أحداث الثورة المصرية دفعته للبحث عن إيرادات السوق الخليجي

«365 يوم سعادة» كوميديا خفيفة بعيداً عن نكد السياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

(365 يوم سعادة) فيلم مصري بدأت عروضه هذا الأسبوع في صالات السينما في الإمارات، ويعرض بجواره في الوقت ذاته، فيلم (فاصل ونعود) للنجم كريم عبد العزيز، في محاولة من قبل شركات الإنتاج والتوزيع تعويض جزء من الإيرادات، نتيجة ضعف الإقبال الجماهيري على الأفلام في القاهرة بعد أحداث ثورة 25 يناير، حيث أصبح الهبوط الشديد في سوق السينما المصرية مؤشراً واضحاً للدفع بالعديد من الأعمال إلى السوق الخليجي لتقليل الخسائر، وإن كانت الخطوة في حد ذاتها إيجابية، وتشكل عودة بعد تأخر كبير لمنافسة الأفلام المصرية، الأعمال الأميركية المسيطرة على قاعات العروض في المنطقة.

وفي الأسابيع المقبلة، سيتمكن جمهور السينما في الإمارات من مشاهدة أفلام مصرية حديثة منها (بنتين من مصر)، و(بون سواريه)، و(عمر وسلمى 3)، و(الفيل في المنديل)، كما ستأتي أفلام أخرى مثل: (الفاجومي)، و(صرخة نملة) و(18 يوماً)، وهي أعمال تعكس بركان غضب الشعب المصري، الذي ثار على نظامه القديم.

وفيلم (365 يوم سعادة) الذي حرص بطله الممثل أحمد عز على حضور العرض الأول له في دبي كنوع من الترويج وجذب المشاهدين، ينتمي إلى الأعمال الكوميدية الخفيفة، التي تهدف فقط إلى تسلية الجمهور، من دون الحاجة إلى مواقف تأملية أو مشاهد تحتاج الشرح والتحليل، بل هو خلاف ذلك، إذ يستدعي الاسترخاء والاستسلام لقفشاته ومواقفه وحواراته الطريفة، وهذا ما يتناسب حالياً ومزاج المتفرج المتخم بأخبار مجريات الأحداث السياسية والأمنية العربية هذه الأيام، ويحتاج إلى استراحة في قاعة سينما تخرجه من نكد ووجع السياسة إلى قصة اجتماعية بسيطة، يجد فيها مفردات الرومانسية ليحلم، ولغة السخرية ليضحك.

ويحكي الفيلم قصة شاب وسيم ورث عن والده كل مقومات الثراء من الشركة (التي حولها إلى مملكة للنساء) حتى القصر (الأقرب إلى القصور الملكية). وفي هذا العالم المترف يعيش (هادي)، الذي يجسده أحمد عز، على هواه فهو الأهم قبل الجميع، ولو على حساب مشاعرهم، حتى أن أرقام سيارته تحمل حروف (أ هـ م ـ 1) وتعني أهم واحد، معتمداً نظرية السعادة إلى أبعد مداها.. ومن مقوماتها بخلاف الفخامة المحيطة به، هوسه بالجميلات اللواتي يستدرجهن بعقد زواج عرفي، ويتركهن بعملية مدبرة مع صديقه الطبيب (شادي خلف)، بعدما يوهمهن بأن أيامه في الحياة معدودة وهو لا يريد أن يبقى عبئاً عليهن.

وهكذا يودع هادي كل مرة حبيبة حسناء جديدة بالدموع والهدايا، منتزعاً منها وعداً بأن تعيش حياتها من بعده، وتتمتع بها بشرط أن تسمي ابنها المستقبلي هادي، صوناً للذكرى الجميلة التي تركها في نفسها، وهذه النظرية التي يرتكز عليها الفيلم في بدايته، أسقط منها، وفي حوار كوميدي بين هادي ومدير شركته أنه لا يزال على تواصل مع كل النساء اللاتي تزوجهن.

وكلهن على استعداد لدعمه فيما يتعرض له من فشل في بعض الصفقات التجارية، ما يتناقض مع هذه (اللعبة) التي تفترض انقطاع التواصل وانقطاع الود بينه وبين (زوجاته السابقات)، وآخرهن المذيعة اللبنانية، والتي تقوم بدورها لاميتا فرنجية، والتي يفترض أن تكون أولى المتابعات لحفل زواجه الضخم، حين تأتي (نسمة) ، تؤدي دورها دنيا سمير غانم، لتقلب السحر على الساحر، فتوقعه بحبها وبأدواته نفسها، بعدما تحبك اللعبة مع صديقه الدكتور وزوجته ومدير شركته (لطفي لبيب)، فيعدها هادي بـ365 يوم سعادة، وهي المدة المتبقية لها في الحياة، بعد أن يصدق أنها مريضة، وستنتهي إلى موت محتم.

بالطبع هناك الكثير يمكن الوقوف عنده في الفيلم، لكن يأتي في الأهمية الحبكة المكررة، والتي شاهدناها في فيلم (الزوجة 13). ورغم محاولات الكاتب يوسف معاطي البعد عنها، لكنه يشير إليها باسم شادية بطلة الفيلم القديم على لسان هادي، ليعيد إلى الذاكرة المواصفات نفسها للبطل رشدي أباظة، والعمل بمجمله يمشي على حد الاستفادة القصوى من الأفكار، فما يكاد المتفرج يشعر بأن التركيز على الأسلوب الحياتي للبطل، ومبالغة في تصوير الفخامة والثراء وصلت إلى حد الإرهاق، حتى تبرز حكاية الحي الفقير الذي تعيش فيه (نسمة) بأجوائه الشعبية التي تحدث التوازن.

وما إن يحس المتابع أن حكايات هذا الشاب العاطفية، ورغبته في اصطياد النساء تبلغ أيضاً حداً لا يجد له المشاهد مبرراً، حتى يبوح الشاب بهواجسه الداخلية إلى (نسمة)، ويعترف بالسبب الكامن وراء تهربه الدائم من الزواج، وما إن يشعر المتفرج بالملل من تكرار مشاهد أسرة نسمة الشعبية وتدميرهم لقصر هادي بسلوكهم السوقي، حتى يتم افتعال نهاية تفقد الكثير من بناء الفيلم ومجهود أبطاله، ما يؤكد أن العمل كان من الممكن اختصاره والتركيز على بعض العناصر والجوانب، لنقل فكرة الفيلم إلى حيّز أقوى وأكثر متانة.

Email