تخشى الوحدة بعد التقاعد، الإعلامية أمل عبدالله : حالة فقدان الوعي أصابتنا في كل الأشياء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 8 ذو الحجة 1423 هـ الموافق 9 فبراير 2003 المذيعة التلفزيونية والإذاعية والإعلامية القديرة أمل عبد الله واحدة من الرموز الإعلامية فى الوطن العربي..هي واحة من العطاء والإخلاص على مدى 33 عاما هو عمر مشوارها الإعلامي قدمت خلالها مجموعة كبيرة من الأعمال التلفزيونية من برامج سياسية ومنوعة بالإضافة إلى العديد من الأعمال الدرامية فى مجال الإنتاج التلفزيوني والاذاعي التي حصدت من خلاله العديد من الجوائز. هى شقيقة النجمة الكبيرة سعاد عبد الله.. لقد أعطت الكثير من اجمل سنوات عمرها من اجل هذا الجهاز الإعلامي..ولكنه مازالت تطمح وتحلم وتتمنى..ولكن الآمال العريضة التي تسعى إلى تحقيقها تصطدم بعمر الزمن الذي يقف حائلا دون تحقيق الحلم. فى البداية سألتها : ـ ماذا عن أمل عبد الله وطفولتها..وكيف كانت البداية الإعلامية ؟ ـ كانت طفولة اقرب إلى الانطوائية، فأنا منذ طفولتي أميل الى الوحدة ومع ذلك كنت احب الصديقات الأكبر سنا وخبرة فى الحياة، بدأت التقط من هؤلاء ملامح ثقافية، كانت عندنا فى الكويت مكتبات محدودة وكانت تبيع كتب صغيرة بطبعات من بيروت ثمن الكتاب لا يتعدى «روبية» وهى العملة التي كانت سائدة عندنا فى ذاك الوقت، توقفت عن الدراسة وأنا فى الصف الثاني متوسط وعندها فكرت فى العمل بعد أن وجدت انه لا يكفيني ان آكل واشرب فقط بل أنا بحاجة فى حياتي إلى أمور أخرى فعملت فى وزارة الصحة وكان عمري ستة عشر عاما، لقد مررت بتجربة زواج استمرت لمدة عامين من شخص يكبرني فى العمر ولم تنجح هذه التجربة وتم الانفصال فى أواخر الخمسينيات وكان عمري وقتها ستة عشر عاما وذات يوم فوجئت بإذاعة الكويت تطلب مذيعات للعمل فذهبت وقدمت طلبا للتعيين وبعد أسبوع استدعوني للإذاعة وتم اجراء اختبار شخصي بقراءة نشرة الأخبار ومن ثم عدت إلى المنزل وكان ذلك فى الصباح وبعد ساعتين من عودتي إلى المنزل فوجئت بهاتف يخبرني بأن اذهب فى اليوم التالي إلى الإذاعة لاستلام العمل، بعد ذلك التحقت بالدراسات المسائية واستكملت دراستي وحصلت على الثانوية وبعدها تزوجت من زميلي المخرج عبد الأمير مطر والد أبنائي عام 1968م. التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية فى بداية افتتاحه حتى تخرجت منه فى عام 1980وكانت شقيقتي سعاد عبد الله تدرس معي فى قسم تمثيل وإخراج. والتجربة الوحيدة في التمثيل المسرحي كانت عام 1964مع فرقة المسرح الكويتي ولكنها فشلت ولم أكررها مرة أخرى وكانت فى مسرحية «حظها يكسر الصخر». ـ بعد مشوار طويل فى عملك الإعلامي ووصولك الى مستوى عال فى وضعك الوظيفي ونجوميتك الإعلامية تعودين إلى مواصلة دراستك ! ما الدافع الى ذلك ؟ ـ فى الواقع لم تنقطع علاقتي بالدراسة فى يوم ما رغم كل النجاحات التي تحققت والشهرة التي حظيت بها، أنا أؤمن بالحديث الشريف ( اطلبوا العلم من المهد الى اللحد ). لقد وجدت أن الشهرة ستنتهي فى يوم ما عندما أتوقف عن العمل والمناصب سوف توزع بشكل أو بآخر على من هم الأقرب لجهة الاختصاص وأنا لست بالأقرب ولا بذات الحظوة عند المسئولين، ولهذا لن اصل الى المنصب الذي استحق هذه الأسباب وغيرها دفعتني إلى الاتجاه نحو الدراسة. ـ لماذا ابتعدت عن تقديم نشرات الأخبار والبرامج السياسية ؟ ـ الحقيقة هناك تفريط كبير ومبالغ فيه بالكفاءات الإعلامية جعلها تتسرب واحدة تلو الأخرى بدون أن يكون هناك إنسان مسئول يقف ويتساءل عن سر غياب هذه الكفاءات الإعلامية، وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك فقداناً فى الوعي أصابنا كما أصاب العديد من الأشياء، لقد ابتعدت عن المجال الإعلامي مرغمة هناك اعتبارات منها ما احتفظ به لنفسي، واصبح ظهورى مقتصراً على تقديم برامج محددة. ـ الخطة الإعلامية المستقبلية تدعو إلى رفع كفاءات الإعلاميين من خلال بعثات ودورات وأنت من أصحاب الخبرات ؟ ـ أتمنى من كل قلبي أن أجد لنفسي موطئ قدم فى حركة التطوير واستغلال الكفاءات المتميزة فى خدمة الإعلام اكثر من 37 عاما فى الوقت الذي فيه الظروف الاجتماعية تمنع الفتاة الكويتية من العمل فى المجالات الإعلامية والفنية، وتسأل : لماذا إذن التفريط فى الكفاءات الإعلامية المدربة ولا تحتاج الى تدريب، أيهما افضل، أن آتى بمن ليس لديه خبرة كي أدربه من جديد؟ أنا مع التطوير وجذب العناصر المدربة وأصحاب الخبرات والتاريخ الإعلامي خاصة أننا فى الكويت عددنا فى الحقل الإعلامي بسيط جدا ولا يرقى لمستوى الأعداد الكبيرة فى مصر ودول عربية أخرى اكثر كثافة سكانية، وبالتالي يجب المحافظة على هذه الكفاءات، ولا أقول ذلك تحقيقا لذاتي، الحمد الله لقد تحققت ذاتي من خلال تقديم العديد من البرامج على الساحة الخليجية اضافة إلى قراءاتي لنشرات الأخبار، ومن خلال كتاباتي، والعديد من النشاطات، ولكن هناك من الزملاء والزميلات ممن تركوا المجال الإعلامي وابتعدوا عنا نظرا للظروف الصعبة التي واجهوها وأجبرتهم على الابتعاد. ـ ما هو الهدف من الدراسة بعد هذا العمر والمشوار والمكانة الإعلامية المتميزة ؟ ـ والمسألة بالنسبة لى حب فى الدراسة لكن وللأسف كما تعلم إنني مسئولة عن أسرة وأولاد وظروفي المعيشية محدودة فى الإطار الوظيفي ولست وارثة لأموال وليس هناك من يمد لى يد العون لا ماديا ولا معنويا، إذن لابد من الاعتماد على نفسي، لذلك وجدت نفسي أعيش فى خضم صراع طويل وعريض من اجل تحقيق هذا الهدف الذي اعتبره من اسمى الأهداف وهو الدراسة، فى الحقيقة وجدت الكثير من الصعوبات للتكيف مع هذه الظروف فى المحافظة على عملي والدراسة فى وقت واحد لكن وجدت أن الجمع بين الدراسة والعمل فى نفس الوقت مسألة صعبة لأن ظروف الدراسة تستدعى وجودي خارج الكويت وأيضا هذا يحملني أعباء مادية ترهق ميزانيتي وفى نفس الوقت القانون الوظيفي لا يسمح أن أتغيب عن العمل اكثر من المعتاد ووفق الإجازات المتعارف عليها بالنسبة للموظفين ،إذن ليس بسبيل إلا بالتقدم بطلب لبعثة دراسية ،هذه البعثة سوف تعطيني مجال أن أتفرغ للدراسة وفى نفس الوقت الجهة التي ابعث من خلالها تدفع تكلفة هذه الدراسة وتعطيني مرتباً يساعدني فى إعانة نفسي فى أثناء الدراسة ويبقى مرتبي لمصروف أولادي ورعايتهم، لكن صدمت بالواقع المر بأن قانون البعثات لن يعطى بعثة لمن تجاوز سن الأربعين ! ـ ألم يشفع لك تاريخك الإعلامي وعطاؤك وتضحياتك الأسرية لأن تستثنى من هذا القرار؟ ـ فى الواقع أن القضية ذات عدة فروع وليست مرتبطة بوزارة الإعلام فقط كى تشفع لي سنوات خدمتي القضية مرتبطة بقانون ديوان الموظفين الذي يقول : من تجاوز الأربعين لن يسمح له ببعثة دراسية ! ـ هل لديك وجهة نظر فى هذه الفقرة القانونية ؟ ـ من وجهة نظري المتواضعة : ان من يسعى للحصول على الماجستير والدكتوراه لا يسعى إلا من هو دون سن الأربعين لأن من كان دون الأربعين يكون قد تخرج منذ سنوات ولا يزال يرتب أمور حياته الاجتماعية فيبدأ مع سن الأربعين الإحساس بالاستقرار بعد ان ينجز متطلبات حياته الأسرية وتصبح الأمور الأخرى اكثر نضجا أمامه وخاصة الأمور العلمية وبالتالي هو المستحق عن ابن الثلاثين أو اصغر. ـ لماذا اخترت موضوع أغاني النساء لأطروحتك لرسالة الماجستير ؟ ـ لقد كنت مهتمة بالتراث من خلال البرامج العديدة التي قدمتها، ووجدت ان أغاني النساء فى الكويت ذات أشكال وألوان متعددة، وفى حاجه الى من يهتم بها، بجمعها وتصنيفها، وبيان ما فيها من قيم فنية واجتماعية كبيرة.لذلك قررت أن أقوم بعمل دراسة متكاملة حول هذه الأغاني. وعلى الرغم من صغر الرقعة الجغرافية فى الخليج ،إلا أن هناك أشكالا عديدة من أغاني النساء تحتاج الى جهد كبير لاجراء الدراسة حولها، خاصة إن أحدا لم يتطرق إليها من قبل من حيث اللهجة واللفظ من منطقة الى أخرى. وهناك سمات مشتركة خليجيا وعربيا كأغاني رمضان والزواج والميلاد. والاختلاف فقط فى القالب الغنائي والنص.وفى بعض البلدان مثل عمان توجد بعض الاختلافات نظرا للبيئة الخاصة. وهناك اوجه تشابه مع عادات وتقاليد منقولة من بلاد غير عربية نتيجة الرحلات البحرية الى الهند وأفريقيا أيام التجارة والصيد. ـ التطور الذي حدث فى المنطقة هل أدى الى توارى هذه الأغنيات ؟ - لا شك أن التطور قد أثر بالفعل على وجود هذه الأغنيات. والتطور أصبح ضرورة لا بد منها ونلاحظ انه فى المجتمعات الخليجية قد شمل كل نواحي الحياة بما فيها اهتمامات النساء، بحيث أن هذه القوالب الغنائية لم يعد لها وجود إلا فى الاحتفالات والمناسبات، ولكن بعضها مازال يمارس فى بعض المناطق، الأفراح فى الكويت مثلا تكاد تكون عصرية، وان كانت بعض الطقوس القديمة لا زالت تمارس فى البحرين والسعودية وعمان، فهناك العديد من المناطق التي مازالت تحافظ على هذه السمات الفلكلورية. المرأة هي المرأة ـ كيف ترصدين التطور الذي لحق بالمرأة الخليجية فى الآونة الأخيرة ؟ ـ المرأة هي المرأة، وربما كان للتعليم اثر كبير فى تطورها، وتطور مسيرتها، والمرأة فى دول الخليج لم تعد تلك التي تقبع وراء الموقد كى تعد الطعام لزوجها، المرأة تطورت نتيجة للطفرة التعليمية التي حدثت لها، واصبح لها دور فعال ومؤثر فى الحياة الاجتماعية. ورغم ذلك فهي مازالت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجذور التراثية بالخليج. فهى مازالت تمارس بعض العادات التي كانت تمارسها الجدات فى السابق من حيث ترتيب البيت وتنسيقه ووضع الأثاث الفلكلوري به.كذلك الملابس، حيث مازالت المرأة الكويتية متمسكة بارتداء الأزياء التي كانت ترتديها الجدات فى الحفلات والأعياد.ومازالت الأمهات يحرصن على ان ترتدى بناتهن الحلي القديمة فى يوم الزفاف، وكذلك العطور، وكل ما يتعلق بمستلزمات العروس. وبصفة عامة، فالمرأة الخليجية لا تتطلع الى الموضة بقدر ما تعود الى القديم، وهذا يدل على تمسكها بعاداتها وتقاليدها وارثها الفلكلوري والفنى. ـ هل نستطيع القول بأن المرأة الكويتية قد حصلت على حقوقها كاملة ؟ ـ المرأة الكويتية استطاعت فى المجال العلمي أن تحتل مراكز متقدمة جدا، وكذلك فى المجال العملي حيث وصلت الى منصب وكيلة وزارة ومديرة في البنوك والشركات والمؤسسات الكبيرة فى الدولة، وإذا كان المقصود بالمكاسب الكاملة هو المكسب السياسي، فأنا أتصور أن أي مكسب يناله الرجل هو بمثابة مكسب للمرأة، لأن هذا الرجل أولا واخيرا ربما يكون ابني أو أخي أو زوجي، فهؤلاء من صنعهم ؟، المرأة طبعا. فاذن المكسب أولا واخيرا لهذه المرأة التي صنعت هؤلاء الرجال. وبالنسبة لتواجد المرأة داخل الحقل السياسي، فاعتقد إنها مسألة وقت وستأتى ككل الأشياء التي تحققت منذ الاستقلال حتى الآن. الرجل في المقدمة ـ رغم التطور الذي حدث للمرأة والحقوق التي حصلت عليها إلا ان الرجل يحتل المقدمة ؟ ـ لا اتفق معك فى هذا الرأي، لأن هناك الكثير من النساء فى كل المجالات حققن تفوقا كبيرا فى كل المجالات، ولكن نظرا للقلة فهي غير واضحة.وفى نفس الوقت فحرية التعبير فى مجتمعاتنا الخليجية والعربية بصفة عامة غير معطاة بشكل كامل للمرأة لذا نجد أن الكثيرات من السيدات لديهن أفكار متقدمة جدا لو أتيح لهن النشر، لحققن أسبقية على إبداعات وأفكار الرجل. ـ أين تكمن حرية المرأة ؟ ـ حين تمتلك حقوقها كإنسانة ؟ حوار: محمد زغلول دياب

Email