كتابه عن الشيخ محمد بن راشد انطباعات شاهد عيان عن قائد ملهم

عبد الغفار حسين.. كاتب أديب ومرجع مُعتمد في تاريخ دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأستاذ عبد الغفار حسين كاتب أديب، ومرجع تاريخي معتمد في تاريخ دبي، وعندما أقول الأستاذ عبد الغفار، لا أعني بكلمة الأستاذ هنا الكلمة المعروفة المستهلكة بين الناس، والتي تسبق الاسم الذي نعرفه أو لا نعرفه مثل السيد/‏‏‏ فلان ويقابله «المستر» بالإنجليزية. كلا ثم كلاّ، لأن عبد الغفار حسين ارتبط اسمه في بادئ الأمر ببلدية دبي منذ إنشائها أيام المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي الأسبق، ورافق الفاضل/‏‏‏ كمال حمزة مدير البلدية الأسبق لسنوات.

لكن بما أنه ثقّف نفسه بنفسه، ودخل في مجال القراءة والكتابة الصحفية، فإنه اكتسب شهرة جديدة بجانب عمله في البلدية، فصار صاحب مكتبة خاصة، وصاحب قلم سيّال، وأصبح وجهاً صحفياً ولا سيما أيام مجلة «أخبار دبي» قبل قيام الاتحاد، وهو أول رئيس لجمعية حقوق الإنسان بعد قيام الاتحاد.

ومن خلال سيرته الذاتية الموجودة في نهاية كتابه عن الشيخ محمد بن راشد الذي سوف نتناوله فيما بعد، نجد أنه بجانب مزاولته مهنة التجارة، فإنه صاحب أوّليات عدة مثل النقد الأدبي في الإمارات، وكتابه التراجم، وإصدار كتاب عن تراجم نقدية في كتب من الإمارات، ومن المؤسسين للمكتبة العامة في دبي في الستينات من القرن الماضي.

مدرسة الحياة

ولو عدنا إلى بداية نشأته لوجدنا أنه لم يتخرج في أي جامعة من الجامعات الأكاديمية، بل تخرج في جامعة الحياة، ومن أساتذته الشيخ سعيد بن مكتوم والشيخ راشد بن سعيد رحمهما الله.

فهو إذن يُطلق عليه أنه الرجل العصامي الذي علّم نفسه بنفسه، ووصل إلى مرحلة الأستاذية، والأستاذية ليست شهادة تمنحها المدارس والجامعات، وإنما هي خبرة علمية وجدارة فكرية، وأسلوب أدبي راق، بها تستطيع أن تناقش وتحاور، وترجّح وتفنّد، وتكتب وتنقد.

إن الأستاذ عبد الغفار حسين اليوم هو ذلك الرجل الذي إذا تحدّث تحدّث عن علم ودراية وتحقيق بحكم سنه وقراءاته بأكثر من لغة، وإذا كتب ملك الجرأة وتحمّل مسؤولية الكلمة التي يكتبها، وهو يعتدّ برأيه دائماً لدرجة أنه قيل عنه إنه أناني نسبة إلى (الأنا)، وهو فيما يذهب إليه يدافع عن رأيه، ويقول للآخرين: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

دقة وحصافة

وها نحن اليوم أمام إصدار من إصداراته باسم: «محمد بن راشد آل مكتوم في سباق الزمن»، وهو كتاب يحتوي على خمسين عنواناً تقريباً من مقالات سبق أن نشرها في الصحف.

وبما أنه من أشدّ المعجبين بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وحقّ له ذلك، فإنه حاول في هذه الموضوعات أن يشير إلى أهم الجوانب التأثيرية لدى سموه، وإن كان الشيخ محمد بن راشد كما قلت عنه أنا في أحد مقالاتي: محمد بن راشد كلّما خطر ببالك فهو أكثر من ذلك.

نعم..وأنا على يقين بأن الأستاذ عبد الغفار صاحب القلم الثرّ مقالاته عبر السنين تراكمية، ولو أراد أن ينشرها لاحتاج إلى مجلدات، لذلك فإنه اختار لهذا الكتاب بعض مقالاته التي يعود تاريخ نشرها إلى عام 2000 وما بعد.

وفي اعتقادي أن هذا التاريخ يصاحب بدايات تولِّي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد زمام القيادة ولياً للعهد وحاكماً لدبي، لذا فإن أستاذنا لا تهمه المقالات الأخرى، طالما يريد أن يتحدث عن إنجازات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فحسب.

وبالتأكيد رجل مثل عبد الغفار حسين الذي تربّى في بيت الشيخ سعيد بن مكتوم ورافق الشيخ راشد بن سعيد، وعاصر الشيخ محمد بن راشد، فإنه الأجدر بالكتابة عن صاحب السمو بكل دقة.

والسبب أنه يحمل في فكره خبرات متراكمة، ويضيف إليه أنه شاهد عيان يرافق الشيخ محمد بن راشد ويعاصره ومن حضّار مجلسه، بل ومن المقربين.

القيادي الرشيد

لقد تحدّث الأستاذ الكبير عبد الغفار حسين في كتابه هذا عن جوانب كثيرة واستهل بالحديث عن الصحافة في عصر الشيخ محمد بن راشد، واستشهد في مقدمة كتابه بقول سموّه:

«حريصون على حرية الصحافة وشفافية المعلومات، وطرح الحقائق أمام الرأي العام، فمواقفنا في الإمارات واضحة وصريحة، وليس لدينا ما نخفيه على الصعيدين المحلي والخارجي...».

لذلك فإن الأستاذ تناول في المقالات الأخرى الحديث عن أشياء تنامت وازدهرت في ظل هذه الحرية وهذه الشفافية، مثل تكريم الشيخ محمد لأهل القلم واحترام القضاء والمتابعة الواعية والإتقان الإداري. كما أشاد الأستاذ بقرار الشيخ مكتوم بن راشد حاكم دبي السابق رحمه الله بإسناد ولاية العهد للشيخ محمد بن راشد، ويصف الأستاذ عبد الغفار الشيخ محمد بأنه يقف في تاريخ دبي ومسيرة آل مكتوم في الصف الأمامي مع البانيين الكبيرين: جده مكتوم بن حشر ووالده راشد بن سعيد.

ثم يقول عبد الغفار: وكان الشيخ راشد يرى في نجله محمد بن راشد صورته الشخصية.

وفي مقال آخر يصف الكاتب الشيخ محمد بأنه القيادي الرشيد الذي يقدر على تغليب الصالح العام على ما عداه، لذلك فإنه منذ اليوم الأول سعى في تحسين الأداء الوظيفي للعاملين في الجهاز الحكومي، وأوّل ما فعل أن وضع الموظف المناسب في المكان المناسب وحارب الفساد الإداري.

وتحدث بعد ذلك عن الجودة والرؤية والعمل في نظر الشيخ محمد بن راشد الذي يرى أنه متى تساوى الناس أمام القانون، وتمكٌّن الجميع من طرق باب العدالة، فإن الجودة تتحقّق،ومن أجل ذلك أصدر قرار إنشاء الرقابة المالية.

طاقة إيجابية

كما تحدّث عن مكانة الخيل والفروسية عند الشيخ محمد بن راشد، والخيل هي من أهم مصادر توليد الطاقة الإيجابية في الإنسان بجانب دورها الاقتصادي.

وفي كتاب الأستاذ عبد الغفار نقرأ أيضاً عن حملة الشيخ محمد بن راشد ومحاربة الفقر بالعلم، ومشروع المعرفة والحرث في البحر، ودبي العطاء، ورعاية حقوق الإنسان.

وممّا ذكر أيضاً مشاركة الشيخ محمد بن راشد الناس في أفراحهم وأتراحهم، وقال عنها إنها جانب مهم في القيادة الرشيدة، و هي مما يقلِّل الفجوة بين القيادي والناس.

أمّا عن رؤية الشيخ محمد بن راشد حول التغيير للسباق مع الزمن، فهو تغيّر لنشدان الأجود. وفي الكتاب تقرأ عن المتحف النبوي الإسلامي وهو من مشاريع الشيخ محمد الحضارية، وكذلك زيارات الشيخ المفاجئة لبعض الأسر والتي سماها الأستاذ عبد الغفار بناء الجسور إلى القلوب، وتحدث عن إنسانية الشيخ محمد بن راشد التي يعد مشروع دبي النور أحد مشروعاتها.

وكذلك مشروع الكتاب للجميع، وإطلاق اسم الشيخ خليفة على أهم الأبراج في دبي، ومشروع الإعمار المتواصل، ورعاية مخطوطات الأزهر.

سباق الزمن

ويقرّر الأستاذ عبد الغفار في كتابه أن الشيخ محمد بن راشد يُسابق الزمن، وذكر شيئاً مما أورده الشيخ في كتاب «رؤيتي» مثل: «إن لم تكن في الطليعة فأنت في الخلف»، وهذا القول من سموّه جميل جداً وله مغزى.

ولصاحب السمو مبادرات ومفاجآت دائماً، ومن ذلك زيارته معرض الشارقة الدولي للكتاب، ويقول عبد الغفار: هذه الزيارة تؤكد أن ذوي الشأن من القيادة الرشيدة يرون الكتاب وعاء المعرفة عند الإنسان الإماراتي.

وفي تعليقه على قصيدته فتنة الإرهاب يقول الأستاذ: لو أمعنّا النظر في هذه القصيدة الرائعة مبنى ومعنى لوجدنا أن صاحب السمو للمرة الأولى يلجأ في سبك قصيدته إلى لغة الحزم والتأنيب رغم أنه شاعر رقيق.

نعم.. وتحدث عن الطاقة الإيجابية عند الشيخ محمد بن راشد ومشاريع التحدي ومحمد بن راشد يرسم بالكلمات وغيرها.

ويقول الأستاذ للشيخ محمد بن راشد في أحد مقالاته مخاطباً إياه: شكراً أيّها «النوخذة» الكبير محمد بن راشد، لِما يرى لسموه من لفتات كريمة تجاه الناس في الداخل والخارج.

أجل..فما كتبه الأستاذ عبد الغفار في حق الشيخ محمد غيض من فيض، ولا يستطيع أن يحيط أي كاتب بكل جوانبه كما قال، على أي حال فهو بحق استحق من الشيخ محمد بن راشد أن يقلّده وشاح محمد بن راشد من الدرجة الأولى.

مدينة المدائن

من مقالات هذا الكتاب اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالرواد أمثال د. عبد الله عمران تريم وخلفان الرومي رحمهما الله، ثم الحديث عن «إكسبو 2020» ويقول عبد الغفار حسين: «لو عُمل استفتاء بين جمهور الناس في كل مدينة وقرية عن المكان المناسب لإقامة إكسبو 2020 لكان الصوت الإجماعي هو: دبي لأنها مدينة المدائن»، كما تحدّث الكاتب عن الخلوة الوزارية التي دعا إليها الشيخ محمد بن راشد، ويعتبرها الكاتب من مبتكرات سموه.

Email