في بادرة تعد الأولى من نوعها، عرض مسرح "بيت أريحا" البريطاني مسرحية "العاصفة" أخيراً، وهي إحدى أشهر مسرحيات وليام شكسبير، في مخيم عايدة الفلسطيني. وقد عمد المسرح إلى اختيار هذه المسرحية على وجه التحديد لأنه رأى تشابهاً بينها وبين الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. وقد تحدثت صحيفة "إندبندنت" اللندنية، في تقرير نشرته أخيراً عن استجابة الجمهور الفلسطيني للمسرحية. فنقلت عن مدير المسرح البريطاني جوناثان هولمز قوله إن الجو الفوضوي الممتع الذي ساد أثناء عرض المسرحية كان "إليزابيثياً" على نحو إيجابي.

 

ملخصات صغيرة

هولمز شبه سلوك الأطفال الفلسطينيين، الذين استمروا في الركض صعوداً ونزولاً على درجات المسرح بما كان يفعله مرتادو مسرح "غلوب" البريطاني من الصغار الذين كانوا يقفون في أرخص أقسام المسرح منذ أربعة قرون. وترى الصحيفة أنه بالنظر إلى صغر سن الجمهور وصعوبة النص الشكسبيري، الذي تخللته ملخصات صغيرة باللغة العربية، فإن بقاء شريحة كبيرة من الجمهور حتى نهاية العرض يعد إنجازاً للمسرح. كما كان هناك عنصر جاذبية لا يقاوم في متابعة المسرحية، التي صورت مسبقاً ما يشهده الفلسطينيون حالياً من صراع إقليمي وتهجير وتجديد سياسي، في ظل الجدار العازل الذي أقامه الجيش الإسرائيلي بارتفاع ثمانية أمتار وخيم على المكان.

 

جهود فنية

طاقم الممثلين بذل جهوداً كبيرة للمحافظة على انتباه الجمهور. وفي إحدى اللحظات، قام اثنان من المتفرجين ليتصافحا في الوقت الذي كان يتصالح فيه بروسبيرو مع عدويه اللذين سلباه سلطته وعوقبا بتحطيم سفينتهما. ولوهلة ما، كان يصعب تمييز الممثلين عن المتفرجين. وقد اضطرت الممثلة روث لاس، التي جسدت شخصية آرييل المخادع، إلى إسكات الجمهور من وقت لآخر من خلال شخصيتها في المسرحية. وقالت بعد انتهاء العرض: "في عصر شكسبير، كان الوضع مشابهاً. إذ يتعين على الممثل أن يبذل قصارى جهده لشد انتباه الجمهور، وتلك هي طبيعة المسرح". كما أنه ليس من المألوف أن تقدم فرقة مسرحية بريطانية جولة عروضها في مدن فلسطينية قبل أن يتم تقديمها في لندن. وبالنسبة لجوناثان هولمز، فإن المسرحية تعكس واقع الشرق الاوسط، لكنه لم يحدد ذلك بشكل واضح.

 

أحداث المسرحية

من جهة أخرى، نفت نانسي عجارا، وهي طالبة في جامعة القدس في الثامنة عشرة من عمرها، شعورها بوجود رابط خاص بين أحداث المسرحية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقالت: "كانت لدي خلفية عن المسرحية، إذ إننا قرأنا عن وليام شكسبير في المرحلة الثانوية، مما ساعدني على فهم الأحداث. وقد أعجبني مشهد زواج ميراندا من فيرديناند، والمشهد الذي عفا فيه بروسبيرو عن كل من كان ضده". أما هالة اليماني، وهي أستاذة جامعية من بيت لحم، فقد وجدت أن: "المسرحية إنسانية أكثر منها سياسية"، وحول الخلاف بين بروسبيرو وأخيه أنطونيو، الذي يشكل جوهر المسرحية.

خيم شيء من الحزن على جولة "بيت أريحا" في فلسطين، فقد كان من المفروض أن تعرض مسرحية "العاصفة" في مدينة جنين على خشبة مسرح "الحرية"، الذي كان مديره جوليانو مير خميس أبرز داعمي الجولة، ولكن المخطط ألغي في أعقاب اغتيال مير خميس، وهو ابن لأم يهودية وأب مسيحي عربي، برصاص مجموعة من الملثمين.