حسن عطا .. مبدع متألق في زمنٍ صعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 5 محرم 1424 هـ الموافق 8 مارس 2003 اللون الغنائي اللحجي لون من ألوان الغناء اليمني، يعتبر من أخصب الألوان الغنائية اليمنية، بل شكل مدرسة متفردة في ايقاعاته وموسيقاه ومفرداته الشعرية التي ابدع فيها عدد كبير من الشعراء اللحجيين يتقدمهم الشاعر الأمير احمد فضل العبدلي، المشهور بـ «القمندان» ومنهم الشعراء عبدالله هادي سبيت، مبروك سرور، صالح نصيب وغيرهم من المبدعين المتألقين في هذا المجال والشاعر «القمندان» جمع بين الشعر ورعايته للموسيقيين والفنانين اللحجيين وتبنيهم والدفع بهم إلى واجهة الشهرة كما فعل مع الفنان القدير الراحل محمد فضل اللحجي.أما في مجال الغناء فهناك صف كبير لايمكن أن نبرزهم جميعاً في هذه المساهمة الضيقة فتاريخ، اللون الغنائى اللحجي والمبدعين فيه طويل وزاخر بالعطاءات الجميلة ولكن يبرز في الصف الأول الفنان فضل محمد اللحجي والفنان احمد يوسف الزبيدي وفيصل علوي الذي جمع بين جيل القدامى والجيل المعاصر للغناء اللحجي، ولكن يبقى الفنان حسن عطا واحد من الذين اثروا ساحة الغناء اللحجي بفن عظيم مازال خالداً حتى اليوم، وحسن عطا هو من نتحدث عنه اليوم خاصة وانه يعاني من مرض اقعده الفراش ومنعه من مزاولة الغناء ولكن رصيد هذه الفنان يكفيه فقد قدم العشرات من الاغاني العاطفية والوطنية وهو ما يشفع له ويجعله أحد أهم الفنانين اليمنيين. الفارس اللحجي ولد الفنان حسن عطا سنة 1935 في مدينة الحوطة عاصمة السلطنة اللحجية واحدى اهم المدن اليمنية لما تتفرد به من فنون شعبية وتخريج العازفين الموسيقيين والمطربين والشعراء وفيها ايضا يصنع اجمل عطور النساء اليمنيات «البخور وعطر الزباد». بدأ حياته العملية قبل ان يبدأ الغناء سنة 1950 في مهنة التدريس التي مارسها لسنوات طويلة في سلك التربية والتعليم شغل فيها عدداً من المناصب كان آخرها عميداً لمعهد دار المعلمين والمعلمات في الحوطة. وفي سنة 1974 عين مديراً عاما للثقافة والسياحة على مستوى محافظة لحج وشغله حتى سنة 1980 ثم عاد مرة ثانية لسلك التدريس حتى أحيل للتقاعد سنة 1989 بعد تسعة وثلاثين سنة من الخدمة. ثورة الجزائر عندا قامت ثورة 23 يوليو 1952 كانت المحافظات الجنوبية في اليمن تحت نيران الاستعمار البريطاني «نالت استقلالها الكامل في 30 نوفمبر 1967» وكانت عدن مثل كثير من المدن العربية تخضع للاستعمار البريطاني اوالفرنسي، ومع بداية التحرك الشعبي الجزائري في سنة 1956 كانت هذه الثورة الشعبية بحاجة الى الدعم الشعبي العربي مادياً ومعنويا كما انها وجدت صدى كبيرا في عدن ولحج اللتان كانتا تحت نيران الحكم البريطاني ومنهما انطلقت الاصوات المنادية لدعم ثورة الجزائر وعلى اثرها تم انشاء «ندوة الجنوب الموسيقية» التي انشئت خصيصا من اجل احياء الحفلات الفنية لدعم الجزائر. والمؤسسون لها هم فضل احمد اللحجي، عبدالله هادي سبيت، سعودي احمد صالح، الاخوين عبده وعلي سالم النجار، صالح نصيب، محمود السلامي، علي عوض المغلس، محمد صالح حمدون، احمد وصالح يوسف الزبيدي، حسن عطا، ويلاحظ من الاسماء انهم جميعاً جمعوا بين كتابة الاغنية والتلحين والاداء، وكان أول من غنى بعد تأسيس الندوة الفنان حسن عطا الذي قدم باكورة اعماله الوطنية «اخي في الجزائر يا عربي» و«فلتحيا الجزائر» كتب الأولى صالح نصيب ولحنها الأمير محسن بن احمد مهدي والأخرى من اشعار عبدالله هادي سبيت والحان محسن بن علي احمد نصر، وعلى مدى السنوات الأولى من الثورة الجزائرية كان حسن عطا الفارس الأول في الاغنية الوطنية المناصرة للثورة العربية واطلقت عليه الجماهير انذاك «أول ثائر يمني» لانه أعقب اغانيه الوطنية لثورة الجزائر بأغاني وطنية تحث الجمهور اليمني على طرد الاستعمار البريطاني وكان ذلك من خلال اغانيه «باسم هذا التراب، ثرنا على الرجعية، سوف نثأر يا أخي، يا يمن يا خالدة» وغيرها. التألق العاطفي في جانب الأغنية العاطفية كان حسن عطا واحداً من المتألقين والفنانين البارزين وتشهد ساحته الفنية بأكثر من رائعة غنائية نذكر منها من باب الاستدلال «يا ساكنة مهجتي، منقب صدفة لاقيته، يا محلا ذا الجميل محلاه، حالتي ترحم «أول لحن له» ساكت ولا كلمة، اشتهر بها فيما بعد الفنان الراحل احمد يوسف الزبيدي. لقد تميز فنان الحوطة بمزايا عديدة منها صوته الجميل، وأعماله المختارة، الى جانب طيبته وبساطته، كما يعود له الفضل في اكتشاف اصوات غنائية لحجية مثل عبدالكريم توفيق وفضل ميزر وبشير ناصر، كما كان يشهد له بالكثير من المواقف الإنسانية وبالرغم من هذا المشوار الثري بالعطاء الصادق إلا أن حسن عطا ظل بعيداً عن أعين المسئولين الذين لم يهتموا به ويوفروا له الرعاية الطيبة وشأنه في ذلك شأن الكثير من المبدعين اليمنيين الذين يعيشون في أوضاع متردية وصعبة للغاية. ان التذكير بهذا الفنان وما آل إليه وايقاظ ذاكرة الآخرين بأعماله الغنائية الوطنية والعاطفية انما هو من باب الشعور بما قدمه حسن عطا وأمثاله من المبدعين والمتألقين في مختلف مجالات العطاء المتميز والمتفرد ونأمل أن يكون حسن عطا قد حظي بشيء من الاهتمام والرعاية وان يكون قد تلقى دعوة بالسفر إلى الخارج لعلاجه من قبل القائمين على الثقافة والمبدعين

Email