الشبيلي.. رمز الإعلام السعودي .. كتب سيرته ورحل

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الأديب أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة: «بعض الأشخاص تحتار حينما تتحدث عنهم، لأنك لا تجد ما تقوله، وبعض الأشخاص تحتار عند الحديث عنهم، لكثرة ما لديك عنه».

بهذه العبارة بدأ الأديب والشوري السعودي حمد بن عبدالله القاضي محاضرته عن الأديب والإعلامي والأكاديمي والإداري والشوري ورجل الدولة وأفضل من كتب السير الذاتية، المرحوم الدكتور عبدالرحمن بن صالح بن عبدالله الشبيلي، الذي حلت الذكرى الأولى لرحيله في الثلاثين من يوليو 2020.

فقد تفاجأ محبوه الكثر داخل السعودية وخارجها بخبر سقوطه من شرفة منزله بباريس في 27 يوليو 2019، فنقل على الفور جوا إلى الرياض ليودع الدنيا بعد ثلاثة أيام قضاها في مستشفى الملك فيصل التخصصي وليصلى عليه في جامع الجوهرة البابطين ويدفن رحمه الله بمقبرة الشمال بالرياض.

وهكذا خسرت السعودية ودول الخليج واحداً من فرسانها الأوائل في مجال الإعلام ومن خيرة أبنائها ممن لم يكتفوا بميدان واحد، بل كانت لهم صولات وجولات ومساهمات مشهودة في الحركة الثقافية ومسيرة التأليف والتوثيق والتشريع والتعليم الجامعي وإدارة العديد من مؤسسات الدولة الحديثة. ولا نبالغ لو قلنا إن الفقيد كان مدرسة قائمة بذاتها لا يجاريه أحد من أقرانه لجهة الإنسانية ومكارم الأخلاق والدأب والعمل الجاد والنزاهة المعطوفة على حب الوطن والتفاني في خدمته.

إطلالة

عرفته زمن الشباب من خلال ما كان يقدمه في الراديو والتلفزيون من برامج ثقافية رصينة وحوارات جريئة مع الشخصيات ذات الأدوار التاريخية في بناء بلده.

كنت وقتها مبهوراً بإطلالته الأنيقة وبطريقة قراءته الهادئة لنشرات الأخبار وبأسلوبه الجميل في استنطاق ضيوفه، ولا سيما في برنامجه الشهير «حديث الأصدقاء» وبرامجه التوثيقية والحوارية اللاحقة مثل «شريط الذكريات» و«مؤتمر صحفي»، ناهيك عن إعجابي الشديد بانتقاء من كان يحاورهم من المسؤولين من أمثال الملك سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميراً للرياض، والأمير مساعد بن عبدالرحمن والأمير فهد بن محمد بن عبد الرحمن والأمير سعود بن هذلول وعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر والشاعر طاهر الزمخشري والاستاذ عبدالله بن خميس وغيرهم.

ثم ازدادت معرفتي به من خلال مقالاته الصحفية ومحاضراته. وبعد سنوات طويلة علمتُ من صديقنا المشترك المؤرخ الأديب محمد بن عبدالرزاق القشعمي أنه متابع لكل ما أنشره في الصحافة أسبوعياً عن الرواد والأعلام والأوائل في دول الخليج العربية الست، وأنه يشيد دوماً بما أكتبه ويتمنى الالتقاء به شخصياً، لكن إرادة الله كانت أسرع فحالت دون التقاء التلميذ بأستاذه.

سيرة

ولد الشبيلي في بيت طيني في سوق المعثم بمدينة عنيزة في إقليم القصيم عام 1944 ابناً لأسرة الشبيلي ذائعة الصيت في عموم السعودية ومنطقة الخليج والعراق، والتي لأبنائها حضور بارز ودور مشهود في بواكير تأسيس الدولة السعودية الثالثة.

فقد عملوا في الديوان الملكي، وفي السفارات السعودية، والجيش، ومارسوا الأنشطة التجارية المختلفة، ولعل أشهرهم هو المرحوم السفير محمد الحمد الشبيلي، أو من يـُطلقون عليه في السعودية إسم «عميد السفراء»، والذي وضع الفقيد كتاباً عنه وعن مآثره الكثيرة، وهناك أيضا من برز تجارياً ضمن آل الشبيلي ووصل نشاطه التجاري إلى البصرة، حيث كانت للأسرة خان تجاري باسمهم، مثل حمد الحماد الشبيلي أحد وكلاء الملك عبدالعزيز في العراق.

في طفولته كان يقسم وقته بين الدراسة ومساعدة والده في دكانه المتواضع بسوق التمور والحبوب بائعاً أو حارساً لبضاعته، ثم حاول أن يصبح مثل والده تاجراً فافتتح لنفسه دكاناً صغيراً مجاوراً لدكان والده لكنه فشل وأغلق محله.

وطبقاً لما رواه للمؤرخ محمد القشعمي في مقال منشور للأخير بصحيفة الجزيرة (9/‏‏8/‏‏2019) فإن والدته فاطمة التي تزوجت والده صالح عام 1926 كانت من ضمن النسوة اللواتي اختطفن قسراً من نجد إلى اسطنبول، ثم رجعن من هناك إلى نجد بعيد الحرب العالمية الأولى وحروب الأتراك، لكنها استطاعت مع مرور الوقت أن تندمج في مجتمعها الجديد بطريقة مدهشة، إلى درجة تحدثها بلكنة قصيمية وممارستها لعادات أهل القصيم.

أما هو فقد تزوج قبيل ابتعاثه لدراسة الماجستير من زكية بنت عبدالله أبا الخيل (أخت وزير العمل والشؤون الإجتماعية الأسبق عبدالرحمن أبا الخيل) التي رزق منها ابنه الوحيد طلال وابنتاه رشا وشادن.

ترعرع الفقيد وسط أسرته الكبيرة بمدينة عنيزة، وتعلم في مدارس الأخيرة، حيث درس المرحلة الابتدائية بالمدرسة العزيزية ثم درس المرحلتين المتوسطة والثانوية عن طريق الانتساب.

وبحصوله على شهادة الدراسة الثانوية من المعهد العلمي بعنيزة إلتحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فحصل منها على ليسانس اللغة العربية عام 1963، وبالتزام كان يدرس في كلية الآداب بجامعة الملك سعود التي منحته بكالوريوس الجغرافيا سنة 1965.

لقد كانت لأجواء عنيزة الثقافية وحرص أسرته على التعليم والتثقيف دور هام في إثراء شخصيته وتميز سلوكه وعشقه للبحث منذ سنوات عمره المبكرة، كما شكل انتقاله إلى الرياض لأول مرة عام 1959 منعطفاً مهماً في حياته، امتزج فيه الطموح بالكفاح وصعوبات الجمع بين الدراسة في كليتين ودراسة اللغة الانجليزية مساء والعمل الإعلامي الذي كان قد انخرط فيه.

كانت بدايات انخراطه في الإعلام من خلال ممارسة الكتابة في جريدة «أخبار الظهران» أولى صحف المنطقة الشرقية والتي أصدرها عبدالكريم الجهيمان في الدمام سنة 1956، ثم في جريدة اليمامة، حيث كتب فيهما أول مقالاته وكانت حول مقابر عنيزة.

وفي هذه الفترة كان يستمع إلى إذاعة طامي الشعبية البدائية التي انطلقت من الرياض سنة 1961 بمجهود شخصي فردي من صاحبها عبدالله سليمان الطامي العوّيد فاستهواه العمل الإعلامي المسموع دون أن يتوقع أنه سيلتحق بوزارة الإعلام حديثة التأسيس بعد تخرجه من الجامعة ويعمل أولاً في إذاعة جدة ثم في إذاعة الرياض، ودون أن يدري أنه سيكون أحد المساهمين في تأسيس إذاعة الرياض الرسمية بعد أربع سنوات (1965)، كما كان له دور في تأسيس تلفزيون الرياض الحكومي الذي بدأ البث عام 1965 من خلال العمل كمذيع ومقدم لبعض البرامج الحوارية المتميزة، قبل أن يصبح مديراً له عام 1966.

بدايات

ونظراً لحاجة التلفزيون السعودي آنذاك للإطلاع على تجارب الدول العربية التي سبقت السعودية في البث التلفزيوني، تمّ إيفاده إلى ثلاث دول ليطلع على تجاربها، كان من بينها دولة الكويت، حيث استوعب من زميليه محمد السنعوسي ورضا الفيلي التحديات الكثيرة التي تواجه العمل الإعلامي المرئي (طبقاً لحديث صحفي أدلى به).

كان هذا قبل حصوله في عام 1967 على بعثة حكومية إلى الولايات المتحدة لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في الإعلام، واللتين حصل عليهما من جامعة كانساس عام 1968 وجامعة أوهايو عام 1971 على التوالي.

وبهذا صار الشبيلي أول سعودي في تاريخ بلاده يحصل على درجة الدكتوراه في الإعلام، وهو ما ساعده على نيل ترقيات وظيفية متتالية. فمن مذيع إلى مسؤول بارز في الإذاعة والتلفزيون فإلى منصب مدير عام التلفزيون فإلى منصب الوكيل المساعد لوزارة الإعلام لشؤون التلفزيون.

وخلال عمله في الإعلام ترك الرجل بصمات واضحة لا يزال الكثيرون يتذكرونها بالاستحسان، فقد قاد عملية تطوير البث التلفزيوني السعودي تقنيّاً، وقاد تحوله إلى البث الملون، ووقف وراء تأسيس المبنى الحالي لمجمع الإذاعة والتلفزيون بإمكاناته المتطورة، وساهم في ابتعاث العديد من مواطنيه الأكفاء إلى الخارج للتخصص والتدريب.

وكان من دعاة تحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى مؤسسات عامة، وساهم في إيجاد صيغة جديدة على صعيد المؤسسات الصحافية، بفصل التحرير عن هيمنة الإدارة وسطوة الإعلان، وحث على إنشاء مجلس أمناء لمطبوعات الشركة السعودية للأبحاث والنشر التي تصدر نحو عشرين مطبوعة، وذلك حينما اختير رئيساً للمجلس الاستشاري للشركة.

يتذكر صاحبنا عمله التلفزيوني والإذاعي فيخبرنا انه قبل عام 1980 كانت مساحة البرامج الموسيقية، والمتواجدة فيها المرأة أوسع بكثير من الآن، إلا انه بعد قضية احتلال الحرم المكي، تغير الوضع فأصبح ظهورها محدوداً كما منعت البرامج الموسيقية، مشيراً إلى أول مشاركة للمرأة في الإعلام السعودي كانت صوتية من خلال إذاعة جدة وكانت صاحبتها مذيعة إذاعة لندن السعودية هدى عبدالمحسن الرشيد التي ظهرت في عام 1974 لأول مرة على شاشة تلفزيون الرياض وهي تقرأ نشرة الأخبار. أما أول أغنية سعودية نسائية في التلفزيون فكانت للمطربة عتاب عام 1976.

تعليم

من بعد 14 عاماً قضاها الشبيلي في أروقة الإعلام وأعطاه عصارة فكره وجهده وعلمه، ودعه على إثر خلافات إدارية مع وزيره. وقتها سجل عن الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز قوله «إذا كنا خسرنا الشبيلي في الإعلام فلا بد وأن نكسبه في موقع آخر». وهكذا خرج من الإعلام، ليبدأ مسيرة وظيفية مختلفة في مجال التعليم الذي كان قد دخله كمحاضر محبوب لمادة الإعلام بجامعة الملك سعود. ففي عام 1977 تمّ تعيينه وكيلاً لوزارة التعليم العالي، كما تمّ تعيينه أميناً عاماً للمجلس الأعلى للجامعات.

وبعد 17 عاماً في وزارة التعليم العالي اكتسب خلالها خبرات وتجارب ثرية في أنظمة الجامعات ولوائحها وكوّن أثناءها صداقات عزيزة مع عدد من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات السعودية السبع وشارك في الكثير من اللجان والمؤتمرات ذات الصلة، ودع منصبه إلى مجلس الشورى الذي تمتع بعضويتها لثلاث دورات متتالية من عام 1981 إلى عام 2003.

وخلال هذه الفترة تمتع أيضا بعضوية مجلس أمناء الشركة السعودية للأبحاث والنشر، وعضوية اللجنة العلمية لمركز حمد الجاسر الثقافي، وعضوية مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري الاجتماعية، علاوة على منصب المدير العام لمؤسسة الجزيرة الصحافية. وفي أعقاب خروجه من مجلس الشورى اتيحت له الفرصة للإنشغال والإشتغال بالتوثيق.

يقول محمد القشعمي في هذا السياق إن الشبيلي اهتم بتوثيق سيرته، فوجد به عالما ً شائقا ً من ناحية، وسياحة تسد فراغاً في المشهد الثقافي من ناحية أخرى فبدأ في مطلع يونيو 2017 بتدوين سطور حكاياته وأكملها في نحو عام ونصف العام.

ورغم اهتمامه بالمعلومة الموثقة إلا أنه فضل الابتعاد عن طابع الجفاف العلمي والهوامش الصارفة للنظر، مفضلاً إضفاء السلاسة والعفوية على كتاباته التي كان يتمنى أن تخرج في شكل روايـة، لولا افتقاره للعناصر والأدوات الفنية للرواية.

وهكذا استقر رأيه على تسميتها «مشيناها.. حكايات ذات» والتي استعرض فيها أبرز ما مر به في محطات حياته الخمس (الدراسة 15 عاماً، الإعلام 14 عاماً، التعليم العالي 17 عاماً، مجلس الشورى 12 عاماً، النشاط الثقافي الإجتماعي 12).

وقد وصف الشبيلي كتاباته بقوله: «إنها ليست طراز رواية، ولا عنوان سيرة، ولا تماهي «سوانح» حمد الجاسر، أو «تباريح» أبي عبدالرحمن ابن عقيل، أو «حياة في الإدارة» د. غازي القصيبي، ولكنها حكايات عُمرٍ لم يعرف الفراغ، وحياة قلقٍ شكّلتها الصُّدف منذ الطفولة.

حَاوَلَت أن تصوّر مرابع النشأة، وبيئة الدراسة، وظروف الزمن، وأن تبوح بالممكن من مكنون الصدر، فأبقت بعد ذلك طيّ الكتمان ما هو أكثر. وهي استرسال مع الخواطر، في محاولة للتعبير عن الذات إرضاءً لرغبة محبّين، وتطبيقاً لدرس في السرد لم يتعلّمه، وتوظيفاً للمعلومة بإيجاز عجز عن تحقيقه».

تكريم

نال الشبيلي في حياته عدداً من التكريمات تجلت في حصوله سنة 2003 على جائزة الملك سلمان لخدمة التاريخ الشفوي وتوثيقه، وعلى جائزة الأمير (الملك) سلمان بن عبدالعزيز لبحوث الجزيرة العربية سنة 2014، ووسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في مهرجان الجنادية سنة 2017.

قال عنه الكاتب اللبناني حمزة عليان في القبس الكويتية (11/‏‏2/‏‏2017) إن أهمية عبدالرحمن الشبيلي تكمن في أن الوظيفة الرسمية لم تشغله عن العطاء في مجال البحث والتأليف والتوثيق، فكتب سيرة مائة شخصية من رجالات وطنه، كما أصدر في حياته 55 كتاباً على نفقته الخاصة كان آخره «مشيناها.. حكايات ذات» والذي لولاه لما عرف الناس تفاصيل حياته الفريدة المليئة بالحرمان وبشتى صنوف المآسي والصبر عليها ومحاولة اجتيازها بشجاعة نادرة.

وصفه الدكتور إبراهيم التركي بقوله: «جادٌّ حد الصرامة، وهادئ حتى الصمت، يحكي -وهو الإذاعي الجهير- فلا يكاد يبين. لا يعلو صوته على أحد، ولا يقاطع أحداً ويمرر ما يقينه انه غير دقيق، كي لا يجرح شعور سواه، وربما تحدث الجالسون في تخصصه فشرقوا وغربوا وبقي هو في صمته الجميل متابعاً، مبتسماً: فإن أتيحت له سانحة أفضى بما لديه إضافة وإضاءة وتصحيحاً، ملهماً سواه درساً من دروس اللباقة واللياقة».

ووصفه الدكتور عبدالله الحيدري بالرجل الذي «اجتمعت فيه صفات قلما تجتمع في إنسان مثل دماثة الخلق، والتواضع، ونظافة اللسان، والثقافة الواسعة، وسرعة الاندماج مع الآخرين وخدمتهم ومجاملتهم ولو على حساب وقته وصحته».

ونختتم بما قاله عنه صديقه وزميله الأديب حمد القاضي: يدرك كل من عاشره أو صادقه أنه إنسان يحب أن يشيع السرور وينثر المحبة والفرح بأفئدة الآخرين رغم ما يكتنزه قلبه من أشجان. لقد كان سنام فرحه المثل العربي القديم (إذا رششت العطر على غيرك فلا بد أن تصيبك قطرات منه)، هذا هو عبدالرحمن الشبيلي سرور غيره هو عطر قلبه.

صيغة إنسانية

قال عنه المرحوم د.نجيب الزامل في حفل تأبينه بالنادي الأدبي في الأحساء: «هو صيغة إنسانية لنظرية النسبية بأبعادها، فالراحل كان أديباً وكاتباً وإعلامياً، ورجل علاقات عامة من الطراز الفريد، وكان الأول في مجالات عدة، فهو أول مذيع سعودي، وأول سعودي يحصل على الدكتوراه في الإعلام، ولم يكن يوماً في الظل لما يملكه من طاقة متجددة ونضارة في الفكر، بالإضافة إلى إمكاناته التي أهلته لهذا السبق، وما يمتاز به من قوة الملاحظة واختلافه عن الآخرين».

وكان قد سجل عن المرحوم د.غازي القصيبي قوله في الفقيد: «لا شك في أن هناك فارقاً شاسعاً بين عمل يحفزه الحب، وعمل يفرضه الواجب، وعمل تحتمه الضرورة.

إن الإعلام- كما يعرف كل من عرف الشبيلي من قريب أو بعيد- هو حبه الكبير، فقد أعطى الإعلام أغلى أيام عمره، وأعطاه صفوة أفكاره، وأعطاه خلاصة مشاعره. وكان الحب متبادلاً، إذ لا يُذكر الإعلام السعودي إلا وذكر عبدالرحمن الشبيلي، رائداً وكاتباً ومؤرخاً وباحثاً ومفكراً».

طاقة لا تكلّ

استحضر أول وزراء الإعلام في السعودية الشيخ جميل الحجيلان ذكرياته مع الفقيد، وقال: «إن الشبيلي جاء مع الطلائع الأولى من أبناء الوطن ولم يكن يعلم بأن قصة حب ستربطه بـ«الولد الجديد».

ولم أكن أعرف أنا أيضاً أن ذلك الشاب الذي زكته الرغبة والمعرفة، وتجربته الصوتية واللغوية للالتحاق بوزارة الإعلامّ، يحمل في أعماقه شحنة هائلة من الحس المرهف، والرصد الإعلامي الذكي، والجرأة الموزونة في معالجة الأمور العاجلة التي تستوجب الحسم ولا تقبل الانتظار، منذ أن التحق بوزارة الإعلام إلى أن ابتعث إلى الولايات المتحدة وأنا لم أعهده إلا طاقة لا تكل ولا تهدأ ولا تمل، يعمل ليل نهار، ويزداد افتتاناً بالآفاق المتجددة، التي ينفتح عليها ذلك المرفق.

كان الإعلام عالمه الذي اعتكف فيه، واستسلم إليه، لا يخرج من مكتبه في التلفزيون- في الثانية عشرة مساء- إلا وقد اطمأن بأن العزيز عليه قد نام هو أيضاً في خير، ليستيقظ في الصباح مكتمل العافية والنشاط».

 

Email