«حبيب مرّ من هنا».. اتحاد الكتاب يحتفي بذاكرة الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نظّم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات أمسية تحت عنوان «حبيب مرّ من هنا»، إحياءً للذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر والكاتب الصحافي حبيب الصايغ، ووفاءً وتقديراً له. وشارك في الأمسية التي أقيمت أول من أمس، عبر منصة «زووم»، كل من الشاعر الإماراتي طلال سالم عضو الاتحاد، والكاتب الصحافي والباحث الإماراتي ناصر الظاهري عضو الاتحاد، إلى جانب الكاتب العماني سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العُمانية للكتّاب، وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري عضو مجلس الإدارة رئيس الهيئة الإدارية لفرع دبي، وذلك بحضور الأمين العام للاتحاد، الدكتور محمد بن جرش.

إرث ثقافي

وأكدت الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، في مستهل الندوة، أن الفقيد قد يكون ترك لنا ذاكرة واحدة للموت ولكنه ترك لنا اكثر من ذاكرة للحياة، بما ترك حضور، وبهاء عطر لشخصه الكريم والمعطاء وإن كان لم يعد يمتلك بيننا طاولة للكتابة، فهو يمتلك اليوم ألف غيمة والغيوم لا تموت، فلقد مر حبيب من هنا محملاً بما تركه لنا من إرث ثقافي وشعري، وبلا شك تعكف اليوم العديد من المؤسسات الثقافية على توثيق مسيرة الراحل الكبير من خلال مجموعة من الإصدارات الخاصة ومنها الكتاب الذي سوف يتناول إضاءات من حياته والصادر عن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، إلى جانب كتاب آخر سوف يصدر عن مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وهو من إعداد محمد شعيب الحمادي، عضو مجلس الإدارة في اتحاد الكتاب.

رائد المعاصرة

في مداخلته، أكد الكاتب العماني سعيد الصقلاوي الذي كان صديقاً مقرباً من الراحل، وشاركه في العديد من المشاريع الأدبية والثقافية، أن الذكريات التي تجمعه بالفقيد الراحل لا تعد ولا تحصى، نظراً لحضوره المؤثر في العديد من المناسبات، فهو قامة أدبية وصحفية وإعلامية وهو ركيزة من ركائز النهضة المعاصرة في منطقة الخليج منذ انطلاقه في السبعينات، في الوقت الذي بدأنا نتلمس الطريق في هذا المجال، وكان مواكباً ومتفاعلاً كونه سجلاً توثيقياً لكافة الأحداث والمشاهد في المنطقة والوطن العربي، أما عن شعره فهو من أوائل الأدباء الذين أدخلوا الشعر المعاصر وأنماطاً من النماذج التي واكبت الشعر العربي عبر شعر التفعيلة أو النثر، بما يمتلك من كاريزما خاصة وصفات قيادية مكتملة الأركان، ولا يمكن الاستهانة بدوره المتوازن خلال الجلسات والندوات، ورغم الاختلاف في الرأي معه في كثير من الأحيان، كان قادراً بخبرته الفذة وحكمته على التواصل والتجاوب الإيجابي مع تلك الأصوات الرافضة بكثير من الهدوء والرصانة، والتقدير للآخر مهما كان الموقف، واضعاً نصب عينيه رسالته الإنسانية وهويته الإماراتية التي يفخر بها ويسعى إلى تمثيلها خير تمثيل، وهو يحمل راية الكلمة في الوطن العربي عبر مشروعات متنوعة ساهمت في تدوين مسار متجدد للوسط الأدبي في دولة الإمارات وفي العالم العربي.

منارة إبداع

حول الجانب الصحافي في شخصية الراحل حبيب الصايغ، يقول الكاتب الصحافي والباحث الإماراتي ناصر الظاهري، إنه بوفاة الراحل فقدت الإمارات والمنطقة أحد أهم مشاريعها الثقافية والأدبية الملهمة أننا فقدنا عموداً من أعمدة الثقافة والصحافة والعمل الأدبي. فعلاقته به تسبق انخراطه في المجال الصحافي، فقد عاصرت الصايغ في كثير من المناسبات ورحلات السفر، وكان بيننا مشروع لم يكتمل، ربما بسبب هذا التقصير بدواعي القلق من هذا المشروع الثنائي، نظراً لاستثنائية شخصيته الأدبية التي يمكن المنافسة معها، وحين شرع في تكوين وتأسيس اتحاد كتاب الإمارات، وكان بداية أي لقاء مع «حبيب» تشعر بالندية، رغم وجود نقاط كثيرة من التقاطع والاختلاف فقد تختلف معه من أول سطر، ولكن في نهاية اللقاء لا تستطيع الاختلاف معه، فالفقيد امتاز دائماً بتطلعه إلى وجود كتاب وصحفيين جدد، وكان يساعد من يرى فيهم الموهبة وهذا الإبداع، وكان دائماً ما يبحث عن أقلام جديدة وواعدة، عن وجوه تزيد المشهد الثقافي إنارة كان حريصاً على أن يرفع صوت الإمارات في كل المحافل الثقافية العربية، ساعياً وباذلاً قصارى جهده ليجعل الثقافة الإماراتية متجذرة في أذهان الكتاب العرب في كل أنحاء العالم العربي.

ثورة الاختلاف

فيما يتعلق بذكرياته مع حبيب الصايغ الذي دائماً ما دعم موهبته الشعرية وتنبأ بقدراته الأدبية يقول الشاعر الإماراتي طلال سالم: أحببنا حبيب ونحبه رغم الغياب، كان رائداً في كل أمر، كان يمتلك القدرة على التأثير والتحفيز في ثورة الاختلاف التي لا تهدأ، ورغم ذلك لم يستطيع أحد أن ينزع حقه في التقدير والاحترام لمواقفه وكلماته في جميع الأحداث والمناسبات، فقد كان بمثابة المعلم والقوة الدافعة، رغم أنه كان يرفض المجاملة وكان نقده في محله، فلا أنسى كلمته عندما سمع قصائدي قائلاً: أنت حقاً شاعر. لقد كان شديد الإيمان بأن الاستثمار في الشباب وتعزيز استدامة التنمية بما يمثلونه من مستقبل مشرق للثقافة، إضافة إلى تأهيلهم واحتضان المبدعين، وتوفير كل الأدوات التي تصقل مهاراتهم الإبداعية مهمة وطنية مهما قيل لن نفي الصايغ حقه، لكن واجبه على جميع مثقفي الإمارات صيانة إرثه وإبداعه ونشره أمام محبي الشعر والأدب والثقافة، وعلى كل مواطن الفخر بابن الوطن الذي سيبقى أباً للجميع وأباً للمثقفين العرب جميعاً، أباً للمدرسة الشعرية الإماراتية الحديثة.

Email