نائب رئيس علماء ناسا غيل آلن لـ«البيان »:

نجاح أعظم مهمة فضائية مرهون بـ«مسبار الأمل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت د. غيل آلن، نائب رئيس علماء في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا» لـ«البيان» أن نجاح أعظم مهمة بشرية أميركية فضائية خلال العامين 2038 ــ 2039، مرهونة بنجاح الإمارات بالوصول إلى المريخ، لاسيما وإن الرحلة ستعتمد بشكل رئيسي على بيانات مسبار الأمل الإماراتي، الذي سيبحث عن العلاقات بين مناخ المريخ الحالي.

وما كان عليه في الزمن الماضي البعيد قبل تلاشي غلافه الجوي، وسيدرس كيفية تفاعل الطبقة العليا والطبقة السفلى من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، وسيُقدّم أول صورة شاملة وكاملة للغلاف الجوي المريخي على مدار العام.

د. غيل آلن، مستشارة في مسائل البحث العلمي ومجالات الحياة والجاذبية، بدأت مشوارها المهني في مركز «كيندي» للفضاء رئيساً لفرع الكيمياء، ثم شغلت منصب نائب بحوث النظم البشرية ونظم الاستكشاف ومدير التكامل الاستراتيجي، قبل أن تصل إلى منصبها الحالي وهو نائب رئيس هيئة علماء الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا»، وخصت «البيان» أمس بهذا الحوار خلال زيارتها مؤخراً إلى دبي.

هل هذه زيارتك الأولى إلى دبي؟

نعم، إنها زيارتي الأولى، وقد أذهلتني هذه المدنية، فحداثتها آسرة كما إنها عصرية ومتقدمة تكنولوجياً.

ما أكثر معالم الإمارة أثار إعجابك؟

برج خليفة بلا شك، فواجهته الضوئية وعروض الليزر والنوافير الراقصة والموسيقى، كل ذلك يعزز المتعة السعادة، ولكنني متشوقة لزيارة أكواريوم دبي مول، فقد سمعت الكثير عنه.

كيف تقيّمين دخول الإمارات السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي؟

إنشاء وكالة فضاء إماراتية يعكس نمو الإمارات السريع وضخامة طموحاتها وجديتها في تقديم إسهامات علمية ومعرفية جديدة للبشرية، إضافة إلى أن حرصها على دخول مجال الفضاء بتكنولوجيا متطورة، يعزز مكانتها العالمية ويبرز عمق وشمولية رؤاها.

مسبار الأمل

ما رأيك بمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عبر مسبار الأمل؟ وما مدى احتمالات نجاحه؟

المشروع الإماراتي فرصة تاريخية لدعم الاقتصاد المستدام المبني على المعرفة وتطوير جودة الحياة، لاسيما وأن التطبيقات الفضائية تدخل في مختلف نواحي الحياة اليومية، وكثير من الدول تتنافس على تنفيذ برامج فضائية وبناء مؤسسات متخصصة ورصد ميزانيات ضخمة، أما بالنسبة لاحتمالات النجاح، فلابد من الوعي بأن استكشاف المريخ عبر مسبار الأمل مهمة صعبة ومكلفة وشاقة للغاية.

ما الدعم الذي تقدمه «ناسا» لدفع هذه الرحلة قدماً؟

إننا نقدم دعماً كبيراً، كما أننا ملتزمون بإنجاح مسبار الأمل بما يحقق المنفعة للبشرية، ويساعد «ناسا» على تحقيق مهمة بشرية نوعية وتاريخية مستقبلاً.

هدف مستقبلي

حدثينا عن تفاصيل هذه المهمة..

هدف «ناسا» المستقبلي تسجيل أول هبوط للإنسان على سطح المريخ، وذلك سيتحقق على مرحلتين، الأولى عام 2032، والثانية بين عامي 2038-2039.

حيث سيتم إرسال إنسان آلي ومركبات فضائية أولاً، ثم سنعمل على بناء محطة على سطح القمر، وذلك بلا شك سيستغرق سنوات واستخدام تكنولوجيا عالية التطور، لاسيما وإن العودة من الفضاء إلى الأرض تستغرق 6 أشهر وهذا يتطلب احتياطات نوعية تحسباً لأي كوارث.

من المخطط أن يصل مسبار الأمل الإماراتي إلى المريخ بحلول عام 2021، فكيف سيساعد ذلك «ناسا» على تحقيق مهمتها الفضائية الاستثنائية؟

مهمة مسبار الأمل تكمل مهمة «ناسا»، فمسبار الأمل سيتواجد في مدار المريخ ويجمع البيانات التي ستعتمد عليها «ناسا» بشكل كبير لتنفيذ مهمة بشرية تاريخية.

مسبار الأمل أول مشروع عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، برأيك هل سيساهم هذا الإنجاز في تغيير نظرة الغرب السلبية عن العرب والمسلمين؟

من وجهة نظر علمية، لم يكن الأمر إطلاقاً على هذا النحو، لأنه لطالما كان لدينا شركاء وعلاقات تعاون طموحة، أما من وجهة نظر سياسية فالإيجابية أن نسمع عن وجود علاقات تعاون وتفاهم بين الولايات المتحدة والإمارات.

مهام وانشغالات

تشغلين منصباً وظيفياً حساساً ومتقدماً، وتقع على عاتقك كثير من المهام وتتخذين قرارات حاسمة وهامة.. سيدة مثلك كيف تبدأ يومها؟

أستيقظ يومياً في تمام الساعة الرابعة والنصف فجراً لممارسة الرياضة وتمارين اللياقة البدنية، فذلك يساعدني على تصفية ذهني والتحرر من كل ما يشوشني ويشتت تركيزي، لاسيما وإنني أقضي يومياً 11 ساعة في العمل.

ألا يراودك الشعور بالملل والرغبة بالانسحاب من عالم الوظيفة؟

لا، إطلاقاً، ربما لأنني حققت معادلة التوازن الصعبة بين عملي وحياتي الشخصية، حيث أعتني بكلبي الصغير، ولدي أنشطة اجتماعية الطابع، تتجسد في إدارتي لمنظمة دولية تُعنى بمحاربة العنف ضد المرأة وتسعى إلى تمكين النساء في مجالات الحياة المختلفة من خلال تقديم كثير من الخدمات

هل لعب الرجل دوراً في دعم نجاحك وتميزك؟

بالطبع، ولولاه لما كنت قادرة على الاستمرار في مجال تقني يصعب على كثير من النساء التواجد به أساساً، وهنا يسرني أن أذكر موجهي الباحث د. أبشرش، الذي كان محفزاً ومشجعاً ومرشداً إيجابياً وصاحب بصمة في حياتي.

الثقة بالنفس

كيف تتعاملين مع ضغط العمل وكيف تتخلصين من طاقتك السلبية؟

لا أحد يستطيع الهرب من الضغوطات، وأنا محظوظة بتواجدي ضمن فريق عمل يساعد أعضاؤه بعضهما بعضاً لتجاوز التحديات والآثار النفسية للضغوط ومنع الطاقة السلبية من التغلغل في الروح والفكر.

ما التحديات التي واجهتك خلال مسيرتك المهنية؟

بناء الثقة بالنفس، عملية صعبة للغاية، لاسيما وإنني كنت أسأل نفسي دائماً عما إذا كانت لدي المقدرة على العطاء والإنجاز في مجال قلما نجد فيه النساء.

كيف تجاوزت هذا التحدي؟

في كل مرة كنت أتردد فيها حول مقدرتي على أداء أمر معين، كنت ألقي نظرة سريعة إلى إنجازاتي السابقة، وأقول لنفسي «من حققت كل تلك الإنجازات لن يصعب عليها تحقيق إنجاز جديد».

يبدو أنك تميلين نحو القاعدة الحياتية «شجع نفسك بنفسك»، أليس كذلك؟

نعم، فعلى الإنسان أن يفعل ذلك دائماً لأنه لن يجد من يشجعه بسهولة، كما عليه التركيز على بناء شبكة علاقات جيدة.

حسب إحدى الدراسات العالمية، فإن 10% فقط من الجامعات الأوروبية يتم تشغليها من قبل نساء، حتى في النرويج بلد المساواة، فإن الرجل مفضل أكثر من المرأة لشغل المناصب القيادية العليا، برأيك ما الذي يمنع المرأة من الوصول إلى مناصب عليا؟

سمعت بذلك، وهذه حقيقة للأسف، وباعتقادي تقف كثير من الأسباب خلف قلة نسب النساء عالمياً في المراكز الوظيفية العليا ومراكز اتخاذ القرار.

ومن بينها تلك الأسباب عوائق هيكلية تتمثل في قلة الوعي بأهمية التأهيل والطرائق الصحيحة له، لاسيما وإن تأهيل المرأة وتمكينها لا يكون بإنزالها بـ«الباراشوت» على منصب قيادي، بل بدعمها في عملية التدرج الوظيفي، بما يضمن إكسابها المهارات اللازمة لكل مرحلة، وإلمامها بمتطلبات التطوير ورفع الإنتاج وتحسين الجودة.

ما هو السبب برأيك؟

المسألة لا تتعلق برأيي بعدم رغبة المرأة بالتواجد في المراكز المتقدمة، بل بمدى مقدرة المرأة على شغل وظائف عليا، والظروف الاجتماعية التي تحيط بكل امرأة، وهناك حقيقة راسخة أيضاً لا يمكن غض النظر عنها لأنها تؤثر سلباً في تقدم المرأة وظيفياً ومهنياً، وهي تتجسد في كون المرأة عدوة المرأة وعدوة نفسها.

وتابعت: أخبرني رئيسي في العمل ذات مرة، أنه أجرى مقابلة توظيف لامرأة ورجل، وخلال المقابلة تحدثت المرأة عن جميع الأسباب التي تجعلها غير مناسبة للوظيفة، في حين أحسن الرجل استعراض مهاراته وخبراته، وبناء على ذلك فقد تم تفضيله على المرأة ومنحها الوظيفة.

كم نسبة النساء العاملات في وكالة في «ناسا»؟

يعمل في «ناسا» 18 ألف موظف، من بينهم 11 ألفاً من العلماء الذكور، وعموماً يشكل الذكور ما نسبته 67% في «ناسا» مقابل 23% إناثاً، وهذا ما نعمل على تطويره حالياً.

مظلة حكومية

هل كنت تتمنين فوز هيلاري كيلنتون في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

(ضاحكة) أعمل تحت مظلة الحكومة الأميركية.

أمضيت حياتك بين المختبرات الكيميائية والكتب، وحصلت على العديد من الميداليات وجوائز الأداء المتميز، وثابرت لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه، وفي ظل نمط حياتك العملي والجاد، فإن هذا يدفعني للسؤال عن الوقت الذي تخصصينه للتسوق والعناية بجمالك كأي امرأة عادية؟

(مبتسمة) أخصص وقتاً للعناية بجمالي وتحديداً أظافري، وسأحرص على التسوق في دبي.

ما هواياتك؟

ممارسة رياضة «الهايكنغ» أو المشي بين الجبال، فهي تساعدني على التأمل والاستفادة من مصادر الوحي الطبيعية، كما أنني أحب السفر كثيراً.

حقائق حول مسبار الأمل

Ⅶيرسل المسبار لكوكب الأرض أكثر من 1000 غيغا بايت من البيانات الجديدة المتعلقة بكوكب المريخ.

Ⅶأكثر من 75 مواطناً إماراتياً ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ سيصل عددهم إلى 150 مهندساً وباحثاً قبل 2020.

Ⅶمساهمة أكثر من 200 مختص من المؤسسات العلمية الشريكة داخل وخارج الدولة.

Ⅶمشروع مسبار الأمل أول مرصد جوي مريخي حقيقي.

Ⅶيشعل فتيل تطور ثقافي قائم على مبدأ أن التركيز على اكتساب العلم والمعارف.

Ⅶيدرس العوامل المشتركة والاختلافات ما بين المناخ فوق قمم البراكين الضخمة الموجودة على سطح الكوكب الأحمر والمناخ في أعماق وديانه.

Email