على ضفاف مقبرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقف وخلف أذني مباشرة هدير محرك السيارة.. لم أمنع نفسي من الوقوف أمام المقبرة..

واستنشاق بقايا ذكرياتهم.. ومستقبل.. لم يُكتب له النور.. سكينةٌ وهدوء تعتري المكان برمته.. وشواهد القبور تبعث على الرهبة! فكل شاهد يحمل اسماً.. اسماً كان يوماً يحمل حياة..! بكل أشكالها.... بكاء طفل.. شقاوة مراهقين.. جدية جامعي.. تفاني موظف.. أو.. بكاء طفل.. جرائم مراهقين.. تسكع في الشوارع.. بطالة حيث اللاهدف واللاوضوح..

وربما أنها لم تتعدَ بكاء طفلٍ.. وحسب! أرض مستوية تحتضن أناساً أحببناهم..

فنذرف دمعاً أخف وطأةً مما كان عليه في أمس الفاجعة.. فللنسيان أوجه عدة.. منها الرأفة بقلبٍ مطعون! وأناساً لم نحبهم ربما لأسباب تافهة.. كنا نراها نحن وهم ( وقد كانوا على وجه البسيطة) قوية قاطعة.. ونتمنى.. ليتنا تصالحنا ! وأناساً لم نعرفهم..

ربما جمعنا بهم شارعٌ ذات نهار.. أو مطعم صغير على قارعة الطريق حيث يقدم »الكرك«.. أو ربما كان لنا الحماس لذات الفريق.. أو ذات الكتاب.. أو.. ربما!، يا ترى »ماذا قدمت لحياتي«

عدلت غطاء رأسي.. وسرحت بعيداً.. في أغوار نفسي.. فهالني ما رأيت.. هناك أشياءٌ بشعة يجب أن تُقتلع.. وأضع مكانها وردة..!

قربت شاشة الهاتف مني وبدأت أضغط على أزراره وأشكل بعض الكلمات.. بها أشكل حياتي القادمة.. قبل أن أشاطرهم الأرض..!

بينما أنا كذلك.. مرت نسمة هواءٍ عليلة قادمة من المزرعة المجاورة.. محملة برائحة أزهار الليمون.. أغمضت عيني وملأت بها رئتيّ..

ثم قفلت عائدة.

* كاتبة إماراتية

Email