.

فالإمارات هي العشق الذي ترجمته في عدة قصائد مثل «عشق الإمارات» و«درة الزمان»، وهو عشق لهذا الوطن وأهله وقادته ولمؤسسه وبانيه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

نداء الوطن

ما سبب اختياركم لهذا العنوان «زئير في جزيرة العرب»؟

السبب هو قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «أسود الجزيرة»، والتي جاءت تعبيراً عن ابن الإمارات في محافل القتال، وعن ابن الإمارات المحب للسلام، المحافظ على الأمن، الحريص على الجار، الملبي لنداء الوطن في الحرب والسلم.

وعندما أردت أن أقدم عملاً أدبياً كان العنوان ردة فعل واستجابة للأسود التي تزأر في جبهات القتال، وكان لابد أن يخلد هذا الزئير.

كيف يرى الشاعر عبدالله بلحيف ساحة الأدب والشعر في الإمارات؟

للأسف أنا مقل في معرفة الشعر والشعراء، بحكم طبيعة عملي، لكن بلا شك يصلني الكثير مما ينشر على الساحة في الأدب والشعر، فلدينا الكثير من الشعراء والأدباء والكتّاب المبدعين، فالإمارات ولادة في الشعر والأدب والقتال والشهداء، فما زرعه زايد جعل منها دولة فتية ورائدة.

كيف هو أثر البيئة التي ولدت فيها - منطقة الحيرة في إمارة الشارقة - في بناء شخصيتك الشعرية؟

بلا شك، يعد المنبت مهماً وضرورياً في التأثير وبناء الشخصية، والشارقة قد تكون المنارة الحقيقية للمعارف والأدب والفكر، ليس على مستوى الدولة فحسب، بل الوطن العربي، وبوجود «شارقي» كصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وهو الثروة الحقيقية للأدباء في المنطقة والوطن العربي، فليس من المستغرب أن تجد هذه النماذج أمامك، وحاكم الإمارة الدكتور والفيلسوف والمؤلف وهو يجد وقتاً ليلتقي بالشاعر والمسرحي الذي صنع المسرح للناس، هذا النموذج لا تستطيع أن تخرج من تأثيره اليوم، فالشارقة تجمع الشعراء ومنطقة الحيرة كانت الرافد الحقيقي للمعارف.

حيث وجدت أول مكتبة في الإمارات في هذه المنطقة قبل 1971، هذا النفح يعطيك القدرة على تذوق الشعر، فالمنبت بلا شك مؤثر على كل عطاء.

مَنْ من الشعراء القدامى التقيت بهم؟

غربتي للدراسة منذ سنة 1976 لنيل درجة البكالوريوس منعتني من فرصة الالتقاء بالشعراء، إلا أنني أتذكر أني التقيت بشاعر الإمارات الكبير راشد الخضر في مسكنه في منطقة المريجة، وسنحت لي الفرصة أن أسمع منه كان ذلك في بداية الثمانينات.

ومازال ذلك اللقاء حاضراً أمام عيني وكل ما دار بيننا من حديث وما أسمعني من قصائد، لدي صداقات مع مجموعة مختارة من الأدباء وشعراء المنطقة، أقربهم فقدته السنة الماضية ناصر بن جبران، وهناك إبراهيم الهاشمي، وأستمع أيضاً لعارف الخاجة، ولي تواصل مع حمود البغيلي والذي أعتبره أحد أفضل شعراء الخليج، إضافة إلى علاقات جيدة تربطني بشعراء آخرين.

ما أثر الغربة في تكوين شخصيتك؟

غربتي كانت لأجل الدراسة، لكنها أثرت في صناعة شخصيتي، ومدى قبولي للآخرين، وقبولي للتنوع والاختلاف والمنطق، ربما لحكم أني مهندس وأفقه في الرياضيات، أما ما علمني الشعر - لأكون صادقاً - هو القراءة، فقد قرأت للكثير من الأدباء والكتاب لا يفارقني.

ما الذي دفعك لإصدار الديوان؟

السبب يعود لعام 2015، والتي كانت بالنسبة لي مفترقاً حقيقياً، وهو ارتباطي بابني سيف آخر العنقود، وهو الأقرب لي بمفهوم الصداقة، وارتبط بي وارتبطت به كثيراً نذهب لـ«العزبة» معاً، يسمع قصائدي وأستمع له، واعتدت منذ أن كان صغيراً أن يبدأ يومي معه بعد صلاة الفجر.

حيث كنت حريصاً على اصطحابه يومياً للمدرسة مهما كانت ارتباطاتي، وقد حان وقت أن يغادر للدراسة في الخارج أسوة بإخوته، وأثر ذلك في نفسي كثيراً كان ذلك في عام أغسطس عام 2015، إذ كيف استيقظ في صباح اليوم التالي وهو غير موجود، فكتبت قصيدة وصية ونشرتها، وليس ذلك من عادتي أن أنشر ما أكتب.

وفي شهر سبتمبر من نفس السنة كانت الفاجعة حينما فقدنا أربعين من أبنائنا وإخواننا في اليمن، فقلت منذ شهر سافر ابني للدراسة لكنه سيعود بإذن الله سأراه وسأحدثه، كان وقع الفاجعة كبيراً فكتبت قصيدة في الشهداء أحرص على إلقائها في المناسبات الوطنية، ووصلت هذه القصيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي عرفت بعدها أنه يهوى هذا النوع من القصائد.

وأذكر أنه في «برزة» جمعتني مع الوزراء وعدد من الزملاء تكلم عني وقال بأني «شاعر البلاد»، وكان هذا تشجيعاً وحافزاً لي لكي أكتب وأنشر وأوثق القصائد في الديوان، إضافة إلى زملائي في العمل الذين دائماً ما كانوا يشجعوني لتوثيق القصائد في ديوان، فكانت لفتة سموه نقلة جعلتني أقتنع بكلام زملائي ليرى الديوان النور، واللقب شهادة أعتز بها.

جمع الديون قصائد فصيحة وأخرى نبطية، أيهما أقرب بالنسبة لكم؟

أحب الفصيح، فالقصيدة النبطية متعبة وأجتهد في كتابتها، أما الفصيحة فمفرداتها اللغوية أسهل، ومعاني كلماتها تجدها في القواميس، ومن خلال القصيدة الفصيحة أسعى للوصول للمستمع أو القارئ في مختلف البلدان.

موروث لغوي

استخدام المصطلحات المحلية في القصائد ألا يحافظ على الموروث اللغوي، ويعرف به الأجيال؟

بلا شك، وهو مهم بشكل كبير وهناك من الشعراء من هم أكثر مني قدرة في هذا الأمر، هدفي هو الوصول للقارئ والمستمع خارج حدود الوطن، فما يهمني أن يعرف الآخرون ما أرغب في قوله وهو هذا الحب الكبير الذي يكنه شعب الإمارات للإمارات وقادتها.

تتنوع أغراض الشعر في ديوانك، بين الوطني والإنساني والغزل، أيهما الأقرب لك؟

رغم محاولاتي للكتابة بعيداً عن الوطن إلا أني لا أستطيع، فقد أكتب قصيدة تبدأ غزلاً لكن تأتي أفكاري في نهايتها لتختم القصيدة بحب الإمارات.

طقوس لحظة كتابة القصيدة عند معاليكم كيف تصفها؟

لو طلبت مني الآن كتابة بيت شعر لن أتمكن من ذلك، عندي حديقة في منزلي المتواضع، أكتب بعد صلاة الفجر حيث يبدأ يومي، فتمر العصافير والنحل وطائر الهدهد، لذا يضم ديواني العديد من القصائد التي كتبتها في طائر الهدهد، حيث يأتيني الإلهام الحقيقي عند الشروق، أما غرض القصيدة فيفرضه الموقف والحالة أيضاً.

80

يضم الديوان الشعري الأول لمعالي الدكتور المهندس عبدالله بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية، الصادر عن دار ملهمون للنشر والتوزيع، 80 قصيدة، فصيحة ونبطية، وتتنوع مضامينها وأغراضها الشعرية بين الوطني والإنساني والوجداني والغزلي، حيث استهل الديوان بمواقف دونها. ويستهل الديوان بالحديث عن حياته ومراحل دراسته وغربته والتجارب التي مر بها. وتعكس القصائد حب معاليه العميق لدولة الإمارات وحكامها وأهلها.

زوجتي مريم مصدر إلهامي

تحدث معالي الوزير خلال اللقاء عن زوجته وأم أبنائه مريم التي يعتبرها الإلهام الحقيقي، فهي بالنسبة له الطمأنينة والأمن والاستقرار، وكان لها الدور الأكبر منذ البداية.

ولا ينسى تلك اللحظة التي رزق فيها بمولوده الأول، حين طلب منها التفرغ لتربية الأبناء، فلبت رغبته من دون نقاش، وهي المحبة لعملها في المحاسبة، في وقت كان هو - حسب قوله - موظفاً بسيطاً، لكن ما كان يهمه في تلك اللحظة تربية الأبناء، فابنته الكبرى الآن تحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة من جامعة MIt، وهي إحدى أفضل الجامعات في العالم.

بينما ابنتاه الأخريان تخرجتا في كلية لندن في مجال الهندسة أيضاً، وفضل ابنه محمد دراسة المال والأعمال، فهو الذي يدير أعمال وشؤون والده، بينما يدرس سيف في الولايات المتحدة الأميركية، وسبب نجاحهم وتفوقهم بعد الله سبحانه وتعالى هو والدتهم التي تفرغت لتربيتهم، فهي الدافع الحقيقي له ولأبنائه،.

وإن كان لأحد الفضل بعد الله في أن أكون وزيراً فهي مريم، هناك من يجتهد لأجلك وهناك من يجتهد معك وهي مريم، وآخر قصائد نشرت في الديوان كتبت لها، وهي تحتاج ديواناً وليس مجرد قصيدة.

 

Email