THEHUNTED..اتهام مباشر لصناعة القتلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 9 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 10 مايو 2003 يعتبر فيلم «المطارد» من الافلام الجيدة التي تعالج موضوعا في غاية الأهمية وبجرأة عالية تجعلنا كمشاهدين ننظر باعجاب وبانبهار الى هذه الحبكة الدرامية الانسانية الجميلة التي تظهر الفرد وقد تحول بقدرة قادر من شخص عادي يمارس حياته بشكل طبيعي الى قاتل محترف بأمر الدولة، غير ان الفيلم لا يتوقف عند ذلك فقط بل انه يتطرق الى نتائج هذا التحول عندما تفقد السيطرة على حالة مستعصية اتخذت من حرفة القتل طريقة للعيش بحيث لا تفرق بين الاشخاص المستهدفين وغيرهم من اناس ابرياء، وتبدأ الاحداث في معسكر للقوات المسلحة حيث يتدرب الجنود على عمليات القتل وصناعة الأسلحة من الحجارة والحديد واغصان الشجر وتهيئتهم للمواجهة في أية ظروف، ويقوم بتدريب الفرقة «بونام» الذي يجيد فنون القتال اليدوي ومعرفته بالمواضع القاتلة في جسد الانسان، ويحدث ان يلتحق بالمعسكر المجند «هالام» الذي يبرع في هذه الفن القتالي و ينجز المهام الموكلة اليه بغاية الدقة، لكن الأمور تنفلت وتصبح السيطرة عليه امرا مستعصيا اذ انه لا يفرق بين الاشخاص الابرياء وبين غيرهم، مما يؤدي الى تدخل جهاز المخابرات لوضع حد لتهورات هذا الشخص، وهنا نجد التباين في وجهات النظر بين قطاعين حكوميين لكل منهما غاياته وأهدافه، ويأخذ المدرب «بونام» على عاتقه مهمة اقناع «هالام» بالكف عن هذه الممارسات الخاطئة غير ان الاخير كان قد وصل الى مرحلة تشبع فيها بكل ما تعلمه من مدربه، ولذلك تبقى معظم احداث الفيلم تمثل الصراع بين الاستاذ والتلميذ، والشيء الملاحظ هو هذا الصراع الداخلي الذي يعاني منه المدرب وهو حبه لتلميذه النجيب على المستوى الشخصي والمهني وبين واجبه في القبض عليه، هذا الصراع يتجلى بقوة في كل مواجهة تحدث بينهما، وعلى قدر شراسة القتال بينهما كان ينادي الاستاذ تلميذه «بالابن» وفي الجهة الاخرى كان يصر «هالام» على حسم الصراع بقوله «ان لم تقتلني قتلتك»، ولعل النهاية قد بلورت هذه العلاقة الفريدة، فعندما يقتل الاستاذ تلميذه يأخذه بين احضانه ويبكيه بحرقة. من حيث الموضوع وكما اسلفنا فان الفيلم يقدم صرخة عالية في وجه من يقومون بصناعة القتلة واعادة تشكيلهم بما يقضي على الجوانب الانسانية فيهم، ولعل في هذا اتهام صريح لاجهزة الدولة المسئولة عن ذلك. اما من ناحية الفنيات فقد كان الكادر الفني على قدر المسئولية وقد تماهى بحرفية زائدة مع المضمون ليقدم صورة جميلة تغني عن الكلام في بعض الأحيان، كذلك اختبار الغابات وشلالات المياه المتدفقة كاختبار حقيقي لمقدرة الابطال لتجسيد شخصياتهم، وكاختبار ايضا للكاميرا في اختيار زواياها الرائعة، اما الحوار فقد كان موفقا للغاية خصوصا الجمل التي جاءت على لسان «هالام»، اذ انها تبين صدقه مع نفسه ومع التعليمات التي تلقاها اثناء التدريب، وكأنه يريد أن يقول «انا انفذ ما تعلمته منكم، واقوم بواجب وطني على أكمل وجه» هذه المقولات توقع المسئولين في حرج كبير، وفي نفس الوقت تبين تعارض المصالح بين اجهزة الدولة الواحدة، ولعل المشاهد يبدي تعاطفا مع هذه الشخصية القاتلة انطلاقا من انها قد جُني عليها قبل ان تجني على الابرياء، الفيلم جيد وهو مناسب لأن يشاهده جميع افراد الأسرة. عز الدين الأسواني

Email