«واجما».. قصة حب أفغانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسئلة كثيرة يمكن أن تثيرها مشاهد فيلم «واجما» للمخرج الأفغاني بارماك أكرم، الذي يقطن حالياً في العاصمة الفرنسية باريس، وبمجرد متابعته تشعر بأنك أمام فيلم واقعي محمل بالكثير من المشاعر المثيرة للأسئلة والتوقعات، فأحداثه تدور في إحدى المدن الأفغانية، تلك المدن التي تعودنا على ورود أسمائها في أخبار الحروب فقط، وغابت عن السينما لفترات طويلة نتيجة لما خاضته أفغانستان من حروب واقتتال. .

«واجما» هو قصة حب أفغانية، أسماء أبطالها لم تتغير ضمن سيناريو الفيلم، وهم أبطال حقيقيون يعيشون حالياً في كابول، حيث اشترك فيه كل من «واجما باهار» و«مصطفى عبد الستار» و«حاجي غول» و«بريشنا باهار»، ليقدموا معاً قصة جميلة تعكس واقع المجتمع الأفغاني بكل عاداته وتقاليده، وبعضاً من تفاصيل حياته اليومية، فوالد واجما الذي يعمل في حقول الألغام ويجتهد في تنظيفها من الألغام الأرضية، لم يتمكن أبداً من التنبؤ بانفجار سيقع في بيته، حيث تقع ابنته واجما ضحية إغراء مصطفى النادل الذي يعمل في أحد مقاهي المدينة، ويتمكن بسحره من خداعها وإقامة علاقة محرمة معها، تؤدي إلى حملها، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث والتوقعات التي تحمل بين طياتها الكثير من العنف تتحمل جله واجما التي تعتبر رمز الشرف بالنسبة لعائلة حاجي غول.

أحداث الفيلم فيها تسليط كبير على واقع المرأة بشكل عام، ليس في أفغانستان وحسب، وإنما في أي مكان بالمنطقة العربية، وهو يناقش قضية وقوع المرأة ضحية لمثل هذه المواقف، وكيف يتم التصرف حيال ذلك، خاصة وأن المرأة في المنطقة العربية تعتبر رمزاً لشرف أي عائلة، وبالتالي فأي تصرف خاطئ منها يمكن أن يؤدي إلى خدش هذا الشرف، ولذلك نجد أن الفيلم يعتمد بصورة كبيرة على ظروف حية وأداء طبيعي، وهو من الأفلام الحافلة بالرمزية، ولعل ذلك هو السبب الذي يقف وراء ترك المخرج لنهاية الفيلم مفتوحة، بحيث يعطي الفرصة للمتفرج للحكم على الأحداث من وجهة نظره، وأن يختار النهاية بحسب مخيلته، حيث فضل أن يختمه بمشهد بكاء الأم المرير بعد سفر ابنتها واجما إلى الهند لإجراء عملية الإجهاض، العملية الممنوعة في بلدها، فيما لا نعرف شيئاً عن مصطفى الذي يغيب عن المشهد كلياً.

ولذلك يمكن اعتبار هذا الفيلم منتمياً إلى سينما الواقع لشدة ما يحمله من رمزية عميقة، فواجهته الواقعية تكشف عن حبكة متقنة، تصاحبها مشاهد من فرح أفغاني نشاهده في بداية الفيلم، ومعارك الكلاب الوحشية في شوارع كابول، فيما يأخذنا إلى مشهد آخر وهو فقدان الوالد لتوازنه على الجليد بعد معرفته بالخبر، والتي يمكن ترجمتها كانعكاس للمشاعر الإنسانية الداخلية لشخصيات الفيلم.

أداء لافت

حاز فيلم «واجما» الذي عرض أخيراً في مهرجان أجيال السينمائي بالدوحة، جائزة أفضل سيناريو في مهرجان صندانس السينمائي في 2013، وتم ترشيحه لتمثيل أفغانستان رسمياً في فئة أفضل فيلم أجنبي في جائزة الأوسكار التي سيتم توزيعها في فبراير المقبل.

Email