نبيل الملحم: رواياتي تكتب نفسها وترفض المسارات

لا يمل الروائي والإعلامي السوري، نبيل الملحم، التجريب والذهاب إلى أبعد الحدود، وهو يتابع مشواره في البحث والتقليب ضمن عوالم الرواية. فهي المتنفس الذي وجد فيه، كما يقول، جميع ما يريد قوله، في التاريخ والمجتمع والفكر والفلسفة. كما يؤكد في حواره مع «البيان»، أنه يرى الرواية نقيض السياسة، أو أنها ماعونها بالأحرى، كون الأولى تمثل اللحظة، بينما الرواية تجسد التاريخ بأشمله. ويوضح الملحم، أنه حين يكتب، فإن رواياته تكتب نفسها، ولا يمكنه أن يفرض عليها أو يقسرها على مسار محدد، فالمقدمة توجه العمل وتقوده إلى النهاية.

تبدو من أحاديثك ورؤاك في أعمالك متحيزا جدا إلى المرأة.. ما السبب؟

ليس ثمة رجل، الرجل وسيلة، مجرد مصادفة بيولوجية، الرجل نكتة تتجول في مساحات الأنثى، ليس من رجل يمنحك ما يكفي من ذاكرة لتكون روائياً، لتكتب رواية، الرجل مثل الفاصلة في النص. أما الأنثى فهي النقطة والسؤال وإشارة التعجب إن شئت.

ليس بوسعي ولو للحظة واحدة أن أعتقد أن على الرجل أن يكون بطل ذاكرتي.. الأنثى هي التي تصنعنا معاً.. تصنعني كروائي، وتصنع الرجل كبطل رواية.. ذاكرتي واقعياً تخلو من الرجال الشاهقين، كل الرجال الذين قرأتهم في «سرير بقلاوة» وفي الروايات اللاحقة والسابقة، من صنعي.. هؤلاء رجالي أنا.

وحدي وحدهم

أنت شديد الوحدة.. عكس مظهرك، وكأنك تعيش مع أبطالك..

الآخر ليس ذاك الذي يجلس أمامك.. الآخر هو ذاك الذي يسكنك، وما أعرفه أنني مسكون بهؤلاء الناس (المهمشين)، مسكون بهؤلاء الأبطال على الدوام، بحيث يخال لي أنني قادر على الانسحاب إلى النهايات.. ووحدي معهم أو وحدهم معي.

وصفة

ولكنهم بشر يتصفون بالتناقض.. كيف تتعايش معهم؟

إذا اكتشفت أنك تصالحت مع هؤلاء كارثة، لحظة التصالح هذه، هي إما إماتتك أو إماتتهم، وعند ذلك يتعزز إحساس الوحدة والعزلة فيك.. على الساكنين فيك أن يبقوا متوترين على الدوام، متحفزين على الدوام، متسائلين على الدوام، ومسلين على الدوام أيضاً.. تخسر كل هؤلاء حين تصالحهم.

استرسال

ما سبب سخرية سردك بشأن السياسة والسياسيين؟

أسخر من السياسة لأنها هكذا، لأنها ليست قابلة إلا أن تكون مادة للسخرية بين أبطال يذهبون إلى اكتشاف الوجود، الوجود بما يعني ما بعد اللحظة، السياسة هي اللحظة، أما الرواية فهي التاريخ، ما يعني استرسال الإنسان من الأزل إلى سؤال الأبد، شخوصي بشر غير مروّضين، بشر متمردون، منكسرون إن شئت، أبطال معوّجون، ليس ثمة استقامات في حياتهم..

ولهذا فمن الطبيعي أن أرى بأعينهم هم، أن يأخذوني إلى المكان الذي يريدون وإلى الاستخلاص الذي يريدون، وإلى لحظتهم التي ستتجاوز لحظتي.. لن أكذب عليك، ولن أتنكر إلى حقيقة أنني متواطئ مع أبطالي.

كيف تكتب روايتك؟

الجملة الأولى هي التي تكتب الرواية، دون أية حبكة مسبقة، ليس على جداري ولا مخطط لمسار الرواية أو مسار أبطالها، كما وكأن الرواية تكتب نفسها، هي هكذا، هذا ما حدث معي عبر ست روايات، وكلما حاولت أن أقسر روايتي على مسار أو فكرة، أجدها وقد قلبت وجهها بي.. هذا ما يحدث. لا أدري لماذا وكيف.

بطاقة

نبيل الملحم. كاتب وروائي وإعلامي سوري. من مواليد عام 1953. أعد وقدّم بعض البرامج التلفزيونية، منها: ظلال شخصية - عام 1996. لديه مجموعة من الكتب المطبوعة، مثل : «بوليساريو – الطريق إلى الغرب العربي»، ومن رواياته «آخر أيام الرقص»، و«موت رحيم»، «بانسيون مريم»، و«سرير بقلاوة الحزين»، و«حانوت قمر». كما كتب مسلسلين تلفزيونيين (ليل السرار – عام 2003، أرواح منسية – عام 2012).

الأكثر مشاركة