"300 : نهوض إمبراطورية" درس في صراع الحضارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تعد أساطير هوميروس التي دأبت السينما الأميركية على استلهام قصص الحرب والبطولة منها، غريبة أمام عشاق السينما لكثرة الأفلام التي صورت لنا ملاحم تاريخية طالما قرأنا عنها في "إلياذة" هوميروس، التي يذكرنا بها فيلم "300" للمخرج زاك سنايدر والصادر في 2007، لنستكمل هذه الملحمة عبر أحداث الجزء الثاني منه بعنوان "300: نهوض امبراطورية" للمخرج نوام مورو، لتبدو أحداث الفيلم عبارة عن درس في صراع الحضارات لما يتضمنه الحوار من كلمات مشبعة برائحة السياسة كالحرية والديمقراطية.


حروب ميديا

فيلم "300: نهوض امبراطورية" والذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية والعالمية، يتحدث عن حروب ميديا التي رواها هوميروس بين الملك الفارسي داريوس وابنه احشوريوش وبين اليونان، إلا أن المخرج نوام مورد أراد التلاعب بالقصة الأصلية، فجعل داريوس يُقتل بسهم من الجنرال الأثيني ثمستيكلس (الممثل سوليفان ستبلتون) في معركة ماراثون الشهيرة، علماً أنّ داريوس مات مريضاً على فراشه بحسب قصة هوميروس الأصلية.

بالمقارنة بين الفيلمين، نجد أن المخرج زاك سنايدر قدم في الجزء الأول (300) والمبني على إحدى أساطير هوميروس، عملاً مبهراً وفريداً، أطلّ فيه الممثل جيرارد باتلر كما لم يره الجمهور أبداً، ما جعل من العمل تحفة سينمائية.

كما قدم إسبارطة بطريقة هي الأجمل منذ فيلم الأسطورة "تروي"، فيما نجد في الفيلم الثاني أن المخرج نوام مورو كان مكبلاً بالرؤية السينمائية التي وضعها سلفه زاك سنايدر، الذي تولى بنفسه كتابة نص العمل بالتعاون مع السيناريست كارت جونستيد..

واللذان عجزا عن ردم الفراغ الذي أحدثه الممثل جيرارد باتلر (تولى بطولة الجزء الأول)، فضلاً عن أن عدم سلاسة الربط بين العملين، حيث بدت القصة مسقطة بالقوة على العمل الجديد لتؤدي وظيفتها في التمهيد لجزء ثالث. وإذا أسقطنا العمل عن الجزء الأول وأنقذناه من المقارنة، يظل "300: نهوض امبراطورية" فيلماً يستحق الاهتمام، لا سيما وإنه تمكن من احتلال شباك التذاكر الأميركي بإيرادات تجاوزت 132 مليون دولار في أسبوع عرضه الأول.

وصف الناقد توم لونغ من صحيفة ديترويت نيوز بأن الفيلم "حمام دم ليس أكثر"، قد يكون صحيحاً لما يتضمنه الفيلم من كميات كبيرة من الدماء التي خضبت بحر "ايجه" الذي شهد ضراوة المعركة بين الفرس واليونانيين وإن كانت هذه الدماء قد صيغت مشاهدها باستخدام التقنيات..

 فيما تمكنت الممثلة إيفا غرين من لفت نظر النقاد إلى أدائها الرائع بهذا الفيلم، في حين قالوا إن أداء ستبلتون جاء ضعيفاً للغاية مقارنة مع أداء سلفه جيرارد بتلر، فضلاً عن ذلك نجد أن أحشوريوش (الممثل رودريغو سانتوريو) قد نفضت عنه الشخصية الصلبة التي رأيناها به في الجزء الأول. أما من حيث التصوير فقد بدا على حاله بين الفيلمين، معتمداً على التركيب التقني أكثر من اعتماده على البراعة، ففاق العمل في الاستوديو العمل على الأرض.

بعد سياسي
حاول كاتب السيناريو اللعب كثيراً على أحداث القصة عبر اعطائها بعداً سياسياً يعتمد على أسس الصراع بين الشرق والغرب، لنجد أنه حشا الفيلم بإسقاطات سياسية كثيرة بالحديث عن الديمقراطية والحرية التي لم يعرفها الفرس، والقيم الأخلاقية لليونان مقابل همجية أبناء الشرق، ليخرج بذلك من إطار الأسطورة التي لم يثبت حقيقتها بعد.

Email