من تاريخ السينما العالمية «الجذور»، السينما في أوروبا وأميركا انتشرت عبر أصحاب المغامرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 22 شعبان 1423 هـ الموافق 28 أكتوبر 2002 ينهي الناقد والمؤرخ السينمائي ديفيد روبنسون رصده للسينما العالمية خلال فترة الجذور والبدايات عندما يرى ان المال كان أقوى الوسائل أثراً على تطور السينما حيث الاصرار على انتاج جهاز يمكنه عرض صور متحركة انتهى بابتكار آلة سينماتوغراف والفانتوسكوب. لقد كان المال دائماً، وبشكل جوهري، هو أقوى الدوافع اثراً في تطور السينما فحماس الجمهور الذي اقترن برنين العملات المعدنية الذي يأخذ اللب في شبابيك تذاكر الكاينتوسكوب كان هو، ربما قبل أي شيء آخر، ما أعطى القوة الدافعة للمرحلة الأخيرة في السباق لانتاج جهاز يمكنه عرض صور متحركة. كانت ايرادات الكاينتوسكوبات محددة نظراً لحقيقة انه لا يمكن لأكثر من مشاهد واحد استخدام الككاينتوسكوب في وقت واحد. وجرت محاولة لحل هذه المشكلة عن طريق الفوتوزوتروب الذي ابتكره ننري جولي وقام بالاعلان عنه شارل باتيه حيث كانت الآلة الواحدة تحتوي على أربع فتحات للمشاهدة وتعرض فيلمين، غير ان الحل الحقيقي وبوضوح تام، كان هو العرض بجهاز عرض. من الناحية الفنية، وكما رأينا، فإن الاخوين لوميير هما من فاز في هذا السباق للوصول الى طريقة لدمج مبدأ عمل الكاينتوسكوب مع الفانوس السحري القديم، ولعلها مسألة حظ، ربما انهما كانا يتمتعان ببعض المزايا مقارنة بالكثير من منافسيهما. نظرا لكونها رجال صناعة أثرياء ولديهما المصادر الاقتصادية اللازمة لتطوير وحماية واستثمار اكتشافاتهما. وكان لويس لوميير (1864 ـ 1948) وأوجست لوميير (1862 ـ 1954) قد انخرطا في العمل بمصنع أبيهما الفوتوغرافي في ليون في 1884، حيث كان الأول في الثامنة عشرة والثاني في العشرين، واستطاعا تعديل الموقف المالي المتداعي لشركتهم من خلال نجاحهما في تصنيع ألواح «العلامة الزرقاء» الفوتوغرافية. وبحثاً عن طريق لمزيد من التوسع، يقال ان أباهما انطوان لوميير اقترح القيام بتصنيع أفلام لكاينتوسكوب اديسون. ثم بدأ الاخوان في محاولة ابتكار كاميرا، وقبل فبراير 1895 تمكنا من تسجيل براءة اختراع جهاز يقوم بتصوير الافلام وعرضها على السواء. وفي مارس سجلا تطويراً اضافياً على الجهاز الذي عرف باسم السينماغراف الذي كان عبارة عن ماكينة دقيقة الصنع من الماهوجني والنحاس، لاتزال إلى الآن معجزة في الاتقان والجمال. خلال بقية عام 1895 انشغل الاخوان لوميير في تقديم عروض دعائية مدروسة بعناية لجمعيات التصوير الفوتوغرافي. كما قاما بتطوير اعضاء الجمعية الفرنسية للتصوير الفوتوغرافي. كما قاما بتصوير أعضاء الجمعية الفرنسية للتصوير الفوتوغرافي أثناء اجتماعهم في شهر يونيو. وفي اكتوبر قرر الاخوان انه قد آن الاوان لاستثمار اكتشافهما العلمي كعرض شعبي، واجريا مفاوضات مع متحف جريفان ومسرح الفولي برجير غير انها لم تصل الى شيء، كما تقدما بعرض لاستئجار غرفة فوق مسرح روبرت هاودن ـ الذي سرعان ما سيلعب دوراً بارزاً في تطور السينما ـ ولم يثمر هو الآخر. وأخيراً استقر الاخوان لوميير على قاعة الصالون الهندي، وفي 28 ديسمبر 1895 قُدم أول عرض سينمائي رسمي في العالم. الحدث، من الناحية العملية، قد مر دون ان يلاحظ، فالصحفيون الذين تمت دعوتهم الى العرض كان لديهم جميعاً أشياء أفضل يفعلونها ليلة السبت تلك، وهكذا لم ترد اشارة بجراند باريس الصباح التالي لهذا العرض، بل والواقع ان بلدية باريس حين أرادت في 1924 تخليد هذه الذكرى بوضع لوحة تذكارية مكان مبنى الجراند كافيه، الذي كان قد اختفى قبل عام، لم يستطع أحد ان يتذكر بدقة تاريخ عرض الاخوين لوميير. ولكن جمهور 1895 من الناحية الاخرى، لم يتردد كثيراً في الاقبال على هذه البدعة، ففي يناير كانت هناك طوابير من راغبي مشاهدة تلك العروض، ذات الدقائق العشرين أمام قاعة الصالون الهندي. وفي غضون أسابيع من عرض الاخوين لوميير نجح المخترعان الانجليزيان بيرت اكرز (1854 ـ 1918) وروبرت وليم بول (1870 ـ 1943) في تقديم عروض سينمائية. كان بول صانع اجهزة علمية، وفي 1894 اتصل به يونانيان وطلبا منه أن يقلد لهما كاينماتوغراف أديسون، وسرعان ما راح بول ينتج أعداداً كبيرة من هذه الماكينات المزيفة لحسابه الخاص، وعندما رد اديسون على هذا برفض توريد الافلام لغير أصحاب ماكيناته الأصلية شرع بول في صناعة كاميرا بالتعاون مع أكرز. وفي مايو 1895 سجلا براءة اختراع كاميرا وقاما بتصوير أفلام بالفعل، وقبيل انتهاء السنة نفسها كانا يعرضان هذه الافلام، كما بدأ تقديم عروض منتظمة ضمن برنامج قاعة الهمبرا الموسيقية ـ بعد اسبوعين فقط من تقديم السينماتوغراف على مسرح الامباير بمعرفة مندوب لوميير ـ فنان الخدع البصرية الصابق فيليسين تريوي. وفي ألمانيا كان ماكس سكلا دانوفسكي (1863 ـ 1939) وهو من عائلة تخصصت لوقت طويل في عروض التسلية البصرية بمختلف أنوعها، يجرب في اتجاهات مستقلة بمفرده. والحقيقة ان عرضه الجماهيري الأول بجهازه البايسكوب في وينترجارتن ببرلين كان أسبق زمنياً من العرض الأول بالصالون الهندي، وكانت آلته دقيقة الصنع التي استخدمها تعمل بشريطي فيلم متوازيين وعدستين، ولذا يصعب اعتبار جهاز عرض على الشكل المعروف لجهاز العرض. وفي أميركا قام توماس أرمات وسي. جنكينز بتطوير جهاز عرض هو الفانتوسكوب قادر على تقديم عروض تجريبية قبل نهاية 1895. ثم حصل أديسون على حق استغلال اختراعات أرمات وجنكينز وقدم جهاز عرض أطلق عليه فيتاسكوب اديسون. وجرت أول العروض الجماهيرية للفيتاسكوب في قاعة كوستر وبيال الموسيقية، بالشارع الرابع والثلاثين في نيويورك، قبل أكثر من شهرين من ظهور سينماتوغراف لوميير في اميركا بقاعة بي.اف. كيث الموسيقية. وقبل نهاية 1896 كانت السينما قد انتشرت عبر أوروبا وأميركا من خلال توكيلات أصحاب القاعات الموسيقية والمغامرين من محترفي العروض بأراضي المعارض الكبرى.

Email